فرار عتاة المجرمين من سجن محصن في العاصمة بغداد مؤشر خطر يثير الف علامة استفهام وتعجب ويوجه اصابع الاتهام والتواطئ للمسؤولين عن هذا السجن بالذات وقبله جميع السجون التي تم فيها تهريب المجرمين بحجة الفرار.
قبل ايام قتل امير الارهاب في الفلوجة خلال عملية مواجهة مع القوات الامنية ،وبعد التعرف عليه وجد انه من سجناء ابي غريب ومحكوم بالاعدام سبع مرات!!.
من المسؤول عن عدم تنفيذ الحكم طيلة هذه المدة؟!.
اكيد ان الارهابيين الذين تم تهريبهم من سجن الكاظمية هم من شاكلة هذا المجرم .
ولذا نرى كل الارهابيين المقبوض عليهم يتحدثون براحة وسرور مع ضباط التحقيق كونهم مطمئنين لحسن المعاملة في فندق خمس نجوم حتى تحين فرصة التهريب في اقرب وقت !!.
لا شك أن التراخي والتغاضي والتهاون أشد خطرا، وأبلغ أثرا وضررا وأفدح خسارة يدفع ثمنها العراقيون منذ عشر سنوات وستستمر اذا ترك الحبل على الغارب .
فسياسة إرخاء الحبل أو إلقائه على الغارب أثبتت فشلها في جميع التجارب المحلية والعالمية وما أجدت نفعا في حل مشكلات أو معالجة أزمات بل زادتها تفاقما وتأزما خاصة في مجتمعات الدول النامية والتي دخلت فترة النقاهة منها.
صحيح أن التجارب الديمقراطية تدعو الى إطلاق الحريات العامة، وحوار الأفكار والتعددية والتداول السلمي للسلطات لكنها تضع قوانين صارمة بحق المجرمين والعابثين والمفسدين وتضرب بيد من نار على رؤوس المتلاعبين والمستهينين بأرواح الناس وممتلكاتهم والتجاوز على حقوقهم ومصالحهم، وتحاسب المقصرين من المسؤولين الذين لا ينجحون بأداء الواجبات المناطة بهم، حيث لم نر ولم نسمع في أقدم النظم الديمقراطية وأوسعها انفتاحا أن امن البلاد وأقوات الشعب واحتياجاته اليومية والمعيشية والحياتية توضع تحت قيادات فاسدة مفسدة او متراخية هزيلة اوخائنة من الجشعين وبائعي الذمم وعديمي المروءة، دون رقيب أو حسيب، وبلا ردع أو زجر، والتعامل معهم وكأنهم ملائكة بإيكالهم الى ضمائرهم التي أماتها الطمع والجشع والبعد عن مخافة الله بعد أن أمنوا سطوة القانون، ليتمادوا بالإساءة والاستهتار نهارا جهارا وعلى مرأى ومسمع أجهزة الدولة التنفيذية!.
والاّ بماذا تبرر الحكومة هذا الانفلات الامني ومسلسل هروب عتاة المجرمين ومنهم محكومون بالاعدام لسبع مرات برغم وجود السجون المحصنة و برغم وجود الاعداد المليونية من القوات المسلحة بمختلف صنوفها وتعدد مهامها ؟!.
ان اسلوب وضع الحلول الترقيعية لحل مشكلة الانهيار الامني لاتسمن ولاتغني وربما تفتح الباب الى المزيد من تمادي المجرمين وخوضهم في دماء العراقيين وتدفعهم الى الاستهتار والاستخفاف باجراءات الحكومة، كما ان القاء اللوم على جهات غير ذات علاقة بالجانب الامني وتوزيع التهم على الآخرين لتمييع الازمة الامنية المتفاقمة اسلوب فاشل ومفضوح .
الملف الامني بحاجة لوقفة حازمة تبدأ بمحاسبة المقصرين واستبدالهم بعناصر وطنية كفوءة ذات تأريخ نضالي مشهود لتتعامل بمهنية تتناسب مع حجم الهجمة الارهابية التي يتعرض العراق وشعبه المظاوم .
فكما أن للطب، في معالجة المريض، مراحله وأساليبه التي تبدأ بالتشخيص وتنتهي بالمباضع والبتر والكي والتي لا يقصد بها الانتقام من المريض بطبيعة الحال، كذلك فلعلاج الأزمات وتداعياتها مراحل لا يقصد بها الانتقام من مختلقيها بل انقاذ العراق وشعبه الصابرمن شرورهم، وهو حق أجازته الشرائع السماوية قبل القوانين الوضعية.
ولكم في القصاص حياة يا اولي الألباب.