23 ديسمبر، 2024 1:36 م

من اي طينة نحن ؟

من اي طينة نحن ؟

ابتدأت الالعاب الاولمبية اليوم في لندن وكانت التحضيرات الفعلية لها قد بدأت منذ عام 2005. لندن من العواصم القديمة المكتضة بالسكان وتُقسم الى 32 بلدية منها 12 بلدية في مركز المدينة والباقي خارجه.
صرفت الدولة مبالغ طائلة للتحضير للاولمبياد وبناء القسم الشرقي من لندن وهو من المناطق الفقيرة والقديمة وتطويره ليلائم الحدث
 هذه المبالغ جمعت من ضريبة خاصة فُرضت على المواطن من ماله الخاص ولم تأتي من بيع نفط او غاز او زراعة , وبالفعل كانت الامور تجري على مايرام وانجز العمل قبل الافتتاح .
 زاد من المبلغ بضع ملايين فاحتفظت به البلديات لصرفه في تحسين اوضاع البلدية ولم ترجعه للمواطن , فما كان من الناس الا ان خرجوا تظاهرات عارمة دمروا بطريقهم المحلات الشخصية لمواطنين مثلهم حاملين لافتات تهاجم الموظف المسؤول وتعتدي على سمعة سابع جد له … عفوا اخطأت في السرد ,لم يحصل هذا , وانما سكت المواطن لانه يعلم ان الاموال ستنفق في خدمته وان هناك عيونا تسهر على المحافظة على اموال الناس وتمنع من تسول له نفسه سرقة اموال الشعب .
خصصت الدولة مبلغ مايقرب من 75 الف دولار لكل بلدية لتزيين البلدية للحدث فماذا فعل المختصون :
 علّقوا بالونات واعلام رخيصة ورشوا الشوارع بالماء وما بقي من المبلغ (جُلّه) وُضع في مصارف اجنبية او اشتروا به بيوتا في العراق !!! . كلا لم يحصل ذلك بالتاكيد , بل سارعت البلديات الى تحسين الطرق وتغليفها ووضع جزرات وسطية بالوان زاهية عليها لوحات فسفورية تضيء ليلا , ووضع لوحات زجاجية كبيرة في كل شارع رئيسي تحمل خارطة للطرق في المدينة ومعلومات عن تحرك الباصات والقطارات من والى لندن , ومعلومات عن اقرب مستشفى …الخ
تم تخطيط الشوارع من جديد وخُصص احد الممرات في الشارع الى الاولمبياد تسير فيه السيارات الحكومية والمشتركين في الاولمبياد فقط ومن يستخدم هذا الممر من السواق العاديين يدفع غرامة باهضة فاصبحت الشوارع ضيقة مختنقة بالفعل والرحلة التي كانت تستغرق ربع ساعة سابقا تستغرق الان نصف ساعة او اكثر حسب وقت الازدحام , واصبحتَ لاترى في الشارع من سائق الا ويسب ويستعمل بوق السيارة بين لحظة واخرى ويلعن اللحظة التي اقيم فيها هذا الحدث …كلا لم يكن هذا التصرف موجودا ابدا , بل بالعكس تجد من يعلق الاعلام الصغيرة على نوافذ سيارته مبتهجا وكأنه يرتقب عرسا لاحد اقاربه.
سارت الشعلة الاولمبية البارحة في الشوارع الرئيسية لمركز المدينة وقد اغلقت هذه الشوارع للسيارات بالكامل ولا تجد فيها الا المارّة  الذين كانوا يمشون ويأكلون ما يسد رمقهم ثم يرمون بالنفايات على الارض وفي منتصف الشارع غير مبالين بنظافة المدينة , بالطبع لم يفعلوا ذلك بل على العكس رايت طفلة تستعيد قدح الشاي الورقي الذي دفعته الرياح الى الشارع ,وترميه ثانية في سلة المهملات .
اقيم الحفل التجريبي للافتتاح قبل ثلاثة ايام وطلب المسؤولون ممن حضر الحفل ان لا يصور الاستعراض لكي لا يفقد قيمته يوم الافتتاح , وتم الطلب بطريقة جميلة وسهلة وهي انهم رفعوا شعار ( كيب ذه سيكرت ) احفظ السر ولم يلجأوا الى اي اسلوب اخر , فما كان من المتفرجين الا ان نشروا الاستعراض على شبكات الانترنت وكل يسابق الاخر للحصول على سبق صحفي , هل حدث هذا فعلا ؟ كلا لم يحدث وما زال الامر مخبأ حتى يوم الافتتاح , وبامكانك التاكد بنفسك في زيارة قصيرة للانترنت .
استعانت اللجنة المختصة بالاولمبياد بالجيش للقيام بالمراقبة وتفتيش الداخل والخارج الى المدينة الاولمبية بطريقة دقيقة جدا لدرجة انك تفرغ الحقيبة بالكامل اذا رأوا ان هناك شيئا غريبا او يبدو غريبا …والناس تقف في طوابير طويلة ولاتجد من يتذمر .
بطاقة الدخول الى الملعب الاولمبي والباحات الرياضية تتراوح اسعارها بين 50 دولارا الى 3000 دولار او اكثر , لذلك وجد المسؤولون صعوبة في بيع التذاكر مما زاد في قلقهم من ان الاستاديوم والباحات الرياضية ستكون خالية من المتفرجين فماذا فعلوا , لم يفعلوا شيئا لان التذاكر بيعت عن اخرها ونفذت قبل اشهر من بداية الولمبياد .
زادت بعض التذاكر الخاصة بالعاب البارالمبيك – ذوي الاحتياجات الخاصة – فوزعها المسؤولون على مرافقيهم وذويهم واصحابهم وباعوا القسم الاخر في السوق السوداء هل  تصدق ذلك ؟ كلا لاتصدقه لان هذه التذاكر قُدمت كهدية للطلبة المتفوقين في المدارس لكل طالب تذكرتين واحدة له وواحدة لمرافقه .
الا يستحق كل ماسبق ان نقف قليلا لنقارن بين هذه البلدان والشعوب والحكومات وبين بلداننا وشعوبها وحكوماتها , ونتساءل , اي روح يمتلكونها واي قناعة يعيشونها واي حب وتضحية يحملون في نفوسهم لاسم بلدهم وسمعة شعبهم .
 شغلنا الشاغل نقد الاجنبي وتجريده من الغيرة والحمية والشرف , الم يكن ماذكرته آنفا مليئا بالغيرة على سمعة الوطن والحمية لابناءه والشرف في العمل .
كيف نفكر نحن ؟؟؟ لا ادري !!!