19 ديسمبر، 2024 3:07 ص

من المؤتمن على دمائنا ؟

من المؤتمن على دمائنا ؟

 تابع العالم باهتمام ملحوظ تطور العلاقات الايرانية الاميريكية باتجاه الانفراج في ازمة الملف النووي الايراني , وكان الاتصال بين الرئيسين روحاني واوباما ثم اللقاء بين وزيري الخارجية لكلا البلدين الحدث الابرز في الدورة الحالية للجمعية العامة للامم المتحدة , وكان من الاثار القريبة لهذا التطور اقليميا قلق كبير مازالت تعيشه اسرائيل على الرغم من التطمينات الاميريكية , ومن اثاره هذا التخبط والارتباك الذي بدت عليها دول الخليج لاسيما السعودية , فقد رفضت الرياض تسلمها لمقعدها غير الدائم في مجلس الامن الدولي مبررة الامر بازدواج المعايير في سياسة المجلس وكأنها الان اكتشفت هذه الازدواجية وليس هي ممن غرق فيها وشجعت عليها في كثير من الازمات .
    التطور في ملف العلاقات الايرانية الاميريكية على الرغم من انعكاسه ايجابيا على الداخل الايراني بتخفيف العقوبات الاقتصادية وتحسن سعر صرف الريال واعتراف دولي صريح بان ايران دولة نووية , على الرغم من كل هذا لكن  الشعب الايراني ظهر اكثر نضجا ووعيا لقضيته القومية ومعركته الوطنية فقد اظهرت استطلاعات الراي وتصريحات المواطنين لوسائل الاعلام الايرانية ان البرنامج النووي لايران قضية وطنية عليا لايمكن التراجع عنها , واية مفاوضات انما تدور على قضايا اجرائية ليس اكثر , وان من سيفاوض في جنيف وغيرها سيحمل إلى جانب ملفه الرسمي آمال شريحة واسعة من شعب بات يضع البرنامج النووي في خانة المقدس. 
       تقول صديقة سالاريان والدة العالم النووي مصطفى أحمدي : “من حقنا أن نمتلك الطاقة النووية السلمية، نحن نريدها لخدمة المرضى وخدمة الإنسان وهذا حق لنا ” واضافت والدة مصطفى الذي إغتيل قبل سنتين لدوره في البرنامج النووي الإيراني :  اننا نحمل وزير خارجيتنا والفريق المفاوض في جنيف أمانة ألا يتنازلوا عن أي حق من حقوقنا في الطاقة النووية السلمية . نحن نؤكد أن المسألة النووية تمثل بالنسبة لنا كإيرانيين مسألة وجود نقدم من أجلها أغلى ما نملك، قدمنا دماء ابنائنا وهذا يدل على أن البرنامج النووي بات بالنسبة لنا مسألة تعيش في وجدان كل إيراني” تضيف السيدة صديقة.
لم تصبح القضية النووية قضية شعب بين يوم وليلة، المسألة رسختها العقوبات التي طالت كل إيراني ، ليصبح كل واحد من هؤلاء شريك في التضحية . وهكذا رسمت الخطوط الحمراء بالدماء والمعاناة . يقول مواطن إيراني “لدينا شهداء كثر دفعوا دماءهم ثمناً للارتقاء بمستوى المجتمع علمياً ” فيما يرى آخر أنه “على الدول الغربية، إذا كانت تريد الحل فعلاً، أن تفهم أن العقوبات لن تنفع، وأن احترام حقوق الشعب الإيراني وحده الذي سيوصلهم إلى الحل ” . هذه المواقف التي ابداها الايرانيون وصفها احد الصحفيين بانها السجادة النووية الإيرانية، حاكتها الدولة ولونها الشعب، لذا فسعرها لا يقدر بثمن.
    نحن في العراق اعطينا الدماء انهارا زمن الدكتاتورية وبعد زوالها اكثر مما اعطى الايرانيون من اجل برنامجهم النووي , وعشنا حصارات كثيرة على كل المستويات ومازلنا , فهل تحولت تضحياتنا ومعاناتنا المرة الى قضية مقدسة في اجندة الطبقة السياسية ؟ .
     مثلما طالب الايرانيون واشنطن والعواصم الغربية بان تفهم أن العقوبات لن تنفع، وأن احترام حقوق الشعب الإيراني هو الطريق الذي سيوصلهم إلى الحل فالعراقيون اليوم يطالبون الارهاب وحاضناته بان سفك الدماء لن يعيد العراق الى عهد الدكتاتورية , ولن يتسلط على العراق سلفيون مجرمون بعيدون عن روح العصر وغرباء عن حضارة العراق . الايرانيون اعتبروا دماء علمائهم امانة لن يسكتوا على التفريط بها , واعتقد ان قيادة ايران وحكومتها ستتحمل تلك الامانة وتؤديها بكل مسؤولية , وهنا اتساءل بقلق يشاركني فيه ملايين العراقيين هل لدينا من نأتمنه على دماء شهدائنا وتضحيات سجنائنا ؟ هل يوجد في افقنا العراقي من نثق بانه يحمل القضية همّا يؤرقه ليلا ونهارا , ام حالنا بان لا احد يهزه هذا الدم المسفوح , ولا قلب يانف الذل والهوان , وكأننا كما قال الشريف الرضي :
ولا أنفَ تَحمى لهذا الهوانِ …………………… ولاقلبَ يأنفُ هذا المُقامَا
وما يكون ذلك الا في ظل سياسيين وقيادات تعمل لذواتها وتدعوا ان لاتمر بها الرزايا حتى بات المواطن يدعوا ان تدركهم المنايا كما ادركته في مفخخة اختطفت منه فلذة كبده , كم انت عظيم في بصيرتك ايها الشريف وكأنك تصور حالنا في بغدادك التي كنت صوتها المدوي :
كلٌ يفوت الرزايا انْ يقعنَ به ………………… أمَا لايدي المنايا فيهم دَرَكُ .

أحدث المقالات

أحدث المقالات