في سنة(35) للهجرة؛ بويع أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب(ع) خليفة على المسلمين، وقام أبو الحسن بنقل عاصمة الدولة الأسلامية من الحجاز الى العراق في الكوفة؛ مركز محافظة النجف الأشرف حالياً، وما زاد في تشريف المدينة أن آخا رسول الله(ص) ووصيه؛ دفن فيها ومرقدهُ أحد الشواخص الدينية الذي يقصده ملايين الزوار سنويا من مختلف انحاء العالم الأسلامي.
وللنجف حب في قلوب المؤمنين من اتباع أهل البيت، ولهذا اختار الشيخ ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي النجف الاشرف مقر له سنة(448)هـ،بعد ان غادر بغداد،وكان لاستقرار الشيخ في المدينة بداية عهد جديد، لأنه من أكبر العلماء والمفكرين الأسلاميين، مع ان المدينة كانت مشهورة بعلمائها وفقهائها قبل هذا التأريخ، وأخذت المدينة تتحول الى جامعة دينية كبيرة.
الحوزة العلمية الشريفة، واحدة من أهم المؤسسات الدينية، والحوزة لفظ اصطلاحي للمدرسة الفقهية للمذهب الجعفري، وفيها العديد من العلماء والمفكرين منذُ نشأتها ولحد الأن، وهي مرجع فقهي تقوم بتدريس الفقه الأسلامي واصدار الفتاوى الشرعية ولديها وكلاء ومعتمدين في جميع انحاء العراق.
كانت الحوزة وما تزال معروفة بمواقفها الوطنية الشريفة، كما أنها لم تجامل حاكم ولا محكوم،ولم تؤيد الظلم اينما حل، ويعتبر السيد علي الحسيني السيستاني(دام الله ظله) المرجع الأعلى وزعيم الحوزة العلمية حاليا، ويتبعه العديد من المقلدين في جميع انحاء العالم الأسلامي،وهو امام الزمان للمقلد، وقول الرسول(ص)(من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية).
لا يخلو مجتمعنا هذه الايام من التنافس الانتخابي السياسي الذي طالت أثاره السلبية الناس الخيرين والرموز الدينية، لان السياسة احيانا لا تعرف الحدود والالتزامات، مع أن المرجعية حددت وقوفها على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية، وليس غريب على آتباع وعاظ السلاطين وطلاب المال والسلطةالتجاوز على أهل العلم والمعرفة.
لقد كانت المرجعية الرشيدة وما تزال صمام الآمان للعراقيين،واستهدافها من قبل المنبوذين حتى في مجتمعاتهم له وزر كبير، لأنه يحدث الفتنة والتفرقة بين المسلمين ويشق وحدة الصف بالوقت الذي احوج ما نكون به للوحدة ورص الصفوف، لمقاتلة الارهاب الذي يفتك بالارواح ويقتات على الدماء.
لم تكن المرجعية صامتة يوماً، بل صوتها مدوي ولا ينتهي، لأنه يدور بأسماع الطيبين والخيرين، ومن لا يسمع صوتها فهو اصم واعمى القلب…، ويقول سبحانه وتعالى(وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّسَبِيلاً)(الاسراء/72)