يقول شكسبير ان الخوف من الكارثة غالبا مايكون اشد ايلاما من العلم بوقوعها ، ونحن ننتظر ماسيحدث وينمو فينا خوف من الكوارث المقبلة ..فبينما تنتظر اغلب الشعوب الديمقراطية الانتخابات البرلمانية لتحتفل بها كعرس جماعي ، ننتظر نحن العراقيون انتخاباتنا بوجل وتوجس ويأس من التغيير الذي ننشده لطي صفحة واقع مرير نعيشه الان بكل تداخلاته وفتح صفحة جديدة لواقع مشرق نتلهف لقدومه على يد أي مسؤول يشعر بقيمة العراق وثمن الدم العراقي وحق المواطن في العيش بسلام واستقرار وكرامة ..
يسأل العراقيون بعضهم البعض : ” من ستنتخب ” وتجدهم اما حائرون بين اختيار وجوه سبق لهم اختيارها ولم تمنحهم الامل بالحياة او معرضون عن المشاركة في عملية الانتخابات برمتها ليأسهم من التغيير او رفضهم لماسيحدث من تزوير ، وقد تجدهم يائسون من اقامة الانتخابات في مثل هذه الظروف مع توقع تاجيلها بوجود آلاف النازحين من المناطق الغربية فضلا عن التداعي الخطير للاوضاع الامنية وسياسات الاقصاء لبعض المرشحين المهمين وتاجيل انطلاق الدورة الاعلامية للمرشحين فكل ماسبق مؤشرات على ان الانتخابات ان جرت فلن تكون نزيهة او معبرة عن ارادة الشعب العراقي لما فيها من مصادرة للحريات والقوانين ..
بعض العراقيين صدمتهم اخبارفضائح الفساد المالي التي التصقت باسماء المسؤولين ولم يتوقعوا ان تذهب اموال الدولة لعلاج ( بواسير ) نائب او لشراء قصرعلى ضفاف دجلة لنائبة شهيرة بأمر رئيس الوزراء وشاليه في شرم الشيخ لنائب همه الاول النزاهة وعمارات في بريطانيا باسم قريبه وشهادة دكتوراه ممنوحه غيابيا لابن نائب لرئيس الجمهورية ولم يتوقعوا ايضا ان يخلع احد النواب عمامته الشهيرة التي تدل على انتمائه الديني والعقائدي ويتجول في بريطانيا بالجينز ساحبا امواله بالفيزاكارد ليمتع نفسه وعائلته ..فضائح لاحصر لها جعلت العراق يواصل تقدم البلدان في سلم الفساد المالي بعد الصومال التي لاتوجد فيها حكومة متماسكة وميانمار التي يحكمها مجلس عسكري ، وجعلت الشعب العراقي يغص بسؤال يريد توجيهه للمسؤولين : ” من اين لكم هذا ؟” …..
عراقيون آخرون توقعوا ان ينفذ النواب نصيحة نائب من زملائهم بضرورة انهاء الخلافات السياسية واستغلال الوقت المتبقي من عمر مجلس النواب لتحسين صورة المجلس وعمله واقرار اكبر قدر ممكن من القوانين المتعلقة بالمواطن والعملية السياسية ، لكنهم نفذوا الشطر المتعلق باستغلال الوقت المتبقي من عمر مجلس النواب فقط فاستغلوه ابشع استغلال في احراز اكبر نسبة ممكنة من المكاسب المادية واستخدام امواله في دعاياتهم الانتخابية واقرار القوانين التي ضيقت السبل امام الشعب العراقي كقانون تقاعد النواب والخدمة الجهادية وقانون الاحوال الشخصية الجعفري وتسويف قانون الموازنة رغم تمسك رئيس الوزراء بحق انفاق اموال الموازنة العامة حتى اذا لم يقرها مجلس النواب لتمتعه بصلاحيات وسلطة تجاوزت حدود المعقول في عالم الديمقراطية التي وعدنا بها ورفاقه منذ اول انتخابات سعى لها الشعب متحمسا فخاب امله ..
من سننتخب اذن ..الفاسدون ..سارقو اموال الشعب ..الكاذبون ..ام المتسلطون ..لااظننا نريد كل ذلك ..نحن نبحث عن المخلصين ..الشرفاء والنزيهين وان لم نجدهم او نعرفهم او اكتسحتهم امواج اعلى واقوى منهم فسنكتفي بالترحم على الديمقراطية المتوفاة منذ ولادتها ..ألايحق لنا اذن ان نخاف من وقوع كارثة بحلول الانتخابات ؟..