23 ديسمبر، 2024 6:32 ص

من الذي تاجر بأرضه؟

من الذي تاجر بأرضه؟

غاب الربيع عن أم الربيعين، بعد ان أعلن جمال هذه الأرض حزنه وحداده تعبيراً عن الانتهاكات التي اقترفها تنظيم داعش الظلامي اللااسلامي الذي كان قد أحكم سيطرته على الموصل الحدباء منذ أكثر من تسعة أشهر..

غاب الربيع مثلما غاب من كان مسؤولاً عن حماية أمن وسلامة سور الوطن.. تلاشى تماماً ذلك التحصين والتحشيد العسكري، ليترك خلفه فراغاً امنياً كبيراً ويفتح الباب لصناع التطرف..

غاب كل شيء.. حتى الحكمة والشجاعة التي كنا نعتقد انها تكمن في صناع القرار السياسي، وإذا بأغلبية السياسيين يتسابقون لزرع نهج طائفي مقيت يسهم بقتلنا جميعا..

داعش مازال يمارس انتهاكاته، ويطور أساليب إجرامه، ويطال المساجد والكنائس والشواهد الحضارية وأضرحة الأنبياء والأولياء ، ويغتصب الحرمات ويجرف الآثار.. كل هذا لان عدداً كبيراً من ساستنا الاخيار مازالوا منشغلين بتبادل الاتهامات والتشكيك بالآخر، عبر الابواق الاعلامية التي تتمنى ان يؤثر هذا الزعيق السياسي بتفاعل الشارع ورفضه القاطع لداعش..

لسنا بصدد الدفاع والتستر والتملق لمجرم او خائن باع نفسه والوطن، وإنما لتوضيح صورة ربما قد لا يراها البعض..

ولكن هناك حقائق صغيرة تبحث عن من يصدقها ويتعامل معها بتجرد تام للوصول الى حقائق مخيفة، حقائق قد تكشف لنا المتآمر والخائن الحقيقي الذي أوصلنا الى هذا الحال..

حقيقية قدمها السيد أثيل النجيفي محافظ نينوى، الشاهد الذي يحاول البعض تحويل شهادته الى دليل لادانته من أجل التستر على المجرم الحقيقي.. ولكنه (النجيفي) كان موضوعياً وواضحاً واستطاع ان يقدم ويكشف للجنة التحقيق بسقوط الموصل، من خلال استجاوبه مؤخراً لأكثر من سبع ساعات متواصلة يثبت براءته أولاً، وحجم مسؤوليته محافظ لنينوى، في حين لا يمتلك صلاحيات عسكرية في المحافظة.. أي انه لا يمتلك سلطة القائد العسكري التي تخوله بان يوعز للجيش أوالشرطة بالتقدم او الانسحاب.. وإنما هو معني بالشأن الاداري للمحافظة على نحو حصري..

لست بصدد الدفاع عن السيد النجيفي.. “أؤكد” ولكن هناك من يعمد على تحميل القضية أبعاداً طائفية من دون ان يدرك ان كل المكونات العراقية خاسرة في ظل وجود داعش فـ (السُنة) قد تعرضوا الى إبادة جماعية وعوملوا طوال هذه الفترة على انهم أسرى حرب و(الشيعة) الذين يصفهم (داعش) بالرافضة والصفويين ويعمد على إبادتهم وتكفير معتقداتهم.. أما (المسيحيون والصابئة، والإيزيديون.. وغيرهم) فقد نالوا قدراً أكبر من الالم والوجع والامتهان.. الذي يجعلنا نخجل من انفسنا ومن صمتنا العاجز عن انقاذهم..

من هنا.. علينا ان نتحلى بالشجاعة والقوة التي تجعلنا قادرين على لمس الحقيقة وكشف الخائن الاكبر..