23 ديسمبر، 2024 10:13 ص

يمر العراق الان في حلقة مفرغة من الجدال البيزنطي مع نفسه عسى ان يجد ضوءا في نهاية النفق المظلم الذي دخل فيه منذ سقوط النظام السابق بل منذ تولي النظام السابق السلطة بفلتة من فلتات الزمن .الكل يتكلم عن الفساد الاداري والمالي والسياسي والاجتماعي والديني والاخلاقي والقيمي وبانه راس البلاء لما وصل اليه العراق وهو والارهاب وجهان لعملة واحدة.والكل يطلب معاقبة الفاسدين باشد العقوبات بما فيهم الفاسدين والفاسد يقول للفاسد انت فاسد. وتشكل لجان بعد لجان لتشخيص المقصرين والفاسدين لتقديمهم للعدالة .وتشكل هيئات ولجان نزاهة حكومية وبرلمانية وتنجرف مع تيار الفساد ومع المفتشية العامة وهيئات الرقابة وتصريحات المسؤولين كلها جعجعة بدون طحين.وتمر السنين والحال من سيء الى اسوا ودوامة الحلقة المفرغة تدور وتدور والاعداء يضحكون علينا والاصدقاء والاخوان العرب منهم من يضحك ومنهم من يتفرج ونحن لا نرعوي ولا نعرف ان نصلح حالنا وكاننا همج وليس شعب ذو اقدم حضارة في التاريخ .بطبيعتنا وبالفطرة لا تنقصنا الحكمة والنباهة والفطنة والطيبة والوطنية التي طمسها الفساد.اين مراكز البحوث والدراسات لتقول لنا باننا ندور في حلقة مفرغة وتدلنا على الحلول الواقعية الصحيحة بعدما تحلل الامور باولياتها وليس بنهاياتها ونتائجها وتستنتج اسباب ومسببات واقع الحال وتنقذنا من حيرتنا ودهشتنا.من كان يتوقع ان نصل لما وصلنا اليه لو لم تحكمنا عصابة البعث لعقود وهي التي قلبت الموازين والقيم والمقاييس راسا على عقب وخربت النفوس وشجعت خرق الانظمة والقوانين منذ اليوم الاول وليس بسبب حروبها العبثية وضربت السلم الاهلي والعرف الاجتماعي وقامت بكل الجرائم التي تقوم بها حليفتها داعش هذه الايام من تعذيب وقتل الابرياء وقطع الرؤوس والتهجيروالتغييب القسري والاختطاف والاغتصاب والسبي والسرقة والتهريب والترهيب والسطوالمسلح وشن الحروب العبثية والتزويرومصادرة الاموال والحقوق واسترخاص المواطن حتى اصبح الانسان العراقي ارخص انسان في العالم ولحد الان وعسكرة المجتمع وتدريب الاطفال على السلاح والقتل والذبح وغيرها .فحكم البعث يعتبر المجرم الرئيسي والحقيقي رقم واحد لما وصلنا اليه والمجرم التالي هي الادارة الامريكية التي تولت الامور بعد حكم البعث حيث لم تغير اساس الفساد الذي اسس له حكم البعث وثقافته بل شجعته ليستفحل ويصبح ثقافة و عرف سائد لا بد منه ليشمل حتى المناضلين الوطنيين الذين قارعوا نظام البعث فضعفوا امام المغريات وامام التركة الثقيلة لحكم البعث بحيث عجزوا عن حل الاف المشاكل الموروثة من النظام السابق والمفتعلة من قبل الامريكان فانجرفوا مع تيار الفساد الجارف. فالمسؤولين بعد السقوط وبعد الامريكان يعتبرون المجرمين الثانويين درجة ثالثة بعد نظام البعث والامريكان بحق العراق وما وصل اليه.غالبية المسؤولين لم يكونوا فاسدين بطبيعتهم او بالفطرة وانما الجو العام من طغيان الفساد وشرعنته من قبل حكم البعث لعقود ومن قبل الامريكان مهندسي المحاصصة الطائفية وخلق الفراغ الامني والفوضى بحل الجيش والاجهزة الامنية وتشجيع النهب والسلب ادى الى ان يكون النزيه نشاز لا يمكنه الاستمرار بنزاهته الا ان يستقيل وكيف يستقيل والبديل حتما فاسد ويستحوذ على حصته من الكعكة؟ ,والذين يطالبون بمعاقبة الفاسدين باقسى العقوبات وهم على حق لكن ليسوا احسن منهم ليكابروا بل لابد ان يفسدوا في هكذا جو الا ما ندر.بالاضافة الى ان الفساد عندنا ليس بالمستوى المعقول فهو مقرون بالجهالة وقلة الذوق بحيث الفاسد لا يعمل الحد الادنى من واجبه وبدون حياء ولا خوف وخاصة المتابعة والمحاسبة شبه معدومة والكل في الهوى سوى وقد ذهب ماء وجههم. المسؤولين المعينين من قبل الكتل والاحزاب يتنافسون فيما بينهم على

