الكرادة ، تلك المدينة الجميلة التي تغفو على ضفة دجلة ، بأهلها الطيبون الكرماء ، هي مسقط رأسي مثلما هي مسقط رأس العبادي ، لكني لا أجد متنفسا لحزني ، على اقاربي وأصدقائي ، على عوائل ابيدت بالكامل في حادثة يوم أمس ، كوكبة من الشباب الشهداء بعمر الورود ومن نفس العوائل ، الكثير من الشباب الخريجون ممن لم يجدوا عملا ، تفحموا وصار من العسير التعرف عليهم ، لقد محت النيران والشظايا الغادرة ملامحهم ، ابكي على طريقتي بدل الدموع دما ، وأنا أمام لوحة مفاتيح الحاسوب ، وأنا أتذكر تلك المرأة التي ارادت التعرف الى أبنها من بين الجثث المتفحمة ، وهي تقول انها تعرف ابنها من رائحته ولا يمكن أن تخطئ في هذا !.
الكرادة ، قلب بغداد ، وبغداد تعني العراق ، ماذا سيقول العبادي وقد استُقبل موكبه بالأحذية وقوارير الماء والحجارة ؟ ، هل هنالك عبارة أبلغ من اننا لا نريدكم ؟ لماذا لم يفهموا تظاهراتنا وأعتصاماتنا وأحتجاجاتنا وكتاباتنا ، ولم تبق الا هذه اللغة ، لغة الأحذية والشتائم والرجم بالحجارة وكأنهم شياطين ، فهل سوف يفهمونها ؟ أشك في ذلك ! ، لأن الله مات في قلوبهم على حد تعبير السيد غالب الشابندر ! ، الذي قال بأن أحد المسؤولين (لا أعرفه ولا ينبغي لي معرفته) قد عين 1200 من أقاربه ، منهم في أكثر المفاصل الأمنية حساسية ، من غير المهنيين ، ومن المعوّقين عقليا وثقافيا !.
وزارة الداخلية (قلّصت) من عدد الشهداء المعلن كعادتها ، فكم نحن (رخاص) في نظرها وكأنها ستدفع مالا من جيب (اللي خلفوها) على رأس كل شهيد أطيح به !، كيف لا ، وفي ذلك ترجمة لفشل الأجهزة الأمنية وكسلها وتخلفها وفسادها وكل صفاتها السلبية التي تجعل منها (داعش) بأمتياز ، فالشر والجريمة موجودان في كل زمان ومكان ، لكن هنالك من يتصدى له ، وأن فشل فعليه الأنزواء بعيدا ليفسح المجال لغيره من أصحاب الكفاآت ، أما أذا أصر على الفشل والتربع على صدور الجماهير ، فذلك يضعه في خانة الدواعش ! .اتصفح صور ليالي الكرادة البيضاء ، المزدانة بشبابها ، وفي طرفة عين ، أحيلت الى جحيم أسود ، فماذا سيقول المسؤولون ؟ ، مجرد فقاعة … هه ..! ، سيدّعون أن تنظيم داعش يترجم اندحاره بهذه الفقاعات !، أيها المتخلفون ! ، هذا ليس عذرا ، اية فقاعة تفرم لحوم شبابنا وتشوي أجسادهم ؟! ، الا سحقا لكم وترحا ، خططكم الأمنية متخلفة فاشلة ، والسيطرة على الأمن لا يتأتى بغلق الطرق حتى اختنقنا ، ودون أدنى فائدة !.