18 ديسمبر، 2024 3:37 م

من الذي دمر وعمل على تدمير بلده ونكران وطنه والبيع بارخص الاثمان وبلا شرف وعفة وكرامة

من الذي دمر وعمل على تدمير بلده ونكران وطنه والبيع بارخص الاثمان وبلا شرف وعفة وكرامة

منذ بداية الستينيات في القرن الماضي و الانظمة المتعاقبة على سدة الحكم حاولت بشتى الوسائل قتل الامل في نفوس العراقيين مستخدمة في ذلك، اقوى اساليب القتل و الارهاب و اعتاها، و لم يتمكنوا اطلاقا من تحقيق غايتهم تلك، و بقي العراقيون رغم حجم المأساة و الكوارث الناجمة بحقهم من اقوى الشعوب في العالم من حيث الامل و الحلم الدائمي باقامة دولتهم المدنية المتطورة يوما ما.

الا ان امريكا استطاعت اغتيال هذا الامل و هذا الحلم الابدي بسهولة مدهشة. فلم يبقى الان من لديه املا ببناء تلك الدولة الا من كان ساذجا لا يرتبط بعصره لا من قريب و لا من بعيد!

فالشعب العراقي قد تحول بين ليلة و ضحاها من هذا الشعب الحالم الى شعب يركض ليل نهار وراء احلام منقذيه من القادة و الساسة الذين هم في ادنى سلم من سلالم التقدم و الخير و جل قواهم مسخرة لتحطيم ما تبقى من هذا الشعب المسكين.

كيف تم كل ذلك بهذه السرعة و كيف تم تطويع العقل العراقي المتمرد؟ هذا ما احاول الاجابة عليه فيما يلي:

بغض النظر عما ينسب الى الانظمة الدكتاتورية المتلاحقة على سدة الحكم في العراق و اخرها النظام البعثي، الا انها بريئة تماما مما حدث. لا بل كانت هذه الانظمة بالذات هي السبب الرئيسي في استمرار العراقيون بجميع اطيافهم في حلمهم الابدي بالخلاص يوما، و استمرار الامل لا بل اشتداده مع اشتداد قسوة تلك الانظمة المتعاقبة. اذن ان الانظمة السياسية الحاكمة سابقا بريئة تماما من هذا الذنب الذي لا يغتفر!

عند احتلال ( او تحرير حسب ما يراه اخرون) العراق من قبل امريكا 2003 بدأت فصول المأساة العراقية.

فالامريكان لم ينهوا فقط النظام الفاشي الحاكم انذاك، بل قتلوا هذا الحلم الابدي لدى العراقيين ايضا. و لاول مرة في التاريخ استطاع الامريكان و بسهولة مذهلة قتل الامل العراقي و حلم اجياله الدائم. كيف تم كل هذا؟

ان الامريكان لدى تمكنهم السيطرة على البلد بدأوا بجدية فائقة و بعد دراسة عميقة للواقع العراقي الحديث و بمساعدة خبراء من اخبث دولة في العالم و اعني ( الامبراطورية البريطانية) ، بدأوا بالبحث عن اقذر قاذورات التاريخ العراقي المعاصر و وضعوهم في سدة الحكم في البلد.

ان حجم الصدمة المذهلة لدى الشعب العراقي من تلك الخطوة الامريكية قد اقضمت ظهر هذا الشعب المنهك اصلا و جعله في حيرة من امره، بعدما كان مقطوعا لعقودا طويلة عما يجري خارج البلد. لقد تصور اغلب الناس بان الامريكان لا شك، يعلمون اكثر بمصلحة هذا البلد من اهله المنهكون، و الا فما هو سر قدومهم عبر المحيطات لتقديم ضحايا امريكية في ارض ملعونة عبر التاريخ.

هكذا اذن! لقد حصل ما حصل و الحبل على الجرار، كما يقال…

هذا هو السر الذي عجز عنه عباقرة الحكام المتتالين على سدة الرئاسة في العراق. فجميعهم كان يحاول تجميل صورته امام الشعب بالاتيان باحزاب ورقية و اشخاص يتميزون باحترام الشعب لدرجة ما لتجميل صورتهم المكروهة و لم ينجحوا في مساعيهم و بالذات لهذا السبب. فالشعب كان اذكى من ان تعبر عليه تلك الحيل.

