23 ديسمبر، 2024 2:04 م

من المستهدف في العراق .. منصب رئيس الوزراء ام شخصه !؟

من المستهدف في العراق .. منصب رئيس الوزراء ام شخصه !؟

الانتخابات اثبتت انها اداة عاجزة عن الأتيان بطبقة سياسية وطنية قادرة على لمّ شمل الشعب العراقي ودفع المخاطر عنه , ولا وسيلة غير الانتخابات متاحة للشعب , الذي بدأ يفقد خواصه الوطنية في ظل الفساد والارهاب وثقافة الاحزاب والزعماء السياسيين . فالى اين العراق يسيرُ ؟

الارهاب يحصد يوميا ارواح العراقيين منذ سنوات, دون سائر دول العالم, ويدمر المجتمع ويحبطه , ولا راد ولا مانع له , العالم يتفرج صامتا والعرب فرحون بتدمير العراق لا, بل, بعضهم يدعمون الارهاب والتدمير في هذا البلد . الفساد ينخر الاقتصاد العراقي ويدمر بناه التحتية والفوقية ويُجوّع ويُفقر ويبدد ثروات البلاد ويحبط المجتمع , ولا علاج له والجماعات الفاسدة تغترف من الفساد ليشتد عودها وتهيمن على المجتمع ومقدراته . الاحزاب السياسية وزعاماتها تتقاتل على حساب العراق امنيا ومجتمعيا واقتصاديا ومصيريا , ولا نرى من بينهم احدا وطنيا او شريفا يعمل من اجل البلاد بل, نراهم يعتاشون ويتقوتون ويستمدون قوتهم وبقائهم من هذه الصراعات .

قوة الدولة بقوة حكومتها المستندة على اقتصاد قوي ينمو وامن مجتمعي راسخ ورؤية سياسية اقتصادية تستقطب اغلبية الشعب ان لم يكن كله , قوة الدولة بحكومة وطنية (مهما كان نوعها ) يدعمها الجميع وغالبا ما تكون الحكومة ممثلة برئيس الدولة التنفيذي . فهل يملك العراق هذه الحكومة وهذا الرئيس !؟ ربما من الشطح القول ان مثل هكذا حكومة موجودة في العراق , ولكن من المؤكد ان في العراق حكومة ورئيس وزراء , حكومة ورئيس ليسا على قدر خطورة المرحلة واحتياجاتها , ولكن – في كل الاحوال – هما نتاج عمل سياسي ديمقراطي شعبي اي ان الحكومة ورئيسها ليسا مفروضين على الشعب , والجميع يتذكر كيف تشكلت الحكومة !

مهما كانت الحكومة الحالية فان على من يريد الخير للعراق ان يدعم هذه الحكومة في حربها على الارهاب داخليا وخارجيا وان لا يكون معرقلا لحربها عليه , لان مثل هكذا حرب تحتمل خسائر جانبية كبيرة ومختلفة في كافة جوانب الحياة , على من يريد الخير للعراق . ان يقف مع الحكومة والهيئات المستقلة التي تحارب الفساد, وان لا يبرر فساده بفساد بعض المحسبوبين على الحكومة مع حقه بمطالبة الحكومة بمحاسبة المفسدين فيها اشد الحساب ولكن لا ان لا يتخذ هذه الحجة سبيلا لاضعاف او اسقاط الحكومة لان المرحلة لا تحتمل الاسقاط والتسقيط . على من يحب العراق ويرد الخير له من الزعماء السياسيين ان لا يستغل ازمات الحكومة من اجل تعزيز موقعه وتحقيق مكاسبه الشخصية او الحزبية او الفيئوية او حتى القومية والطائفية .

لقد انهكت الاحزابُ السياسية الحكومةَ, الجميع يحارب الحكومة بكل السبل والوسائل المتاحة له , اضعفوها في الداخل والخارج من خلال مواقفهم وعملهم , لا احد يقف معها في محاربة الارهاب والفساد , لا احد يقف معها في مواجهة دول الجوار العابثة المدمرة لهذا البلد , اخصوم الحكومة يفرحون بتزايد العمليات الارهابية لانها تعطيهم الحجة بالقول ان الحكومة فاشلة , ويفرحون ويروّجون للفساد ويتداولونه لانه يمنحهم فرصة لادانة الحكومة يفرحون بكل ما يضر العراق من اجل طعن الحكومة . فهل هم يدركون ان اضعاف الحكومة يعني اضعاف العراق وسقوطها بهذا الشكل يعني سقوط العراق !؟  يقولون انهم يحاربون رئيس الوزراء , والحقيقة انهم يحاربون منصب رئيس الوزراء لا شخصه وهم لا يدركون او يدركون . ان محاربة منصب رئيس الوزراء هي محاربة سيادة وقوة ومنعة  العراق .

الاحزاب الكردية وعلى رئسها برزاني وحزبه تحارب منصب رئيس الوزراء العراقي بكل السبل والوسائل حتى بات الاقليم دولة مستقلة بالتمرد على حكومة المركز وهم يتمون موت العراق من اجل تكريس وجودهم واسرهم  في الاقليم . اما الاحزاب ( السنّية) العربية فالقومية منها مصابة بعقدة ان (الشيعة ايرانيون) فلا ينبغي ان يحكموا العراق , والاحزاب الاسلامية فهي في الغالب تكفيرية علنا او في السر مثل الاخوان المسلمين الذين يقودهم رئيس البرلمان اسامة النجيفي الذي يحاول بناء امارة آل النجيفي من خلال اخوانيته الاسلامية اي انه يستغل الاخوان لمصالحه الشخصية والاسرية . اما الاحزاب الاسلامية ( الشيعية) فلا تعدو ان تكون متطفلة على المشهد السياسي فهي لا تمتلك رؤية سياسية لبناء دولة وتعتمد في عملها على معطيات مذهبية وطقوس دينية, في تعاطيها مع جمهورها بينما تخرج على الاخرين بمشهد وطني ( وهمي) عريض فهي تشارك الاحزاب السياسية الكردية في عدائها للحكومة لا عن ايمان بقضية سياسية او دينية او اخلاقية  بل نكاية فقط بالحكومة التي صارت تستقطب جمهورا اوسع على حسابها . وتشارك هذه الاحزاب ( الشيعية) الاحزاب (السنية) في عدائها للحكومة للاسباب آنفة الذكر نفسها . وذا كان الجميع يحارب منصب رئيس الوزراء فهم اذن يحاربون العراق حكومة ودولة وشعبا .

نستطيع ان نتخيل لو ان رئيس الوزراء كان من الاحزاب الكردية هل ستقف الاحزاب الكردية والعربية – الشيعية والسنية – معه . اقول لا والدليل ان جلال طلباني كان زعيما كرديا عراقيا ولم يقف معه احد خاصة عندما كان يرفع شعار نعم لوحدة وقوة العراق, والاكراد كانوا اكثر خصومة معه عندما ينهج هذا المنهج . ولنتخيل اذا كان رئيس الوزراء عربيا ( سنيا)  هل ستقف معه الاحزاب التي تحاب الحكومة اليوم !؟ قطعا الجواب لا , فالاكراد والعرب الشيعة سيصفونه بخليفة صدام . اذن  ليس الحرب على شخصية رئيس الوزراء بل على منصب رئيس الوزراء لان الاحزاب وزعاماتها لا تريد عراقا قويا موحدا بل عراقا قابلا للقسمة على الطوائف والاحزاب . وعلى ما سبق استطيع القول ان لا احزاب سياسية وطنية موجودة في العراق  الان .