نهب المال العام وكان العراق خيمة تحترق وكل منهم يتشاطر باخس الاساليب ليحصل اكثر من غيره لنفسه ولكتلته او حزبه باعتبرها اولى من غيرها لانها هي التي تمثل مصلحة الشعب اكثر من غيرها وكل كتلة تسكت و تتستر على الاخرى فلا يحاسب احد. لذا فالحل بمعاقبة بعض الفاسدين ككبش فداء لارهاب الاخرين على طريقة صدام ليس حلا منصفا وواقعيا .ولا يمكن معاقبة جميع الفاسدين وهم بعشرات الالاف لان الدولة بنيت على الفساد وليس دولة فيها فساد. لذا على حكومة العبادي اصدار قانون العفو الخاص اوالعام عن الفاسدين بعد استرداد الاموال الحرام التي بحوزتهم باصدار قانون من اين لك هذا او باية طريقة اخرى تشجيعية اختيارية او اجبارية مناسبة. واملنا بحيدر العبادي المدعوم داخليا وخارجيا لياخذ قرارات شجاعة استثنائية والا فالحل سياتي من الشعب وخاصة الحشد الشعبي المقدس بعد التخلص من داعش التي جائت نتيجة هذا الفساد وبمباركة البعث ومشاركتهم ليتسلقوا على اكتافهم كما هو ديدنهم لكن داعش تغدى بهم قبل ان يتعشوا بها .ولا يزال الكثير من العسكرين خاصة من اعوان النظام السابق الذين شكلوا المجالس العسكرية اثناء الاعتصامات مستمرين في صفوف داعش .والحل الذي ياتي من الشعب بمظاهرات عفوية غير منضبطة او غير عفوية هنا او هناك سيدفع البلد ثمنا غاليا هو في غنى عنه . فان اضطر الشعب لذلك فاليكن الحراك بقيادة مدنية محنكة او الاحسن بمبادرة مرجعية السيستاني الموقرة لجميع العراقيين باعلان الاحتجاجات المليونية السلمية باية طريقة تراها مناسبة للتغيير وربما استغلال الزيارات المليونية للعتبات المقدسة تكون كافية للتغيير في حالة عدم تمكن حيدر العبادي من تنفيذ برنامجه المعلن وخاصة فيما يخص محاربة الفساد .المرجعيىة باعتبارها صمام الامان ولها الفضل على الذين يتولون الامور الان عليها ان تتحمل مسؤوليتها بوضع العملية السياسية على السكة الصحيحة من ناحية الفساد بعدها يمكن ان تترك المشهد ولا مبرر لها ان تاخذ موقف المقاطعة والمعارضة السلبية والمراقبة فقط.ان الشعب العراقي ثوري بطبيعته وسكوته على الوضع المزري كان بسبب خوفه من البديل الاسوء اي حكم البعث والارهاب الذي وضعه بين المطرقة والسندان وفي حال مثل بلاع الموس كما يقال.

لا شك ان الفساد هو الذي يغذي الارهاب منذ اليوم الاول للسقوط حيث تغلغل البعثيين والارهابيين في كافة اجهزة الدولة والامنية منها خاصة وتواطئوا مع الارهاب. والفساد هو الذي اعطى الامل للبعثيين لاسترداد حكمهم الاسود بعد ان لطف وجه نظامهم الى حد ما وعند انقطاع املهم بالقضاء على الفساد سيراجعون انفسهم لانهم انتهازيون وليسوا عقائديين هم عصابة مافيوية وليس حزب سياسي. البعثيون غدارون بطبعهم ولا تنفع معهم المهادنة والمصالحة لانهم لا يعترفون ولا يرضون بالحلول الوسطية بل بالاستحواذ. لذا لا تنفع معهم الا العين الحمرة والتشدد والاجتثاث عدا الذين يدينون نظام البعث قلبا وقالبا ولا يتعاطفون معه بعد سقوطه.لذلك على العبادي ان يعمل باتجاهين بعد القضاء على داعش باتجاه استرداد اموال الشعب المنهوبة ومنذ عقود من حكم البعث ولحد الان بكل الطرق وباتجاه تطهير اجهزة الدولة من كل المتعاطفين مع البعث ونظامه. وكلما امكنه العمل بذلك من الان فصاعدا هو الافظل. مثلا نسمع ببيع 200 مليون دولار يوميا ولا يوجد متابعة لهذا المبلغ من قبل البنك المركزي وحتما هناك فساد في طريقة التداول والتحويل الخارجي والبضاعة المستوردة فاين الشفافية ؟يمكن للعبادي المتابعة من الالف الى الياء والمحاسبة ليوفر مبالغ طائلة من هذه الفقرة فقط وهو اعلم ببقية فقرات الفساد.