23 ديسمبر، 2024 2:10 ص

من المنجزات المُذهلة للطب العربي الإسلامي التي علّمت الغرب أسس الطب (القسم الأول)

من المنجزات المُذهلة للطب العربي الإسلامي التي علّمت الغرب أسس الطب (القسم الأول)

6- كانون الثاني- 2019
عبر أربع مقالات سابقة عن معجزات الطب العراقي القديم (السومري الأكدي البابلي الآشوري) وكان عنوانها (حول أكاذيب وتلفيقات هيرودوتس “أبو التاريخ” عن بابل ، وكيف شوّه الأغريق منجزات الطب العراقي القديم) ، قدّمتُ للسادة القرّاء شذرات ذهبية من مخطوطة كتابي الذي أنجزته مؤخرا عن “موجز تاريخ الطب العراقي القديم والطب العربي الإسلامي” والذي تمنيت على السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي النظر في إقراره للتدريس في الصفوف الأولى من كليات الطب في جامعاتنا لأنني وضعته أصلا لهذا الغرض عرضاً وأسلوباً ومحتويات.
أنتقلُ الآن إلى تقديم شذرات أخرى من هذه المخطوطة عن المنجزات المذهلة للطب العربي الإسلامي هذه المرة. فقد وصف “عالم” اجتماع صهيوني العرب بأنهم يستخدمون البول والروث لتعقيم جروحهم. في حين أن العراقيين القدماء كانوا يعقمون الجروح وينظفونها بصورة شبه علمية قبل أن يخرج أجداد أجداد هذا “العالم” إلى الوجود بآلاف السنين. سوف نترك معجزات الطب العراقي القديم لنطرح جانباً من معجزات الطب العربي والإسلامي التي ظلت تعلّم أوروبا أسس النظافة والصحة (حتى الشخصي منها) وتُدرّس في كليات الطب ويمارسها الأطباء فيها لمئات السنين.
فبالنسبة لمنجزات الطب العربي الإسلامي وإسهامات الأطباء العرب والمسلمين في وضع أسس علم الطب الحديث سوف يُصدم النشأ الطبي الجديد غير المُطلّع على الدور الهائل والريادي المبدع الخلّاق للأطباء من أجداده في هذا المجال الذي خصّصنا له القسم الثاني من هذا الكتاب؛ هذا الدور الذي وصفه المستشرق والطبيب الألماني (ماكس مايرهوف) في كتاب (التراث الإسلامي) بالقول:
((إن الطب الإسلامي قد عكس ضوء الشمس الغاربة في اليونان وتلألأ كالقمر في سماء العصور الأوروبية المظلم))

(صورة نادرة لطبيب عربي يقوم بتشريح جثة)

ومن الضروري أن نتساءل:
هل يعرف نشأنا الطبّي الجديد أنّ الأطباء العرب المسلمين أسّسوا – وفي العصور المظلمة – أوّل مستشفى للأمراض العامة وأول مستشفى للأمراض العقلية (للمجانين) جنوب بغداد – أوّل صيدلية – أول مدرسة للصيدلة – أوّل كتاب علمي عن أمراض العيون (العشر مقالات في العين) لحنين بن إسحق- وابتكروا أوّل خيوط داخلية يمتصها الجسم في الجراحة (الرازي) – أوّل من شخّص مرض السُّكري (إبن سينا) – أوّل من فرّق بين الجدري والحصبة – أول تأسيس للجراحة الأوروبية وأكمل أدوات جراحية معدنية (الزهراوي) – أول طريقة لتحديد المواقع الصحية للمسشفيات – أوّل من خزع الرغامي واستأصل اللوزتين ومارس الجراحة التجميلية واستأصل حصاة المثانة من المهبل– أوّل امتحان للأطباء وأوّل إجازة للأطباء والصيادلة .. وغيرها الكثير الكثير من الإنجازات المعجزة المذهلة.
وهل يكفينا – مثلا – نقل قول العلامة ول ديورانت مؤلف موسوعة “قصة الحضارة” عن رسالة الرازي في الجدري والحصبة :
((في وسعنا أن نتبين أهمية رسالة الرازي في الجدري والحصبة إذا عرفنا أنها طُبعت بالإنكليزية وحدها أربعين مرة بين سنتي 1498 و 1866)) .
ولو قرأتَ رسالة إبن سينا في وصف حصى المثانة سريرياً فسوف تستنتج بسهولة ودقة أن الطبيب المعاصر لن يستطيع إضافة علامات تشخيصية أخرى إلى ما قاله ابن سينا قبل قرون طويلة.

(تخطيطان مهمّان ودقيقان لتشريح جسم الإنسان للطبيب المُسلم منصور بن إلياس يعودان إلى عام 1390 ميلادية)
أوّل من إستخدم المُطهّرات في العمليات الجراحية
يمكن اعتبار أبو بكر الرازي أول من حضَّر الكحول “الغول” من مُخمّرات محاليل سُكّرية، وأول من استعمل الكحول في تطهير الجروح.
وقد حاول الأطباء المسلمون منع الإصابة بالعدوى عند إجراء الجراحات، فكانوا يغسلون المريض قبل الجراحة وبعدها، كما كانوا ينظّفون المكان بالكحول أو زيوت الورود أو بخليط منهما أو بمحلول ملحي أو بالخل، وهي مواد لها خصائص مطهرة.
وتشير المراجع الطبّية في الوقت الحاضر إلى أنّ الاستخدام العلمي للمطهرات في العمليات الجراحية هو من اكتشاف الجراح البريطاني جوزف ليستر في عام 1865 في حين أن الرازي قد قام بذلك قبل ليستر بألف عام.
… وإلى الحلقة المقبلة