منذُ بداية حملته الأنتخابية اواخر العام الماضي , كان قد وعد الرئيس الأمريكي ترامب نقل السفارة المريكية في اسرائيل الى القدس , وقد سبقه في ذلك الوعد عدد من الرؤساء الأمريكيين السابقين , لكنهم حين تسنّمهم موقع الرئاسة واطّلاعهم على الملفات الخاصة , وعلاقاتهم الدبلوماسية والقتصادية مع بعض الدول العربية , كانوا قد تراجعوا عن وعودهم بصمت . وكاد الأمر يتكرر مع ترامب منذ بداية هذه السنة واعلن لأكثر من مرّة عن تأجيل الأمر الى الظرف المناسب دونما نيّة لإلغاء قراره , ويبدو أنّ اللحظة المناسبة قد حانت وبلغت درجة من السخونة التي لا تتحمّل التأخير .! فليس انسب من هذا التمزق العربي .! , ومنذ قرابة اسبوع يمهّد الرئيس الامريكي لموعد تنفيذ قراره هذا خلال الأيام القليلة المقبلة , عبر الأيعاز لمستشاره كوشنر للإعلان والتصريح عن قرار الرئيس بغية تمهيد الأجواء النفسية العربية – الأسلامية لتقبّل فحوى القرار وجسّ النبض المسبق عن احتمالات ردّ فعلٍ مفترضة من هنا او هناك .
وإذ نأسف للإضطرار للأسترسال في خلفيات القرار الأمريكي , فثمة بعض النقاط والمفارقات هي التي تشكّل العمود الفقري لحديثنا في مداخلات نقل السفارة :
\ 1 إنّ الذريعة الظاهرة التي تتحجّج بها الأدارة الأمريكية لنقل سفارتها من تل ابيب , هو لأعتبار أنّ القدس هي عاصمة اسرائيل .! فعلامَ لم تنتقل رئاسة الوزراء الأسرائيلية والكنيست الى القدس ” العاصمة ! ” منذ احتلالها في حرب حزيران \ يونيو سنة 1967 ولغاية الآن .! أم أنّ مبنى السفارة الأمريكية هو الذي يحدد جغرافياً عاصمة اسرائيل .! , ومع ذلك نقول أنّ الحكومة السرائيلية سوف لن تنقل مقراتها الى القدس في المدى المنظور على الأقل .! , فقضية القدس معقدة ولها اهميتها وتأثيراتها الدينية والنفسية في العالمين الأسلامي والعربي , وحتى الأخوة المسيحيون العرب يرفضون تهويد القدس لما لها من رمو ومعالم دينية فيها , بالأضافة الى مواقفهم القومية .
\ 2 إنّ الرئيس ترامب قد حرم الدور الأمريكي من الوساطة بين الفلسطينيين والأسرائليين لحل قضية الصراع العربي – الصهيوني , عبر قراره الفريد هذا والذي يجعل امريكا طرفاً غير محايداً حتى من الناحية الظاهرية .!
\ 3النقطة الستراتيجية في هذا الشأن هي عن ردود افعال منظمات المقاومة الفلسطينية تجاه القرار الأمريكي , وهذه المنظمات التي توقفت انشطتها القتالية منذ اخراجها من بيروت في مطلع ثمانينيات القرن الماضي , ولا يمكنها التحرك عبر الحدود الأردنية , وكانت ايضاً منوعة من الحركة من قبل الحكومة السورية منذ قبل الأحداث في سوريا بل منذ حربي عامي 1967 , 1973 , < واذ نستثني هنا حركة حماس بسبب الوضع الجديد مع السلطة الفلسطينية > , فأنّ منظمات المقاومة الفلسطينية لابدّ أنّ لها تنسيقاً ما مع فلسطينييّ الداخل .! , فاذا لم يظهر أيّ ردّ فعلٍ مسلح من هذه المنظمات , فما مبررّ بقاء مكاتبها مفتوحة في عدد من الدول العربية , وما دورها .!
والى ذلك , والى أن يجري الأعلان عن قرار الرئيس الأمريكي , فليس من المستبعد عودة عملات طعن الأسرائيليين بالسكاكين او سواها او عمليات دهس بالعجلات قد ينفذوها بعض الشباب الفلسطيني المتحمس وبشكلٍ فردي , كما ليست هنالك اشاراتٌ او استقراءاتٌ مبكّرة لعودة ثورة او انتفاضة الحجارة على مستوى الجمهور الفلسطيني في الداخل .
وعلى الرغم من حالة التردّي التي تعمّ المنطقة العربية والتي تتصدرها الأنقسامات والنزاعات , فالموقف العربي على مستوى الدول والحكومات هو مخزٍ على أقلّ تقدير .!