لا ريب أنّ زيارة رئيس الوزراء ” المؤقت ” الى كردستان كانت وما برحت مفاجئة ” إنْ لم نقل مباغِتة الى حدٍّ ما ” سيّما الى الإعلام والى عموم الرأي العام , فالعراق يعيشُ حالة احتقانٍ سياسيٍ وعلى صُعُدٍ داخليةٍ – داخلية , بجانب كلا الصعيدين الدولي والأقليمي ممّا لا يسمح به الظرف لرئيس الوزراء لمغادرة العاصمة , فالتطورات الأمنيّة التي حصلت في الأيام الماضية ومضاعفاتها مستمرة على مدار الساعة , وليس اقلّها عمليات اغتيال الصحفيين وناشطي التظاهرات والتي تشعل رؤى ومشاعرالجمهور ودونما اكتراثٍ ولا ايّ تعليقٍ من عبد المهدي ولا من رئيسي الجمهورية والبرلمان .!
لا نبتغي هنا الإستباق بإبداءِ آراءٍ حول اهداف وتفاصيل الزيارة التي لم تكتمل بعد , ومع قناعاتٍ مسبقة بأنّ ما سيذاع او يُنشر في وسائل الإعلام او في البيان الصحفي الرسمي للزيارة , فهو ليس كما يجري التباحث عنه في المباحثات الخاصة بين عبد المهدي والوفد المرافق له وبين قادة الأقليم .!
هنالك بعض الجوانب والمؤشرات الملفتة للنظروالتي رافقت الزيارة منذ انطلاقتها وطيرانها , فقد لوحظَ أنّ رئيس الوزراء المؤقت قد طارَ الى اربيل على متن طائرة نقل – Transport عسكرية عراقية وليس على متن طائرة رئاسية او احدى طائرات الخطوط الجوية العراقية .! , لماذا يا تُرى ذلك ؟ رغم أنّ مدة الوصول الى مطار اربيل لا تتجاوز ساعةً ونيف , فهل يمكن الإفتراض سيكولوجياً هو الخشية من تعرّض طائرة عبد المهدي الى صاروخٍ افتراضيٍ على غرار الطائرة الأوكرانية في ايران او ما شابه ذلك مثلاً .! كما هل يعزّز ذلك افتراضٌ آخرٌ أنّ طائرة عبد المهدي العسكرية ربما او قد يستعصي متابعتها او مراقبتها من قِبل دولٍ استعماريةٍ لها سفاراتها وقواعدها الجوية في العراق .! , وفي الواقع فلا نحبّذ الميل كلّياً الى ذلك , ولا نجرّده كلياً من محاولة إضفاء صبغة او طابعٍ دراميٍ – سياسيٍ على هذه السفرة .!
مِنْ خلال متابعتنا لإجراءات وتفاصيل هذه الزيارة واعتباراتها , فَلَمْ يجرِ تهيئة وإعداد مراسم استعراض حرس الشرف لرئيس الوزراء في مطار اربيل كما يجري إجراؤه لرؤساء الدول عند زيارتهم للإقليم .! ولعلّ ذلك أنّ القيادة الكردية اعتبرته من أهل البيت , وأيَّ بيت .!
ايضاً , عندَ نزولِ معالي رئيس الوزراء من الباب السفلي لطائرة الشحن العسكرية العراقية , فعدا السجّادة الحمراء ذات اللون الغامق وليس الفاتح , فلَم يكن ايّ حضورٍ لشخوصٍ او ضبّاط بالزيّ العسكري الكردي كأعتباراتٍ بروتوكولية لمراسم استقبال رئيس دولة العراق , مع اعتقادٍ أنَّ ايّة حركةٍ من قادة الأقليم تكون مدروسةٌ مسبقاً وبالعناية الفائقة .!
ثُمَّ , حيثُ أنّ الزيارة المفاجئة لرئيس الوزراء لابدّ أنْ تكون لها خصوصيتها , لكنَّ اجتماعات ولقاءات سيّد عبد المهدي بقياداتٍ برلمانية ورئاسية ووزارية وخصوصاً من كلا الحزبين الرئيسيين في الأقليم : < الحزب الديمقراطي الكردستاني و الإتحاد الوطني الكردستاني > , فأنها تُضعِفْ من خصوصية الزيارة واهدافها ومكنوناتها , وليسَ صعباً القول أنّ القيادة الكردية لا تلتقي بل تتقاطع مع توجّهات عبد المهدي السياسية ومن ايّ زاوية وخصوصاً بعد احداث اقتحام السفارة الأمريكية ومع المطالبة برحيل وترحيل القوات الأمريكية وإخلاء قواعدها الجوية في العراق ! , وبغضّ النظر عن محاولةٍ مفترضة لرئيس الوزراء للحصول على تأييد القادة الكرد لتجديد انتخابه لرئاسة الوزارة ! بمقابل ما لا يمكن التنجيم به .!