اما الامريكان فانهم صدموا هذا الشعب لدرجة الشلل باتيانهم بهذه القاذورات التي اسمها القادة في عراق اليوم بعد الاحتلال. لم يجرؤ احدا في الماضي حتى مجرد التفكير بهذه الخطوة اللعينة. و ها هم ينجحون كالعادة بما فشل فيه الاخرون على مدى العصور.

بعد هذا التحليل البسيط، انني على ثقة مطلقة بالموت السريري للشعب العراقي بجميع اطيافه. فليس هناك فرقا جوهريا لنوعية الحاكمون في العراق بكل اجزاءه و مكوناته. الكل بدون ادنى استثناء من نفس المزبلة التي اكتشفها الامريكان في البلد. لقد تم اختيار الاكثر عفونة من بين مكونات تلك المزبلة. انهم يستحيل ان يتركوا الحكم مهما بلغت الامور.

ان هؤلاء كانوا و سيبقون الضمانة التامة بابادة العقل العراقي ان بقي هناك شيء اسمه كذلك. انهم الضمانة الدائمة لابادة الحلم العراقي و اسباب بقائه رغم الظروف. انهم و اعني تماما جميع القادة و الساسة الحاليون في العراق من المؤيدين و المعارضين على السواء و بدون استثناء لاحد ما اطلاقا، ان هؤلاء جميعا هم الضمانة التامة لابادة الحلم العراقي و الى الابد.

هذا ما فعله الامريكان في العراق مهد الحضارات الانسانية في العالم! و القادم اسوأ دون ادنى شك!!!

 

إن “الأزمة وحدها، سواء أكانت الواقعة أم المنظورة، هي التي تُحدث التغيير الحقيقي. فعند حدوث الأزمة تكون الإجراءات المتخذة منوطة بالأفكار السائدة. وهنا تأتي على حد اعتقادي وظيفتنا الأساسية: وهي أن نطوّر بدائل للسياسات الموجودة وأن نبقيها حية ومتوفرة إلى حين يصبح المستحيل حتمية سياسية”. ميلتون فريدمان، وهو مؤسس عقيدة الصدمة الاقتصادية. كان فكر هذه الرجل يقوم على استغلال الكارثة -مذهب رأسمالية الكوارث- سواء كانت انقلابًا، أم هجومًا إرهابيًا، أم انهيارًا للسوق، أم حربًا، أم تسونامي، أم إعصارًا، من أجل تمرير سياسات اقتصادية واجتماعية يرفضها السكان في الحالة الطبيعية. الجزء الأكثر فاعلية في هذا التلاعب يهدف إلى وضع الناس في حالة صدمة يعاني بعدها الناس من الرهبة، وفقد القدرة على الحركة في هذه الحالة يصبحون غير قادرين على التفاعل مع فقدان الحقوق، بسبب التعامل الوحشي الذي يتعرضون له. وهذا المبدأ تم تطبيقه حرفيًا عام 2003 أبان غزو العراق من قبل الأمريكان.

في خضم الحرب الأهلية بالعراق، كُشِف مشروع قانون يتيح لشركتي شل وبريتيش بتروليوم السيطرة على معظم احتياطيات البلاد الهائلة من النفط

إن مدرسة شيكاغو التي قادها فريدمان وطلابه وأهمهم “كسينجر- رامسفيلد – جورج بوش الأبن – بريمر- ديك تشيني” تتطرف في الدعوة لترك الحرية الاقتصادية للرأسماليين، ومنحهم حرية التملك والعمل وإلغاء الحدود والعوائق واستبعاد أي بعد اجتماعي أو عاطفي أو إنساني، وخفض الانفاق الحكومي وتسريح أكبر قدر من العمال من القطاع العام، وتسليم الإنتاج والتعليم والصحة للرأسماليين المقتدرين الناجحين، وهذا ما بات يسمى بالرأسمالية المتوحشة، أو “النيوليبرالية”، وهي أبرز وجه وتفسير للاستعمار الحديث، الذي يهدف لفتح الدول أمام الشركات العملاقة العابرة للحدود، وفي سبيل ذلك لا مانع من توظيف جيوش الدول العظمى والمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية (البنك الدولي، صندوق النقد الدولي).

