18 ديسمبر، 2024 12:06 م

تعودت أن تسير وحدها في الذهاب إلى المدرسة أو الإياب منها ..هكذا ولزمن طويل فهي تتجنب اصطحاب أي شخص مهما كانت صلتها به لأنها تريد أن تستمتع بما ترى دون أن يقطع عليها تأملاتها لحديث أو يغير خارطة سيرها إشارة الآخرين .
تخرج من بيتها في الساعة السابعة والنصف وتعبر الزقاق إلى الشارع العام ثم تعرج إلى السوق تطالع بنظر المتفحص الباحث عن شيء مهم وتتوالى أمامها الحاجيات باختلافها ولكنها لا تجد ضالتها رغم العناء فتعود أدراجها خالية الوفاض وقد اكتسى وجهها الأبيض بغلالة من الحزن وقد ملئ اليأس قلبها الغض فهي لم تزل صبية لم تتعدى عامها السابع عشر ومن المعروف أن الفتيات في مثل هذا العمر يشرقن بالبشر والسعادة فهن في ربيع العمر وغضاضة الشباب تسكن مخيلتهن الأحلام وتعمر قلوبهن الأماني إلا إن حالة تلك الفتاة مختلفة لأن ظرفها يختلف تماما عن الأخريات فهي ضائعة تبحث عن ضالتها التي لم تجدها بعد رغم شديد العناء . وتدخل مدرستها قبل أن يدق جرس الحصة الأولى بدقيقتين فقط ………….
اليوم اختلف كل شيء فلم تخرج ولم تتأمل وهي أيضا لم تعد خالية الوفاض ,لقد آثرت
أن تشعر نفسها مرارة اليأس كي تستريح ففي اليأس راحة إذا ما طال أمد أمل لم يتحقق
لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من البكاء سرا وتمسح دموعها على عجل حين فاجئنها
أمها بالسؤال عن سبب عدم الذهاب إلى المدرسة فلم تحر جوابا.
………
اشتعل الضوء وارتفع الرنين…الهاتف يعلن النداء …من سيستجيب…؟
رقم جديد ليس له تعريف
قالت لها ابنتها…رقم جديد يتصل…نظرت اليها متسائلة …وبعد لحظة طلبت اليها ان تجيب فهي مشغولة بكتابة مقالة مهمة .
عادت الى اوراقها ولم تتم كتابة كلمتين حتى اقتربت منها الفتاة قائلة …صديقة الطفولة والدراسة تتحدث اليك….!!!!!
تناولت الموبايل منها على عجل وهتفت….آه صديقتي الغالية ….كم افتقدتك …كم …كم
وانسابت الكلمات … سنوات الطفولة والدراسة الاولى حيث الدرس يجمعنا وكلمات المعلمات التي كنا نعتبرها اوامر وواجبات …ساحة المدرسة …الاحاديث الطفولية العذبة …المزاح البريء…مراجعة الدروس في الفرص التي يعلنها الجرس المدرسي …تزاحمنا عند انتهاء اليوم المدرسي للعودة الى منازلنا آمنين بسلام.