23 ديسمبر، 2024 3:40 م

يقال والعهدة على الراوي ان احد ولاة بغداد كان كثيرا ما يجلس بمحاذاة نهر دجلة في قصره متأملا جريان هذا النهر الخالد وسارحا في بحر من المشاكل التي تهم الرعية واثناء جلوسه كان يشاهد رجل في الجانب الثاني من النهر وقد اعتاد عبور النهر سباحة خلال اوقات الصلاة الخمسه بعد ان يضع ملابسه فوق رأسه ٠٠ كان الوالي وهو يتأمل ذلك الرجل الملتزم بفروض الدين تنتابه حالة اعجاب بذلك الشخص الذي يتحمل وعلى مدى خمسة فروض مشاق عبور النهر ليكون اكثر طاعة للباري عز وجل ٠٠ وفي احد الايام جاء الى الوالي احد وزراءه وهو غارق في تأملاته ليخبره ان منصب وزير المال شاغر وطلب منه تسمية احد الاشخاص المعتمدين والمشهورين بالامانة لتولي المنصب ٠٠ وبعد تفكير لم يجد الوالي افضل من ذلك الشخص الذي يتحمل مشاق عبور نهر دجلة تلبية لفروض الله عز وجل فقرر ان يتولى ذلك الشخص امور وزارة المال وما ان تولى المنصب وبعد سنه من ذلك جاء من يخبر الوالي ان ملكية ذلك الشخص فاقت الارقام الفلكية فارسل الوالي في طلبه وما ان استوضح منه عما يملكه وكيف استطاع جمع هذه الثروة الهائلة خلال فترة سنه قال له ذلك الوزير الذي خان الامانة ” الايستحق عناء عبور النهر خمس مرات في اليوم وعلى مدى اشهر ان امتلك هذا المال ” فقرر الوالي المخدوع اعفاءه من منصبه ومصادرة امواله وحبسه ٠٠ هذا هو واقع الحياة في العراق فالسارق واللص يدعي دائما من خلال تصريحاته وتلميحاته بانه الشخص الاكثر امانة وحرصا وهو في كل الاحوال اكثر قدرة على المراوغة اضافة الى عجزه عن المواجهة والمكاشفة بما يملك وما كان لديه قبل تبوءه المنصب فغالبية المسؤولين الذين تبوءوا المناصب كانوا حفاة عراة لايملكون قدر نملة من مال وجاه والدليل على ذلك اننا لو اعدنا عقارب الساعة الى الوراء ورجعنا الى ما قبل عبور نهر دجلة لوجدنا غالبية المسؤولين كانوا حفاة عراة لاتستر اجسامهم الا ملابس بالية اغلبها مشتراة من اسواق ” اللنكه ” واليوم نراهم لايلبسون الّاالملابس المستوردة من اكثر الاسواق الاجنبية شهرة ويمتلكون العقارات في الداخل والخارج والارصدة لكن هذه العقارات والارصدة والملابس التي جاءت من السحت الحرام لاتستر عوراتهم ولايمكن ان تكون بديلا عما يحملون من مكر ومخادعه للوالي المغلوب على أمره فقد انكشفت اللعبة بعد الانتفاضة الجماهيرية خاصة وان هناك منظمات غير حكومية تفاعلت مع الاحداث وبدأت ترصد وتتمحص وتتفحص لكشف السراق خاصة وان الوالي وبسبب الضغط الجماهيري بات اكثر وعيا مما يجري حوله فترك الجلوس قرب ضفاف نهر دجلة لمتابعة المتاجرين بالنزاهة والاخلاق واثر الجلوس والانزواء في غرفة منعزلة تملاءها الاضابير لكشف المستور ممن اتخذ الولاء والاخلاق الفاضلة ستارا لسرقة المال العام ٠٠ الملفات التي تؤشر معادن المسؤولين المكلفين باداء الخدمة العامة وغالبية هذه الملفات صدءه مملوءه خسة وتجاوز ٠٠ولكن ورغم مايقوم به الوالي من جهد لكشف المفسدين تمهيدا للانقضاض عليهم تبقى المسألة الاكثر اهمية هي الاسراع بتشكيل هيئة مستقلة باسم ” من اين لك هذا ” تضم اشخاص مؤتمنين مشهود لهم بالنزاهه مستقلين وغير منتمين لاي حزب او فئة او طائفة اشخاص يحملون ذمة وهمة لتشخيص السراق واحالتهم الى المحاكم المختصة ومصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة خاصة وان واقع الحال يكشف ان غالبيتهم كانوا حفاة عراة٠٠ متى متى