10 أبريل، 2024 8:42 م
Search
Close this search box.

من المقهى الى المقهى .. اصحاب فكرٍ ام روّاد ملهى

Facebook
Twitter
LinkedIn

( هذا حچي مال گهاوي ) … جملةٌ طالما سمعناها تتردد على السن المعلمين حين يعجز احد الطلاب من ايصال فكرة ما أو يعجز عن شرح المادة المطلوبة لعدم فهمه معناها او انه استوعبها بطريقة خاطئة , كما انها تتردد على السن الكبار من ذوي الحل والعقد حين يتجاوز احد الجالسين في الكلام سواء كان بشكل مقصود او غير مقصود , وكانت تتردد على السنتنا بشكل سرّي بعد كل خطاب للقائد الضرورة حين يقول شططا .. جملة تحمل معنىً لا يقبل الشك وهو انه لا يمكن لحديث المقاهي ان ينسج فكراً يُحتذى به أو يُصاغ منه برامج فكرية تأخذ على عاتقها النهوض بمجتمعٍ ما نحو الافضل , ولو رجعنا الى اغلب الأفكار والمفكرين لوجدناهم اصحاب دراسات او اساتذة او باحثين او شيء من هذا القبيل .. القبيل الذي يهتم بأمور المجتمع ووسائل اصلاحه , فضلا عن ان الافكار لا تولد الّا من رحم معاناة او عن دراسة علمية وجدية دقيقة المباحث والمباني , وهذا ما لا يتفق مع منهجية المقاهي ( مع كل الاحترام للمقاهي واصحابها وروادها ) , المقاهي التي كانت ولا تزال مكاناً للهو والفكاهة والترفيه عن النفس .. مكانا للمزاح ولقاء الأصدقاء والأحبة والضحكات البريئة .. طبعاُ اذا ما استثنينا المقهى البرازيلي في شارع الرشيد والتي كنا نرتادها ايام الامتحانات ولا أدري هل لا زالت تتمتع بتلك الخاصية ام لا ؟ , لا أريد الانتقاص من المقاهي واصحابها وروادها ولكني اريد القول انها ليست المكان المناسب للعمل السياسي او الفكري او الثقافي , وان كانت كذلك فهي ضمن مديات محدودة وأزمان كذلك , الملفت للنظر ان البعثيين الذين انطلقت ولادتهم وولادة حزبهم من احدى مقاهي دمشق اي انهم ولدوا من وسط العبثية التي تلاعبوا بأحرفها وابدلوا العين والباء مكان احدهما الاخر ليخلقوا كلمةً جميلة المعنى استطاعوا الضحك على الشعوب المغلوبة على امرها والتوّاقة الى بعث روح الامل في امةٍ سادت ردحا من الزمان على الأمم , استطاعوا بعد ذلك الوصول الى السلطة عن طريق الانقلابات وليس عن طريق الافكار التي بشّروا بها والتي لم يتمكنوا من تطبيق اي منها لأنهم ليسوا اهلا لتلك الأفكار بقدر ما كانوا اهلا للبلطجة واقصاء الاخر , الملفت للنظر انهم وبعد سقوطهم في الحكم بعد سقوطهم في كل شيء عادوا ليحتلوا اماكنهم في مقاهي دمشق من جديد يجترون بطولاتهم ضد شعوبهم ويتحدثون احاديث مقاهٍ خالية من اي فكرٍ او رؤيةٍ او ستراتيجية سوى الحلم بالعودة الى كراسي الحكم ليس لخدمة الناس بل للتسلط عليهم من جديد ولأشباع نزعاتهم التي لازالوا يحاولون اعادة الحياة الى جذورها اليابسة في عروقهم اضافة الى حياكة المؤامرات وتدبير محاولات الاطاحة بالحكومة ولو عن طريق الاعتداء على الابرياء وقطع الطرق لأيهام الناس ان الحكومة بائسةٌ وان وضع العراق في ايام حكمهم كان الافضل متناسين ان الوضع السيء هم من ارسى دعائمه اضافة الى دورهم الاجرامي في مساندة القاعدة واصحاب النفوس المريضة فضلا عن مشاركتهم ضمن الحكومة بشكل او اخر وفضائحهم في علاقاتهم المشبوهة مع عصابات القتل والتهجير وتهريب المجرمين من السجون وتورط عناصرهم في ابشع العمليات الاجرامية , وأذا كانت قلة المراكز الثقافية وعسر ذات اليد وعدم توفر الامان عوامل وراء انطلاقتهم الاولى من المقهى فما الذي جعلهم يعودون اليها من جديد مع انتفاء تلك العوامل اذا ما كانوا اصحاب فكرٍ محترم ؟؟ لكنهم من المقهى انطلقوا واليها اعيدوا ومنها لن يخرجوا مرة اخرى , اولئك هم البعثيون الذين ينتفضون ايما انتفاض حين يكون الحديث حول علّاويهم الذي يعقدون عليه الامال في اعادة امبراطورية القتل والتهجير التي ارسى دعائمها قائدهم الضرورة ولكن هيهات هيهات حتى لو كانت انطلاقتهم القادمة من الملهى .. بدل المقهى .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب