ذكرت مدونات التأريخ أنه بعد مرور أربعين يوماً على شهادة الإمام الحسين (ع) قدم لزيارة قبره الشريف في كربلاء الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري (رض) مع من رافقه في رحلته ومكث في هذا المكان لحين ورود أهل البيت (ع) بعد عودتهم من رحلة السبي من الشام حيث مقر دولة بني أمية التي أقدمت على فعلتها النكراء بقتلهم سبط النبي المختار (ص) وسيد شباب أهل الجنة .
حبيبي ياحسين ..
بهذه الكلمة بادر الصحابي جابر الأنصاري بصوته نحو المرقد الشريف ينادي حبيبه الحسين (ع) الذي عشقه مذ كان طفلاً وشاهده مراراً في أحضان جده المصطفى (ص) وسمع تكراراً المنزلة العظيمة التي حباه الله بها على لسان جده النبي الأكرم (ص) ، ودارت السنين ولم يزل جابر الذي ناهز عمره التسعون عاماً يزداد حباً للحسين (ع) وإغتم أي غم على المصاب الذي لحق بإبن بنت رسول الله (ص) في كربلاء وحين سمع بشهادته مع أهل بيته والثلة المخلصة من أصحابه ، لم يصبر رغم كبر سنه وفقد بصره فجاء لزيارة قبره الشريف .
بعد زيارة جابر الأنصاري (رض) للمرقد الطاهر أصبح كل موالي ومحب في كل عام ومع تجدد الذكرى يسعى جاهداً لزيارة الإمام الحسين (ع) رغم كل الظروف المحيطة به حتى أصبحت هذه الزيارة واحدة من أهم الزيارات المندوبة والتي حث عليها الأئمة المعصومين (ع) متحدين فيها طواغيت عصورهم والعصور اللاحقة من بعدهم وعلى مدى مئات السنين وإلى وقت قريب ولم تنثني عزيمة المحبين والموالين .
اليوم وكما في الأعوام المنصرمة تجحفلت قوافل المحبين لأهل البيت (ع) وعشاق أبا الأحرار الإمام الحسين (ع) من العديد من مدن العراق والدول المجاورة ، جمعتهم نبضات الولاء والحب للحسين (ع) في أقصى بقعة جافة على ساحل الخليج العربي ومحاذية لمدينة الفاو العراقية الحدودية ليرفعوا راية عشقهم الأبدي الذي ورثوه من أسلافهم مع فطرتهم النقية وعقولهم النيرة وتنطلق من ذلك المكان مسيرة مليونية زاحفة نحو كربلاء التضحية والشهادة كربلاء الإباء والفداء ، مسيرة راجلة قل نظيرها في التأريخ على إمتداد مئات الكيلومترات إمتداداً من البحر الى المرقد الطاهر حيث موضع النحر المقدس ، تشم حواليه عبق المبادرة الأولى التي خطها الصحابي جابر الأنصاري (رض) ولتخط في عمق الوجدان أن حب الحسين (ع) وزيارته لم ولن تنثني عزيمتها مادامت القلوب تنبض بالحياة ..