طوال أکثر من أربعة عقود من تعامل المجتمع الدولي مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، وبشکل خاص في المجالات الحساسة نظير البرنامج النووي أو تدخ؛اته في المنطقة وتصديره للتطرف والارهاب وإنتهاکاته لحقوق الانسان، فقد صار واضحا للعالم بأن هذا النظام ومن دون مخاطبته والتعامل معه بمنطق القوة، فإنه لايفيد معه سواها، ولايمکن حتى أن يتقبلها، وقد أثبتت الکثير من التجارب الدولية التي کان نصيبها الفشل نظير تلك الاتفاقية التي عقدتها الترويکا الاوربية مع النظام الايراني في عام 2004، على سبيل المثال لا الحصر، ولم يلتزم بها الاخير لأنها لم تحتوي على شروط حازمة وقاطعة.
زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، التي طالما أکدت في خطاباتها وتصريحاتها المختلفة من إن”نظام الملالي لايفهم غير لغة القوة وهو يفسر الليونة والمرونة معه على إنه خوف منه فيتمادى أکثر”، وليس من الغريب والمفاجئ أن يتوصل المجتمع الدولي الى هذه الحقيقة ويعي بأن أساليب المرونة والمسايرة والمداهنة مع النظام الايراني لاتفيد بشئ بل وإنها تصب في صالحه، ولذلك فإن لجوء المجتمع الدولي خلال الاعوام الاخيرة الى ممارسة المزيد من التشدد مع هذا النظام، إنما يأتي تأکيدا لهذه الحقيقة، لکن الذي يثير السخرية والتهکم مايقوم قادة هذا النظام من إطلاقه من تصريحات عنترية ضد المجتمع الدولي توحي وکأن النظام بمستوى المجتمع الدولي وإنه هو من يمسك بزمام الامور!
التصريحات الملفتة للنظر التي أدلى بها وزير الدفاع الايراني”أمير حاتمي” والتي أکد فيها على جملة أمور وقضايا بخلاف الحقيقة والواقع ولعل أهمها ماقال بخصوص أن:” جميع مؤامرات الأعداء لتطويق الجمهورية الإسلامية؛ باءت بالفشل، وأضطر العدو في النهاية إلى الإستسلام أمام إيران في الأبعاد المختلفة كالبعد الاقتصادي والعسكري، وبالتالي لا بد للشعب الإيراني أن يتسلح بالقوة لأن العدو لا يعرف إلا لغة القوة”، وهذا الکلام غريب ومثير للسخرية لأن النظام الايراني هو من إستسلم دائما للأمر الواقع بعد إصطدامه بلغة القوة من جانب المجتمع الدولي وإن إجتراع خميني لکأس السم بعد إضطراره على الموافقة على قرار وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة مع العراق عام 1988، وکذلك إجتراع خامنئي لکأس السم النووي وإضطراره مرغما على الموافقة على الاتفاقية النووية عام 2015، تثبتان حقيقة أن النظام الايراني هو الذي ليعرف ولايفهم غير لغة القوة!
تصريحات حاتمي هذه تأتي في الوقت بدل الضائع أن صح التعبير مع المجتمع الدولي، حيث ينفخ عبثا ومن دون جدوى في العضلات الراخية للنظام ويريد إظاهره بمظهر”البعبع” بوجه العالم من أجل إبتزازه، ولکن لايبدو إن هذا الاسلوب سينفع بل وحتى يمکن القول بأنه سيرتد سلبا على النظام وإن الايام القادمة ستثبت ذلك.