يقول موسى الصدر : ( الطائفية السياسية تكريس متطور لنظام التعايش القبلي الذي لا يمكن أن يشكل وطنا وأن يوحد المواطنين ) .
ويقول فكتور هيجو : ( غزو الأسلحة يمكن مقاومته ولكن لا يمكن مقاومة فكرة حان وقتها ) .
الذي حدث في العراق بعد الاحتلال عام 2003 هو تدمير لروح وجوهر المواطنة من أساسها في العراق وأحلت محلها مبدأ المحاصصة الطائفية المقيتة التي جعلت المواطن العراقي ينغلق ويتقوقع في داخل طائفته معتبرا إن الطائفة هي الوطن وكل ما سوى الطائفة باطل وهنا استفاد رجال الدين والطائفيون والأحزاب الإسلامية من ذلك ليطلقوا العنان لشهواتهم المريضة في سرقة المال العام والاستبداد والطغيان وظلم العباد الذي صار عنوانا للمرحلة السابقة متسترين بالدين والطائفة وبمظلومية أهل البيت , ووصل نتيجة لذلك المجتمع العراقي إلى حافة الانهيار وأوشك على الانقراض وأصبح العنف بين الطوائف هو عنوان المرحلة واستطاعت الأحزاب الإسلامية بقيادة حزب الدعوة من صياغة عقد اجتماعي جديد يعتمد الطائفة كأساس اجتماعي فالشيعي في العراق يجب أن ينتخب الأحزاب الإسلامية الشيعية والسني يجب أن ينتخب الأحزاب الإسلامية السنية ليصل إلى دفة حكم العراق كل الإمعات المرتبطة بإيران وتركيا والسعودية ولكم سادتي أن تستعرضوا ساسة وحكام العراق منذ 2003 ولحد الآن وأتحدى الجميع أن يجد لي سياسي واحد في العراق ليس له ارتباط إقليمي مع دول الجوار الإقليمي أو أجهزة المخابرات الدولية التي تعيث فسادا في العراق من شماله إلى جنوبه .
نتيجة لكل ذلك ظهرت طبقة في المجتمع العراقي لم تحسب الأحزاب الإسلامية الحاكمة لها حساب تتمثل بطبقة المثقفين أو طبقة ( فاقدو المواطنة ) وقد يكون في التسمية بعض القسوة ولكني أقصدها فالمثقف العراقي وطبقة الشباب الواعي لم تحسب لها حكومات الاحتلال أي حساب فانكمشت هذه الطبقة على نفسها وبنت لنفسها أبراجا عاجية لا يمكن اختراقها في عالم افتراضي يتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) لتبث فيه رؤيتها وأفكارها وخصوصا إن أفكار الشباب مبنية على واقع مزري سببته الحكومات المتعاقبة على العراق منذ الاحتلال ولحد الآن , فاستطاعت طبقة الشباب العراق الواعي من بناء منظومة محكمة وقوية للثورة ضد فساد الإسلام السياسي الحاكم , ومن أول شرارة انطلقت ثورة هزت عروش الطغاة والفاسدين في العراق وأطاحت بهم في غمضة عين واثبت الشباب العراقي إنهم أقوى من كل منظومة الحكم الفاسدة بكل كارتلاتها ومليشياتها في العراق ليدوي شعار ( باسم الدين باكونه الحرامية ) في أرجاء العراق وينتقل كما النار في الهشيم .
لقد وضع الشباب العراقي حدا لثقافة الخرفان التي تجتر بدون عسر هضم ( ثقافة ال نعم ) لكل شيء يقوله رجل الدين والتي رسختها الأحزاب الإسلامية الحاكمة بكل أنواعها وأطيافها , لتظهر ثقافة ( ال لا ) لكل شيء لا توافق عليه قناعة الجمهور ويتنافى مع الإرادة الواعية للشعب .
لا حاكم إلا الشعب , لا عاصم إلا الشعب , والسلطة بيد الشعب دون وسيط شاء من شاء وأبى من أبى . هذا هو الذي يحدث الآن في العراق فتحية لكل شباب العراق وثواره فهم وكما قال الشاعر :
على أقدامهم سقط المحالُ وأورقت الرجولةُ والرجالُ
وألف تحية واحترام للإعلام الرصين الذي ساند الثورة الشبابية ودأب على نقل وقائعها بحرفية عالية وساند رجالها وأدام زخمها .
الطبقة السياسية في العراق ( الأحزاب الإسلامية بوجه خاص ) تتكسب من الدين وتعتمده طريقا ومنهجا في استغفال البسطاء من أبناء الشعب العراقي والدين براء من أساليبهم واجل وأكرم وما التأييد الذي لاقته المظاهرات من مرجعية النجف إلا خير دليل على إن المظاهرات المستمرة في ساحة التحرير وعموم محافظات ومدن العراق خرجت لإصلاح الوضع الفاسد والمتردي الذي يعيشه المواطن العراقي , وما محاولات بعض الشخصيات السياسية من جماعة الإسلام السياسي لتصوير إن المظاهرات خرجت ضد الدين أو ضد المذهب إلا محض هراء وافتراء ورحم الله الشافعي حينما قال : ( لأن أتكسب من الرقص خيرٌ لي أن أتكسب من الدين ) .
ثورة الشباب العراقي ستنتصر مهما حاول الطغاة لجمها ولن يستطيع احد إيقافها أو محاربتها ولله در الشيخ عبد القادر الكيلاني حينما قال : (من حاربَنا حارَ بِنا ) .