عملت استراتيجية (الصدمة والترويع) في العراق مع العلاج بالصدمة على خصخصة شاملة، وتحرير كامل للتجارة، وضريبة ثابتة بنسبة 15%، وتقليصًا كبيرًا لحجم الحكومة، وتدمير البنى التحتية، واللامبالاة حيال نهب ثقافة البلاد وتاريخها، وفي خضم الحرب الأهلية بالعراق، كُشِف مشروع قانون يتيح لشركتي شل وبريتيش بتروليوم السيطرة على معظم احتياطيات البلاد الهائلة من النفط. هكذا كانت السياسة الاقتصادية لسيدة الخراب الأولى -أمريكا ـ تجاه العراق، وبطبيعة الحال أنتجت مجتمعًا مفككًا واقتصادًا لا يُسعف أكثر فئات المجتمع.

يستخدم مايكل اوترمان و ريتشارد هيل وبول ويلسون في كتابهم الشهير(محو العراق: خطة متكاملة لاقتلاع عراق وزرع آخر) مصطلح” إبادة المجتمع”، الذي استخدمه لأول مرة كيت داوت في كتابه “فهم الشر: دروس من البوسنة” والذي ينطبق على عراق ما بعد عام 2003، وهي الأسس التي حددها كيت داوت لتحطيم الدولة مستعينا بتجربة يوغسلافيا سابقًا التي تحولت إلى ست دول لاحقًا. إنه السيناريو الذي تم وضعه في مراكز الأبحاث الغربية، بعد دراسة لطبيعه المجتمعات التي يراد تمزيقها، وتفتيت الدولة التي تعيش فيها مجاميع بشرية مختلفه منذ قرون من خلال تفجير الكراهية، لا يتم تدمير البيوت فحسب بل هيبة المنزل، لا يتم قتل النساء والأطفال فحسب، بل المدينة أيضًا بطقوسها ومناهج حياتها، لا تتم مهاجمة مجموعة من الناس فحسب، بل تاريخها وذاكرتها الجماعية، لا يتمّ هدم النظام الاجتماعي فحسب، بل أيضًا المجتمع نفسه.
يسمى العنف في الحالة الأولى إبادة المنزل،وفي الثانية إبادة المدينة، 
وفي الثالثة الإبادة الجماعية، إلا أن من الضروري إدخال تعبير جديد محدث على الحالة الرابعة وهو إبادة المجتمع في عراق ما بعد 2003:
 “حيث تم هدم كل قيم التضامن وعلاقات الجوار والأحياء السكنية والمذاهب وبناء نظام الحواجز المادية والنفسية والدينية، وسيطرة الارتيابية والخوف من الآخر”، والأخطر من ذلك، انقلاب المقاييس بحيث يصبح الشاطر ذكيًا،
 والنبيل العفيف غبيًا لأنه لا يشارك في الوليمة العامة والنهب،
 ويصبح اللص سويًا،
 والشريف منحرفًا.. وغيرها من التناقضات التي تقلب منظومه القيم الأخلاقية والسياسية السوية لصالح نقيضها.

كيف يحدث هذا؟ يقول كيت داوت:
 “من خلال خطة منسقة لأعمال مختلفة تهدف إلى تدمير الأسس الأساسية للمجتمع ونتائجها وحشية. تتضمن تدمير: التضامن، الهوية، العائلة، المؤسسات الاجتماعية، وعي الذات… لكي يصبح الارتياب وسوء النية التوجهين السائدين لدى الناس”.
 يعلق مؤلفو الكتاب الثلاثة مايكل اوترمان وريتشارد هيل وبول ويلسون على فقرات كتاب كيت داوت هذا بالقول: 
التدمير المقصود للعراق وشعبه الذي قامت به الولايات المتحدة الامريكية وحليفاتها، أبان حرب الخليج، وحقبة العقوبات الدولية، وحرب الخليج الثانية، وخاصة في ضوء غزو العراق في نيسان/أبريل 2003 الذي حدث دون تفويض أممي، شكل محاولة إبادة اجتماعية ليس للشعب إنما للدولة العراقية رغم التاريخ الطويل لهذه الدولة وتعايش مكوناتها الأثنية.

