ما يحدث الآن على الساحة العراقية من الناحية الأمنية والسياسية لم يحدث بمحض الصدفة أو من تلقاء نفسه, بل له أسباب وعوامل ومقدمات, فإتساع رقعة الإرهاب بين تنظيم داعش الإرهابي وبين مليشيات الحشد في عموم المدن العراقية وبصورة بات فيها المواطن العراقي يفتقد لأبسط أشكال الأمن, والفساد المالي والإداري الذي نخر في جسد الدولة العراقية المفككة واتساع رقعته بين الطبقة الحاكمة والمسؤولين والأحزاب على حساب المواطن المسكين وبصورة أدت إلى تدهور الوضع الاقتصادي على النحو الذي نعيشه اليوم وهو متجه إلى الأسوأ, كل ذلك يتحمل مسؤوليته من تدخل بالشأن العراقي من أجل خدمة دول مجاورة ومصالح فئوية وشخصية ضيقة, فمن هو ذلك المسؤول ؟!.
وللإجابة على هذا التساؤل نستطلع وبشكل موجز الوضع العراقي منذ 2003 وليومنا هذا, فمنذ دخول الاحتلال الأمريكي لأرض العراق, تدخلت مرجعية السيستاني في العملية السياسية – على الرغم من أنها تفصل بين الدين والسياسة – وبالتنسيق مع قوات الاحتلال الأمريكي أوجبت تلك المرجعية الإيرانية على الشعب العراقي التصويت بنعم على دستور برايمر, ذلك الدستور الممتلئ بالثغرات التي أتاحت للمسؤولين الفاسدين أن يتلاعبوا بها وبشكل يغطي على فسادهم, ومن ثم أوجبت تلك المرجعية انتخاب القوائم الفاسدة الكبيرة وعلى أساس طائفي مقيت خصوصاً القائمتين ” 169 و 555 ” لتجذر وتؤسس بدعمها لتلك القائمتين للطائفية السياسية التي تحولت إلى طائفية مذهبية على الساحة العراقية, ومن ثم وقفت هذه المرجعية الإيرانية بكل قوة لتدعم السفاح المالكي على مدى ثمان سنوات حتى وصل بها الأمر أن تحرم التظاهر ضد حكمه الفاسد والإجرامي, ولم تنطق ببنت شفه إزاء عمليات القتل والإبادة والتهميش التي مارسها هذا الإمعة بحق العراقيين السنة في المحافظات الغربية والشمالية وفي المحافظات الجنوبية كالبصرة.
كذلك اتخاذ جانب الصمت المطبق عن كل حالات السرقة والنهب للثروات والفساد المستشري في جميع مرافق الدولة العراقية ومؤسساتها والذي تمارسه الكتل والأحزاب والشخصيات التي حضت بدعم مرجعية السيستاني وبشكل يوحي بأنها تمضي وتوافق تلك الممارسات – وهذا هو واقع الحال – فاتسعت رقعة الفساد وإزدادت شريحة المفسدين.
هذا الفساد وتلك الطائفية السياسية التي حضت بمباركة ودعم السيستاني انعكس بشكل واضح على جميع القطاعات في العراق ومن بينها القطاع الأمني, فبسبب سياسة السفاح المالكي الطائفية تدهور الوضع الأمني في المحافظات الغربية, وبسبب عمالته لإيران وخدمته لمشروعها التوسعي في العراق دخل تنظيم داعش للعراق وما يؤكد ذلك تقرير لجنة التحقيق في سقوط الموصل, الأمر الذي أدى إلى أن يدفع العراقيين ضريبة عمالة المالكي وإجرامه وفساده والمدعوم من قبل مرجعية السيستاني, فحصلت المجازر والمذابح وعمليات التهجير بحق المدنيين العزل المساكين.
ومن ثم تشكلت المليشيات – الحشد – بفتوى من السيستاني لتمارس عمليات القتل والتهجير والتطريد والترويع بحق العراقيين بحجة محاربة تنظيم داعش الذي فتح السفاح المالكي أمامه الحدود, وتحولت تلك المليشيات إلى مجاميع إرهابية تمارس القتل والسلب والنهب بحق جميع العراقيين وفي كل المدن, وبسبب الدعم الذي حصلت عليه تلك المليشيات من قبل السيستاني تمردت بشكل واضح وصريح على القوات الأمنية والعسكرية فباتت هي الآمر الناهي وهي المتحكم بقرارات الحكومة, الأمر الذي جعلها تسرح وتمرح في أرض العراق دون أي رادع لتصبح أداة إيرانية لتنفيذ المشروع الفارسي الإمبراطوري في العراق, وهذا كله بسبب السيستاني ومؤسسته في النجف, كما يقول المتحدث الرسمي بإسم المرجع العراقي الصرخي في ردٍ له على سؤال حول تشكيل الحشد وجهته الصحيفة الشروق ” تأسيس الحشد تم بفتوى من السيستاني الذي يعد أكبر مرجع شيعي في البلاد، هل ينطبق عليه توصيف عميل لإيران، وتحديدا ولاية الفقيه؟.”… فكان جوابه …
{{… إيران سيطرت على المؤسسة الدينية في العراق، والسيستاني من شاكلة ما ذكرت، فهو تابع ويطوف في فلك إيران، واصلا إيران هي من أسست الحشد الشعبي، والسيستاني أصدر فتوى التأسيس للحشد الطائفي بناء على طلب إيراني من أجل القتل في المناطق الغربية للعراق التي تعد المركز الرئيسي لإخواننا السنة، يريدون من وراء قتل وتطهير إخواننا السنة إحداث التوازن الديموغرافي, أذكر ما قاله السيد المرجع في بداية تأسيس الحشد الطائفي، لقد ولد هذا الكيان المجرم ميتا لسبب بسيط لأنه لم يكن أبدا لحماية العراق وترابه وخيراته…}}.
فبخلاصة بسيطة ومختصرة؛ إن المسؤول الأول عن كل ما حصل ويحصل في العراق من فساد وإفساد واتساع رقعة الإرهاب الداعشي والمليشياوي هو المرجع الإيراني السيستاني وبالطريقة التي أوضحناها في معرض المقال, فهو المسؤول عن تفشي الفساد والإرهاب في العراق وهذا ما يؤكده ويثبته واقع الحال الذي نعيشه اليوم.