الكوردي الشيوعي فخري كريم ظاهرة مثيرة للإهتمام ، وحياته تقدم مادة دسمة عن طبيعة تاريخ التنظيمات الحزبية في العراق ومشكلة السرية وغياب الديمقراطية فيها، وهو كذلك مادة درامية فيها جوانب سيكولوجية جديرة بالتناول والدراسة تحت عنوان : كيف تكون صفرا .. ليس لديك شيئا من المواهب ولا المهارات وتصعد الى أعلى سلالم السلطة والشهرة والثراء المالي ؟!
الأصل في شخصية فخري كريم هو البحث عن تحقيق الذات عن طريق وسيلة الصراعات المتواصلة من أجل تحقيق نشوة سادية عند سحق الخصوم ، بمعنى خياره لدخول الحزب الشيوعي كان بإعتبار الحزب وسيلة توفر له أجواء خوض الصراعات وخلق الخصوم من لاشيء ، والخصم هنا ليس هو بحد ذاته غاية بل هو وسيلة لممارسة النشاط العدواني ، أي يمكن أن يكون إستهداف أي شخص والتصويب عليه وجعله جسرا لتحقيق الذات المتعطشة للتنفيس عن عدوانيتها !
إنخرط في الحزب الشيوعي ورغم انه شخصية غير مثقفة ، لكنه قفز الى الصدارة وأصبح رئيسا لتحرير جريدة طريق الشعب ، وقبلها سعى حثيثا كي يخط إسمه في عالم النشر والصحافة .. ويبدو ان صفة المثقف هي تعبير عن عدوانية رمزية ضد الآخرين تمنحه شعورا زائفا بالتميز والتفوق ، وهي إحدى مفردات تعبيرات حالة الصراع ورغبة إلحاق الهزيمة بالخصم الفعلي أو الذي سيتم خلقه لاحقا وصب نيران الإستهداف ضده ، وقد شهدت علاقته بالمثقفين الكثير من المشاكل مستغلا ظروفهم الصعبة وأقدم على إذلالهم وإهانتهم لنفس الهدف العدواني !
لكن كيف إستطاع إختراق مجاميع المثقفين الشيوعيين وإستلام رئاسة تحرير طريق الشعب ، ونفس السؤال يُطرح كيف نجح الكوردي عزيز محمد الشخص البسيط فكريا وثقافيا من الحصول على منصب الشخص الأول سكرتير الحزب الشيوعي رغم وجود كبار الشخصيات المؤهلة أفضل منه بكثير ؟
لاحظ كلاهما فخري كريم وعزيزي محمد كرديان ، وتتشابه طريقة صعودهما المفاجئ ، وأيضا كانا في نفس الفترة التي سيطر الكورد على الحزب الشيوعي ونتج عنها تجييره لصالح مشروعمها القومي الشوفيني لدرجة تنازل الحزب الشيوعي عن إيمانه (( بالأممية )) لصالح الفكر القومي العشائري الكوردي .. أعتقد الجواب على هذا اللغز يوجد لدى الإتحاد السوفيتي القديم ، وتحديدا لدى دوائر جهاز المخابرات ، ويبدو ان المخابرات الروسية وقع إختيارها على الشيوعيين الكورد تحديدا لأسباب وأهداف هي شخصتها وتريدها ، وتمت عملية تصعيد عناصر هامشية ليس لديها مؤهلات كي تمسك بالحزب الشيوعي من أمثال فخري كريم وعزيزي محمد.
علما عزيزي محمد كان سكرتيرا شكليا للحزب بدون سلطة ، والذي يدير الحزب الشيوعي وصاحب القرار هو فخري كريم ، الذي في خطوة ماكرة هيمن على جهاز أمن الحزب ، وميزانية الحزب المالية ، فأمسك بكل شيء واصبح المتحكم الوحيد بلا منازع بالحزب ، هل كانت تلك الخطوة الماكرة في الهيمنة على المال وجهاز الأمن من أفكاره هو أم بناءا على نصيحة من الروس ؟!
تعامل فخري كريم مع المخابرات السورية علنا ، وبما ان رئيسه جلال الطالباني الذي إستعان به مستشارا لصنع المؤامرات و سرقة ميزانية رئاسة الجمهورية كان حليفا لإيران ، فمن الطبيعي ان يتعامل فخري مع الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية ، وقيل لدى فخري علاقة مع جهازي الأمن و مخابرات نظام صدام ، وإذا علمنا ان مسعود البارزاني كان حليفا لصدام وإستعان بالحرس الجمهوري لقتل أبناء شعبه ، وجلال الطالباني كان حليفا لصدام ، وأكثر من (200 ) ألفا من الكورد تحالفوا مع صدام حسين فيما يطلق عليهم ( الجحوش ) ، فما المانع من تعامل فخري كذلك ، وهذا الأمر يفتح الباب لدراسة الشخصية الكوردية وزئبقية القيم والمباديء لديها .
نعود الى أصل الموضوع .. كيف إستطاع الصمود فخري كريم وهو يقضي كل حياته في المشاكل والصراعات وحبك المؤامرات ولم ينهار صحيا أو يتعب أو يشعر بالملل أو الندم ؟.. الجواب هو لأنه يجد ذاته في عالم العدوانية ، ويستمتع به ، أي هوايته التي تشعره بالقيمة والمعنى ان يعيش في أجواء السلوك العدواني !
المثير للإنتباه.. ان فخري كريم يوجد شبه إجماع على كراهيته من قبل كل شخص عرفه .. والسؤال : ماذا إرتكب من جرائم ضد رفاقه ، وسرقة لأموال الحزب … كي يجمع الناس على بغضه وكراهيته ؟!