لكن كيف تحقق ذلك خلال 14 عامًا من الحروب والدمار والإرهاب والنهب وتغيير القيم والمفاهيم والمعتقدات. وحتى كثير من سلوك الأفراد التي جعلت نزعات الانفصال لأسباب إثنية لا تثير أي رد فعل غاضب من الحكومة والشعب، ومصرع العشرات، سواء بفعل الإرهاب أو الحرب ضد القاعدة وداعش أمرًا طبيعيًا، وكذلك الرشوة والسرقة والاستيلاء غير الشرعي على أملاك الدولة، وتدخل الدول الأجنبية السافر بشؤون العراق واقتطاع أرضيه ومياهه، وتشرد الملايين من مناطق النزاع وهجرة أكثر من مليون عراقي خارج الحدود، كيف تحقق هذا في ظل الديمقراطية الأمريكية في العراق؟ يجيب الكتّاب الثلاثة، موضحين عملية تمزيق الكيان العراقي: “إن مشاعر الاغتراب واليأس والكابة والقلق والمشاعر السلبية، هي ظاهرة سائدة بين الناس الذين تنقلب أسس حياتهم بصورة عاصفة، 
ويشعر الناس الذين يعرفون بعضهم قبل سنوات أنهم في الحقيقة غرباء عن بعض،
 ليس لأن هؤلاء خدعوا بعضهم كما يلوح في السطح، بل لأن نظرة الجميع للحياة تغيرت تمامًا، 
والأسس الاجتماعية والثقافية والصحية والأخلاقية، وروابط اللغة والتاريخ والقرابة والصداقة قد حرثت،
 بل قلبت رأسًا على عقب.
 ولم يعد للناس ما يحكمون به على بعضهم بل على أنفسهم إلا بالحقد والخوف والنقص والكراهية، 
وهي أعراض تدمير البنية العضوية للمجتمع وروابطه، 
وزعزعة الأساس الداخلي للإنسان،
 وتحويله إلى جيفة متنقلة، 
أو إلى مخلوق ساخط يعوي على قمر بعيد، ويتعرى سلوكًا ولغةً في الساحات والمنابر العامة.، بوهم أنه تحرر من كل القيود السابقة. 
سوف تنهك قواكم وأنتم تتصارعون فيما بينكم، ويتهم كل مكون الآخر بالعمالة لتلك الجهة أو غيرها، وتستنزف ثروات العراق ودم الآلاف من أبنائه، في حروب داخلية، تمهد في مجملها لتمزيق الدولة والشعب العراقي، وهذا هو جوهر مشروع الشرق الأوسط الجديد”.

 

المسؤول عن تدمير العراق هم ثلاث أطراف بالترتيب حزب البعث بقيادة صدام، الأحزاب والميليشيات الشيعية التابعة لإيران، الجماعات السنية التكفيرية

أفكار هذه الأطراف وأفعالها وجهل غالبية سكان العراق (مثل بقية الشعوب العربية حتى لا أحد يقلي إحنا الوحيدين الجاهلين يعني) كان سبباً لكل ما حدث

نظام صدام حسين:

هو المسؤول الرئيسي لأنه ارتكب أخطاء فادحة وقاد العراق بدكتاتورية مفرطة صدام حسين مثل بشار الأسد بالزبط كان نظاماً قمعياً، غزوه للكويت هو أكبر خطأ له ودخوله بصراع مع أمريكيا هو غباء سياسي وتهور، لا أحد يقول لي هذه مرجلة المرجلة هذه أتركها في غرفة النوم أو في الحارة ولا تدخلها بالسياسة وبمستقبل بلد كان من المفترض أن يكون واحد من أغنى وأقوى الدول بالشرق الأوسط، هذا طبعاً دون أن نتكلم عن جرائمه وقصفه للأكراد بالكيماوي

الأحزاب والميليشيات الشيعية التابعة لإيران:

هذه الأحزاب (مع السياسيين السنة أيضاً) التي نهبت المليارات حولت العراق لواحده من أفسد الدول في العالم ولدولة فاشلة تماماً تنهار أمام مئات الإرهابيين ولا تستطيع الحفاظ على أمنها، أما الميليشيات الشيعية فأضعفت الدولة ومؤسساتها وتسببت بحرب طائفية وقتلت واختطفت أبناء وطنها (هي أصلاً لا تؤمن بكلمة وطن لأن فكرها أممي وولائها لإيران) وهي تمثل النفوذ الإيراني في العراق كما أنها ترفع السلاح خارج سيطرة الدولة، هذا الميليشيات هي أكبر مشكلة في العراق بعد ٢٠٠٣ ولا يمكن أن تنشأ دولة محترمة بوجود هذه الميليشيات

الجماعات السنية التكفيرية

هذه الجماعات تسببت بالحرب والنزاع الطائفي، وقتلت ألاف العراقيين بمخخاتها وتفجيراتها وهجماتها، وتشكل حجر عثره أمام استقرار العراق اليوم (وهي مثل الميليشيات الولائية لا تؤمن بكلمة وطن)

أما جهل الشعب:

فالواقع يقول أن رجال نظام صدام كانوا عراقيين، رجال الحكومة عراقيين، مقاتلي الميليشيات عراقيين الكثير من عناصر داعش عراقيين، الطائفية أنتشرت بين العراقيين، من يؤيد الميليشيات هم عراقيون، من رفع السلاح على أبناء وطنه هم عراقيون، من طبل لصدام هم عراقيون، من يطبل للأحزاب هم عراقيون، من يطالب بحاكم على أساس الطائفة هم عراقيون

لذلك الحق ليس على الحكومات فقط فالمواطن العراقي الذي ينتظر شيخ الدين أو الإعلام المحلي ليفكر بدلاً عنه ويأخذ كلامهم مسلمات هذا جزء من المشكلة، فهو يقاد مثل القطيع ويسمح باستخدامه من قبل تجار الدين

 

هل كان مفهوم “الديمقراطية” متداولًا في أدبيات أحزاب الإسلام السياسي العراقية؟ هل كانت تحلم بالتقرّب من كرسي السلطة وتحقيق العدالة والمساواة لشعب أنهكته الحروب وحطمت نفسيته ذاكرة العنف؟.

بالطبع كلّا، بل كان أكبر همهم “إنزال حكم الله على الأرض”، لكن سرعان ما غيرت هذه الأحزاب جلدها بعد أن رأت النعيم الذي لم يحظَ به الأنبياء والرسل، فتحولت إلى أحزاب برامجية، غير أنهم لم يفلحوا لا بهذه ولا بتلك، فتصدوا لـ “الديمقراطية” التي اخترعها لهم بريمر، وهي حكم الطائفة، ويكون المنطق الذي يسيّر هذه العملية السياسية الأضحوكة هو شعار سقيفة بني ساعدة “منّا أمير ومنكم أمير”، فتحول العراق إلى ثلاثة دهاليز سوداء” شيعي، سني، كردي. فما على الجموع الطائفية الناخبة سوى وضع أصواتهم لأبناء الطائفة أو القبيلة. وقد كان ثمن ديمقراطية الطوائف باهظًا للغاية وكلفنا أرواحًا بريئة وسنوات موحشة وبلد يتجه للمجهول وشعب منقسم على نفسه وسلطة قضائية مسيسة وبرلمان مشغول بسن القوانين التي تمنع الألعاب الألكرونية!.

