اذا تصور حكام الكويت ان جرائمهم بحق العراق تسقط بالتقادم فانهم على وهم لانه لابد وان يأتي اليوم الذي تفتح فية الملفات القديمة قبل الجديدة خصوصاً الملفات التي تتعلق بالقرارات الدولية التي تم بموجبها استحواذ الكويت على اموال الشعب العراقي سواء من خلال التعويضات او ضم أراضي عراقية في غفلة من الزمن ومن دون وجه حق، لذلك لابد من بحث اهم تلك القرارات الجائرة والمواقف العدوانية والتآمرية ليكون المواطن العراقي والعربي على بينة بما قامت بة الكويت من جرائم بحق العراق ومنها جريمة التعويضات التي لازالت تداعياتها تنهك الاقتصاد العراقي وهنا لابد من توضيح مدى أحقية تعويضات الكويت من الناحية القانونية والسياسية. حيث تشكلت لجنة التعويضات بموجب الفقرة 19 من القرار الصادر عن مجلس الامن المرقم 687 لسنة 1991 وتم تفعيل أليات عملها بموجب الفقرة 20 من الوثيقة التي اصدرها الامين العام للامم المتحدة برقم 225539/S وبموجبها ايضا سميت بـ “لجنة الامم المتحدة للتعويضات” ومقرها جنيف وقد وصفها الامين العام “بأنها لا تعتبر محكمة او هيئة تحكيم، وانما جهاز سياسي وظيفته تقصي الحقائق ودراسة المطالبات والتحقق من صحتها والبت في المطالبات المتنازع عليها وتقدير الدفعات والخسائر”. وفي هذا الجانب الاخير من الوصف ينطوي عليها صفة شبة قضائية. وجاء في الفقرة 5 من نفس الوثيقة المشار اليها في اعلاة من تقرير الامين العام “اللجنة عبارة عن مجلس ادارة مكون من خمسة عشر عضوا بتشكيل من ممثلي أعضاء مجلس الامن، وتعمل هذة اللجنة تحت سلطة المجلس بوصفها جهازا تابعا له”. وليس للعراق حق حضور جلسات مجلس الادارة (اللجنة) ولم تذكر الاسباب بالرغم من ان ألية عملها التصرف في اموال العراق وهو الطرف الرئيسي في الموضوع، وقد حاول العراق مرارا الحصول على صفة مراقب في اللجنة المذكورة الا انة لم يفلح. حددت فترة لتقديم طلبات التعويض ابتدأ من عام 1991 لغاية عام 1996 بالرغم من ان ايران تقدمت في عام 2003 بطلب تعويض عن تلوث مياهها الاقليمة أبان حرب تحرير الكويت في عام 1991. استثنت اللجنة العراقيين المتضررين من تقديم الطلبات والله اعلم ما هي الحكمة من وراء ذلك. قدمت الى اللجنة المذكورة الاف الطلبات لغرض التعويض عن الاضرار التي نتجت عن احتلال العراق للكويت، ولا يسعنا في هذه المناسبة ألا أن نسرد بعض الوقائع كنماذج من سياقات عمل اللجنة ليطلع عليها المواطن العراقي والعربي ويرى مدى هيمنة الولايات المتحدة على الامم المتحدة وتسخيرها لاهدافها المشبوهة وكيف كانوا ينهشون في اللحم العراقي المستباح عبر بوابة الكويت ..
– كانت رواتب عمال الخدمات الاسيويين العاملين في الكويت 100 دولارشهريا بموجب عقود مسجلة في مكاتب العمل، ولاغراض التعويض قامت اللجنة باحتساب 800 دولارشهريا لكل عامل.
– رجل باكستاني قدم طلب الى اللجنة بمبلغ ستون الف دولار ثمن ايجار طائرة خاصة لسفرة من الكويت الى عمان لكون زوجته حامل .
– قدمت شركة نقل بحري أندنوسية طلب تعويض عن أضرار أصابت احدى سفنها من جراء قلة اقبال الركاب على تلك السفينة للابحار بها من أندونيسيا الى أستراليا .
– أدارة سينما في أسرائيل تقدمت بطلب تعويض لقلة عدد الرواد الى السينما.
– ألاف من الاشخاص قدموا تقارير طبية الى اللجنة لغرض تعويضهم عن تأثير العامل النفسي على ممارستهم للجنس مع زوجاتهم ومنهم اربعة أمريكان قدموا قرار صادر من محكمة نيويورك بتعويضهم ٦٠ مليون دولار بسبب احتجازهم في العراق بسبب دخولهم بصورة غير شرعية وانقطاعهم عن ممارسة الجنس مع زوجاتهم لمدة ستة اشهر .
– سوريا تقدمت بطلب تعويض نتيجة غيمة مرت في سمائها وامطرت ماء ملوث بزيوت نفطية.
– الاردن قدمت خدمات للنازحين وطالبت الجنة بدفع ثمنها من التعويضات.
– السعودية بسبب تأثيرات بيئية على التربة طالبت بملايين الدولارات.
