تسائلت كثيرا عندما شاهدت البرازليون وهم يتسلمون راية دورة الاولمبيات القادمة والتي ستقام في بلادهم , فهم اختاروا رمزا فريدا من نوعه لهذه الاولمبيات وهو رمـز ( الزبال) ! , كنت أتوقع ان الاختيار سيكون الى الاعب البرازيلي الاول في العالم (بيليه) ولكن المشهد أختلف تماما هذه المرة , وبارغم من ان الاسطورة بيليه قد ظهر اثناء الاستعراض لكن بعد ظهور رمزهم الزبال اولا ! أستوقفتني كثيرا هذه المشاهد التي لم اعلم بلبداية عن سبب اختيارهم فيها لهذا الرمز , وفي محض قرائتي الى كتاب (رائد النهضة البرازيلية) حيث تحدث الكاتب كثيرا عن البرازيل ذلك البلد المجنون برياضة كرة القدم صاحب الطبيعة الرائعة الجميلة , فتحدث عن شخص يدعى ( لولا دي سيلفا) وهو مواطن برازيلي من مواليد 27 أكتوبر 1945 حيث نشأة في حياتا اخذ الفقر والعوز منها جانبا كبيرا جدا , عاش وترعرع في احدى ازقة مدينة ساوباولو البرازيلية حيث نشـأ في عائلة تكونت من سبعة اولاد , تعلم هذا الشخص في ظل تلك الاجواء القاسية الاعتماد على نفسه منذ صغره فعمل في عدة مهن لسد رمق العيش كان منها مساح للحذية لفترة طويلة وكعامل في محطة تعبئة الوقود وحرفي في ورشة وميكيانيكي لتصليح السيارات وبائع خضار لينتهي فيه الحال كمتخصص في التعدين بعد الاتحاقه بمعمل “فيس ماثرا” البرازيلي وهو معمل يختص ب(جمع النفايات) ! , تعرض سيلفا الى حادثة في عمر التاسعة عشر التي أثرت كثيرا في حياته وكانت في فترة عمله في تصليح السيارات حيث ادت الى فقدان اصبعة الخنصر ليده اليسرى بالكامل , لينضم بعدها الى نقابة العمال في البرازيل بهدف الحصول على العلاج الكافي .. ومنذ تلك الفترة عمل سيلفا على تضمين حق العمال وحق الصناع في حياته التي مرت بالعديد من النكبات والويلات لحين وصوله كحاكم ورئيسا للبرازيل! بالفعل انه الرئيس البرازيلي (لولا دي سيلفا) الذي انتخب عام 2002 ليحكم البرازيل ثم اعيد انتخابه عام2006 , حيث اختير هذا الشخص ك(شخص العام2009 ) من قبل صحيفة لوموند الفرنسية وصنف بعد ذلك حسب جريدة تايمز الامريكية الشخصية الاكثر شعبية في العالم , ان اختيار البرازيل رمز الزبال في الاولمبيات هو تكريما لجهود ذلك الرئيس الذي شق طريقه بعيدا عن الحزبية والتجمعية التي تحمل في ثناياها اهدافا فئوية وشخصية او نوايا لتحقيق مكاسب مادية على حساب بلده الام البرازيل , وتلقائيا وبدون ان يتمالكني شعور توجه ذهني للمقارنة الغير كفوءة بين سيلفا والساسة في العراق والساحة العربية كلها , فتسائلت مع نفسي لماذا لايكون تاريخ السياسي العربي كهذا التاريخ او قريب منه لماذا لاتختفي ثقافات التعالي التي يعيشها العربي دائما على الرغم انه لم يستطيع تحقيق مبدء العلو في الواقع لماذا لانكرم المهن الصغيرة بدلا من التعالي على مقدميها لنا … الى متى نبقى نعيش ونطبق المثل القائل ( النفخة الكذابة) وهل سيأتي يوما نرى سيلفا عراقي اوعربي ……. لاأعتقد مطلقا