نجح الأمريكان في رمي العراق في المجهول بطريقة لم يفكر فيها أعتى إرهابيو التاريخ، بدءًا بحرب إيران حتى وعود الاحتلال الأربعة

لقد نجح الأمريكان في رمي العراق في المجهول: حرب الثمان سنوات التي دعموها سرًا وعلنًا، وحصار دام 12 عام حطم نسيج المجتمع العراقي، واحتلال هدّم ما تبقى فيه، ثم أدرك ساسة البيت الأبيض أن العراق لا زال يتنفس، فعليه لابد من “الأمن، الحرية،

الرفاه، الديمقراطية” على الطريقة الأمريكية، هذه الطريقة التي لم يفكر فيها أعتى إرهابي في التاريخ

 

البعض سيقول الاحتلال الأمريكي هو الذي دمر العراق، ومن غير تبرئتها من أخطائها الفظيعة، سواء ارتكبتها بقصد تدمير العراق بنوايا خبيثة، أو لغبائها، ولا أبرئ السياسة الأمريكية من الغباء. لكن أمريكا لم تكن العامل الأساسي في تدمير العراق. لكن سقوط نظام صدام الديكتاتوري مثل فرصة لبداية جديدة، فتعليق الغسيل الوسخ على شماعتي أمريكا وحزب البعث ما هو إلا هروب من مواجهة الحقيقة، أو هو تبرير للمسببين الحقيقيين للكارثة التي حلت بعد 2003 بالعراق. وكون الأحزاب المتنفذة قد جاءت بها أمريكا قول غير دقيق. هذه الأحزاب كانت تمثل قوى المعارضة في المهجر، ولم تكن هناك معارضة منظمة تذكر في الداخل، بعد أن أبادها صدام بقمعه اللامحدود في دمويته. معارضة المهجر هذه كانت تترقب سقوط صدام، سواء على أيدي إيران أثناء حرب الثماني سنوات، التي أشعلها الطاغيتان صدام وخميني، أو على أيدي أمريكا، أو بأي وسيلة أخرى، كأن يكون ذلك عبر انقلاب عسكري، أو انتفاضة شعبية كانتفاضة 1991. عندها كانت ستدخل أحزاب معارضة المهجر وتستلم زمام الأمور لقيادة مقدرات العراق سيئ الحظ.

كما وبلا شك إن للتدخلات الإقليمية لدول الجوار دورا تدميريا تخريبيا ومؤذيا منذ 2003، ولا يمكن تبرئة أي من تلك الدول، على رأسها إيران، أكثر دول الجوار كان لها نصيبها في مرحلة من المرحل من التخريب على جميع الأصعدة. أيضا لسلطة إقليم كردستان وسياسات الحزبين المضرة بمصالح الكرد وبمصالح عموم العراق. كما كان للسياسة السنة السيئين الطائفيين مشاركتهم الكبيرة في عملية التدمير.

لكن علينا أن نشخص لمن كانت حصة الأسد في عملية تدمير العراق. إنها بلا أدنى شك قوى الإسلام السياسي الشيعية، فإنها المسؤولة الأولى والمسؤولة الرئيسة لتأسيس وتأصيل وإدامة كل عوامل تدمير العراق، دولة ومجتمعا، فضيعت الفرصة التاريخية الدهبية على العراق، وعلى الشعب العراقي، أن يقيم نظاما ديمقراطيا حقيقيا، ودولة مواطنة حديثة، تسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والرفاه للمجتمع العراقي، وتجذّر مشاعر وأواصر الإخاء بين شرائح الشعب العراقي، وتُنجِح التجربة الديمقراطية الاتحادية في العراق، لتكون نموذجا يرفع رأس العراق في العالم ويحتذى به في دول الجوار، ونحسد عليه. ولا ننسى دور المرجعية الدينية الشيعية التي تتحمل قسطها من مسؤولية ما حصل، ولتي احتاجت إلى سنوات من عمر العراق، حتى تكتشف مساوئ هذه الطبقة السياسية التي دعمتها وباركتها ومنحتها الشرعية الدينية، فنقول لها، هل العراق حقل تجارب للجهلة بالسياسة؟