– الكويت تقدمت بطلب تعويض بملايين الدولارات عن اضرار بيئية نتيجة وجود طبقة خفيفة من غبار نفطي على التربة سببت رواسب كاربوهدراتية، وبعد قيام الخبراء بأجراء فحوصات مختبرية على تلك التربة تبين انها ادت الى تحسين ادائها الزراعي وسببت في زيادة انتاج المراعي، وذلك بموجب تقرير منظمة الزراعة والاغذية الدولية المقدم الى الامم المتحدة.
– الشركات الكبرى في الكويت قامت باحراق مخازنها بعد تفريغها من المواد وتقدمت بقوائم لشركات التامين تقدر بملايين الدولارات على انها احرقت من قبل العراقيين فضلا عن احتساب المواد المسروقة والتالفة والسيارات القديمة بسعر الجديدة.
وهذا جزء ضئيل من كم هائل من الطلبات التي غرفت من اموال العراق المستباحة بدون وجه حق لان الغاية ليس حقوق نتيجة اضرار مادية وانما لإلحاق اكبر ضرر للعراق من خلال استنزاف أمواله بطرق خبيثة .. وللاسف اليوم نجد محاولة برفع التحفظ على قرار حكومة المالكي والوزير السابق العامري بشأن الربط السككي بين العراق وميناء مبارك الكويتي الذي بدونه يولد ميناء مبارك ميتاً وبتحقيقه يعني موت ميناء الفاو الكبير الذي تبلغ كلفته 3 مليار دولار، وتقدر عائداته السنوية 4 مليار وسيقوم بتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل، وتجري محاولات استبداله بمشاريع الربط السككي بين العراق والكويت بعد ان قامت الكويت وسط صمت عراقي نتيجة الفساد والتواطئ من قبل الإدارات العراقية المتتالية، بإنشاء منصة بحرية في منطقة “فيشت العيج” وسط خور عبد الله التي قطعت الطريق البحري لميناء الفاو ليتسنى وصول حالة الحصار البحري الشامل على العراق الى نقطة اللاعودة .. حيث كان هذا الامر مخطط له منذ ان قامت قامت الامم المتحدة بترسيم الحدود البحرية بين العراق والكويت من قبل لجنة ترسيم الحدود الدولية المشكلة وفق القسم ( أ ) الفقرة (3) من القرار 687 الصادر عام 1991 التي استقطعت من العراق أراضي واسعة غنية بالبترول بالإضافة إلى القاعدة البحرية الوحيدة المطلة على الخليج العربي ألا وهي قاعدة( الخليج العربي) البحرية في ام قصر بكل مراسيها ومنشاتها ومداخلها البحرية وضمها إلى الكويت وحرمان العراق من إطلالته الوحيدة على الخليج العربي فضلا عن جريمة الاستيلاء الكويت على الممر الملاحي في خور عبد الله وتعطيل العمل بموانيء عراقية عدة مثل الأرصفة العشرة والبتروكيمياويات وميناء خور الزبير والحديد والصلب والمينائين التجاري والنفطي في أم قصر .. والأكثر جرماً تنازل حكومة المالكي الثانية على ما استولت علية الكويت من ميناء وقناة خور عبد الله وملحقاته من الارصفة المذكورة عن طريق رشاوي وصفقات مشبوهة، الغاية من ذلك غلق كل المنافذ البحرية التي تؤدي الى العراق الا من خلال الربط السككي مع ميناء مبارك المراد ربطه بالقناة العراقية السككية الجافة وصولا إلى أوروبا عبر تركيا وفق ما تدعي الكويت أنة يؤدي مصلحة للعراق بينما في حقيقة الامر جعل الخط الجاري العراقي بيد الراعي الكويتي .. فعلية قبل الحديث عن مصلحة العراق الاولى بحكومة الكويت بحث موضوع الاراضي التي استولت عليها من دون وجهة حق عن طريق السطو وشراء الذمم وقرارات دولية غير شرعية فرضت لاعتبارات سياسية معروفة كان هدفها استمرار حالة التوتر والعداء الدائم بين الشعبين اي بمثابة قنبلة موقوته تنفجر متى استجدت ظروف موائمة لها لانه من الناحية القانونية لم تحصل سابقة في تاريخ العلاقات الدولية بالمفهوم القانوني والحضاري والانساني من قيام منظمة دولية تنصب نفسها قاضيا وتصدر احكام بدون مرافعة لتهب ما لا تملك من استقطاع اراض من دولة وتضمها لدولة اخرى خلافا لما معمول بة دوليا في حل المنازعات الحدودية بين الدول والتي عادة ما تكون اما عن طريق المفاوضات للتوصل الى اتفاقيات ثنائية مرضية للطرفين المتنازعين او اللجوء الى المحاكم الدولية وطرق التحكيم الاخرى. وايضاً بدلاً من قيام الحكومة العراقية التباحث مع الكويت باستعادة اموال العراق المنهوبة والاراضي التي استحوذت عليها بدون وجهة حق فضلا عن المطالبة باسترجاع الاراضي التي وهبت بطرق مشبوهة، تقوم برفع التحفظ على موضوع الربط السككي الذي يجعل شريان الاقتصاد العراقي رهن قبضة حكومة الكويت التي لا يكفيها الأربعين مليار التي نهبتها من خلال التعويضات اللاشرعية على مدى ثلاثة عقود من الزمن .