23 ديسمبر، 2024 8:12 ص

من اسقط حزب الدعوة 

من اسقط حزب الدعوة 

 

 

لاتخفى على عين المدقق حقيقة تراجع سمعة حزب الدعوة  الاسلامي ( بكل عناوينة التي افرزتها انشقاقاته )، وصار التطاول عليه امرا عابرا ومالوفا في العراق ، وسقطت هيبته التي كان يتمتع بها  بين عموم الناس في عهد النظام الصدامي ، والتي افرزتها ملاحقات الاجهزة  الامنية الصدامية لعناصره ، والتي توجت باعدام كل منتم للحزب وباثر رجعي .. هذه السمعة التي قدم  الحزب من اجلها قوافل من الشهداء تبخرت الان وحل محلها اللعن والشتيمة وعلى نطاق شعبي واسع . وقد اعترف الحزب بهذه الحقيقة ضمنيا في بيان اصدره يوم 26 اذار 2016 مدعيا انه (مستهدف من مخطط محلي واقليمي ). 

ترى ماحقيقة استهداف الحزب من قبل متآمرين محليين واقليميين ؟ 

لاشك ان الحزب خاض ويخوض صراعا مكشوفا ومريرا مع التيار الصدري ، ويخوض صراعات اقل حدة مع الفصائل الشيعية الاخرى ، ولكن صراعه مع الصدريين ومع الفصائل الشيعية الاخرى لم يكن له اي تاثير على سمعة و ( شعبية ) الحزب ، بل ان العكس صحيح ، فسمعته ارتفعت بعد صدامه مع الصدريين في ( صولة الفرسان ) نظرا للاستياء الشعبي الواسع من تصرفات التيار الصدري انذاك

ان الذي دمر سمعة حزب الدعوة (وفيه الكثير من الدعاة الصادقين الشرفاء ) هو ادارته السيئة بل والمخجلة لاربع حكومات متعاقبة ( حكومة الجعفري وحكومتا المالكي وحكومة العبادي ). 

فخلال تراسه لاربع حكومات ضرب الحزب مثلا فضيعا في الفشل والجهل والفساد بانواعه ، وصار الكثير من العراقيين يقول : ان ( دعاة ) حزب الدعوة ، الذين انتشروا كالطحالب في مرافق الدولة العراقية ، ماهم الا لصوص بامتيار ولايمتون باية صلة لسيرة ومبادي (اهل البيت )، وصارت سيرتهم المشينه على لسان ( العامي والشامي) . 

 ولكن الحزب ورغم الانتقادات الواسعة (من داخل الحزب ومن خارجه ) ظل مغمضا عينيه عن فضائح قياداته وكوادره ، وظل يدافع عنهم ويتستر على جرائمهم بحق العراق بل والعمل على افلاتهم من قبضة القانون كما حصل مع القيادي في حزب الدعوة وزير التجارة  الهارب عبد الفلاح السوداني.  

قيادة حزب الدعوة لم تنكر الفشل والفساد الذي رافق ادارة الحزب لاربع حكومات متعاقبة لكنها لم تقم باية مراجعة نقدية لمسيرة الحزب السياسية، ولم يقدم الحزب احدا من عناصره الفاسدين للقضاء ، وظل الحزب يتعكز على مقولة : ( ان جميع شركائه في السلطة يشاركونه في مسؤولية الفشل ، وانه لايتحمل وحده مسؤولية الكارثة الشاملة التي حلت بالعراق والتي توجت بتسليم داعش ثلث مساحة العراق ).. 

هذه المقولة فيها القليل من الحقيقة والكثير من التضليل .فحزب الدعوة لايتحمل وحده مسؤولية نهب وتدمير العراق فكل شركاء حزب الدعوة في العملية السياسية ( وهم شركاء في حكوماته الاربع ) فاسدون ومارسوا انواع الفساد ويتحملون قسطا كبيرا من المسؤولية عن هذه الجريمة  وقد اعترف الكثير منهم بفسادهم ، ولايستطيع احد تبرئتهم من جريمة نهب وتدمير العراق ، ولكن ( وهنا تكمن الحقيقة الكبرى التي يحاول حزب الدعوة اخفاءها ) ماكان بامكان هؤلاء الشركاء ان يستمرئوا فسادهم ويندفعون به الى حد الاستهتار لولا فساد حزب الدعوة ممثلا برؤساء الوزارات ..لو ان الجعفري والمالكي كانوا نزيهين ويخشون الله لضربوا بيد من حديد على عناصر حزب الدعوة الفاسدين كي يتادب ويعف الشركاء، غير ان الذي حصل هو ان حزب الدعوة مارس الفساد على نطاق واسع واعطى بذلك الضوء الاخضر لشركائة في السلطة لممارسة الفسادهل ننسى كيف كان المالكي يهدد شركائه بفتح ملفات خطيره ضدهم ان هم فضحوا فساده ؟ لقد جعل حزب الدعوة مقولة ( شيلني واشيلك ) سياسة رسمية فانتشر الفساد وشمل الجميع (الا مارحم ربي). ماذا كان يفعل حزب الدعوة حين تنكشف فضيحة من فضائح السلطة ؟ كان يدعي تشكيل لجان تحقيقية ثم تسجل الفضيحة ضد مجهول ؟ 

هل نستطيع في مقالة واحدة احصاء قضايا الفساد في كل مفاصل الدولة العراقية في (زمن ) الدعوة  وسكوته عنها بل وحماية الفاسدين ؟ 

هذه الفضائح والجرائم المنافية لكل قيمة دينية وانسانية ووطنية يتحملها حزب الدعوة اولا ثم باقي احزاب الاسلام السياسي وشركائهم ، هذه الفضائح ورائحة الفساد الشامل التي زكمت انوف العراقيين هي التي جعلت سمعة حزب الدعوة وباقي احزاب الاسلام السياسي تنزل الى الحظيظ .  

سياسات حزب الدعوة وهو يقود الحكومات العراقية الاربع ، وفساد اغلب عناصرة المنتشرين في كل مفاصل الدولة هي التي (استهدفت ) حزب الدعوة واسقطته وليس شيئا اخر، وحري بحزب الدعوة واكراما لارواح شهدائه ان يجري تقييما قاسيا لمسيرته ويعتذر لابناء العراق عما حل بهم على يديه بدلا من محاولة التنصل من جرائمه بحق العراق وبحق سمعته نفسها

حزب الدعوة لم يظلم العراق والعراقيين فحسب بل ظلم نفسه وسمعته وسمعة الكثير من الدعاة الشرفاء ،ولن تمر جرائم قيادته بدون عقاب وعقاب الاخرة اشد واقسى  .  

 

 

[email protected]