إن التقسيم الثلاثي سيئ الصيت وذا النتائج المدمرة للشعب العراقي والمشهد السياسي، إلى شيعة إسلاميين، وعرب سنة، وكرد قوميين؛ هذا التقسيم الذي شكلت فيه القوى الإسلامية الشيعية النسبة الأكبر، وكانت المؤسس الأساسي له، والأكثر تأثيرا على مسار العملية السياسية. أما القوى السنية فهي متوزعة بين إسلاميين يمثلون امتدادا لحركة الإخوان المسلمين، وعروبيين، وذوي نزعة قبلية، وطائفيين، وذوي حنين لعهد صدام. والسياسيون الكرد نراهم قوميين بامتياز، تمثل القوى المفترض بها أنها علمانية، لكن غير الديمقراطية العامل المؤثر عندهم، كما هناك قوى إسلامية متمثلة بثلاثة أحزاب، والذين لم تمنعهم إسلاميتهم أن يكونوا قوميين كبقية الأحزاب، أكثر بكثير مما تتطلبه المصالح القومية للشعب الكردي. ووحدها القوى الشيعية جمعت بين السيئتين، سيئة الإسلام السياسي وسيئة الطائفية السياسية. فمجرد التخندق سياسيا في هوية طائفية معينة هو لون من ألوان الطائفية السياسية ودرجة من درجاتها، وكل ألوانها قبيحة، وكل دراجاتها مدمرة. فالتخندق الطائفي سياسيا هو من أخطر عوامل الهدم لأهم ركن للدولة الديمقراطية الحديثة، ألا هو ركن المواطنة، إلى جانب الطاقة التدميرية للإسلام السياسي، وآلوا على أنفسهم إلا الجمع بين العورتين والسوأتين.

 

كيف دمر الفساد أعمدة الدولة العراقية؟

 

إن كل المراقبين يعتقدون أن ما جلبه الاحتلال الأمريكي على الشعب العراقي لا يحصر، مثل تهديم البنى التحتية وتهديم النسيج الاجتماعي والاختراقات الأمنية نتيجة حل الجيش العراقي.

وأن أهم سلبيات الاحتلال هو أنه جيء بمجموعات طائفية تجهل تاريخ العراق، ووصل الأمر إلى أن رئيس وزراء سابق قال إن منبع دجلة والفرات هو إيران، بينما أي طالب ابتدائي يعرف أن منبعهما تركيا.

و أن هذه القوى هي صنيعة الاحتلال وغير متوازنة، وليس لديها شعور المواطنة، وسرقوا نحو 600 مليار دولار خلال 20 عاما، وهذا الفساد وغياب الأمن جعل الشركات الكبرى في العالم تحجم عن إقامة مشروعات استثمارية في العراق لدعمه اقتصاديا للخروج من أزمته.

و خلال العشرين عاما الماضية كانت هناك مجموعات على رأس السلطة مرتبطة بالمشروع التركي أو المشروع الإيراني ولا توجد مجموعة مرتبطة بالمشروع الوطني، وكل هدفها سرقة المال العام العراقي.

و مصر بنت محطتين كبريين للكهرباء بنحو 7 مليارات دولار، وفي العراق صرفت نحو 35 مليار على قطاع الكهرباء ومازالت الكهرباء مقطوعة بالعراق، لأن هذه القوى ليس لها مشروع وطني، وذلك حصيلة الاحتلال.

 

كلها فساد بفساد وتجارة بائرة.. العراق منذ أكثر من قرن يتحكم به هذا النوع من المرض اللاعضوي ، فإلًم يحكمه غير عراقي، حكمته اهواء جيرانه العقائديه وغير العقائديه،فما حكم العراق حكم ينتمي اليه واصوله عراقيه،لكن لنرى ربما القادم خير

الاولى ان تنظرو لحالة الشركات العراقية التي اغلقت ابوابها بسبب قرارات الدولة العامدة الى تعطيلها من اجل تنمية الاستيراد الخاص

مثلا الشركة العامة للصناعات الالكترونية كقطاع مختلط وغيرها كثير من الصناعات المحلية التي لها القدرة على التصنيع وسد الحاجة المحلية .. لكن الجرم متعمد في قتل روح التحدي و الابداع الصناعي

انا اكتب هذا وانا عارف اننا لن نقدر ان نغير شيء مع المافيا الحكومية مع الاسف