23 ديسمبر، 2024 1:47 ص

( من ادب الدفاع المقدس ) ابناء الشهداء لايبكون

( من ادب الدفاع المقدس ) ابناء الشهداء لايبكون

وكأني اشم رائحة التواريخ الناصعة بالشهادة ، منذ اول دخولنا كربلاء وانا ارى في كل بقعة ارض دم شهيد ، ولاشيء يتكلم هنا سوى الصمت الذي هو علامة وقار هكذا علمني ابي ،

:ـ هذه هي منطقة الشبانات سيدي ،

لاادري لم شعرت بان يدي تسمرتا وقدماي اصبحا لايبصران طريق و العين تلهث بالدموع ،

قال الدليل

:ـ ذاك هو البيت سيدي

كنت احدث نفسي حينها عن امور كثيرة فانا رجل حرب عودتني مهنتي الصرامة والصلابة اثناء المواجهة ، كنت اوصيه دائما

:ـ اسمع اركان في ميادين المواجهة لامكان لاي استثناء لابد من مواجهة المصير بحزم .

الان صرت ابتسم وانا اسأل نفسي اين حزمك يا ترى ؟ واجيب عنها المسألة صعبة ، صعب علي ان اواجه اب شهيد بكل ما يملك من عنفوان الصبر ، مواجهة الموت علي اسهل ، تأخذني سطوة الذكريات امام باب هذا البيت الصغير، الجميع يعرف مدى اعتزازي به كمقاتل شرس غيور ،

واذا برجل وقور تعتلي شيبته ملامح هيبة تعبر عن سعادته بقدومي ، رغم الحزن يحاول ان يمتشق ابتسامته مرحبا، رأيت بين الجدران طفولة النقيب اركان ، من المؤكد ان مثل هذه الشراسة التي يمتلكها كانت لها جذور طفولة حركة

:ـ الفاتحة

واركان يقف امامي طيفا يشكرني

:ـ شكرا لك سيدي لقد رفعت بحضورك واخوتي الضباط راسي امام اهلي وناسي شكرا لكم جميعا

:ـ اركان .. انت الذي رفعت راسي والله .. انا خجل لأني لم احضر الفاتحة ولم اجهز لك مأتما يليق بموقفك الكبير الذي صار يتغنى به اقرانك الضباط

:ـ الله بالخير

:ـ الله بالخير اخوان

التفت الى الأب وانا اكابر في لملمة دموعي

:ـ أين مهدي ؟

:ـ سيأتي هو يريد ان يراك يريد ان يسألك عن ابيه

:ـ اريد ان ارى محمد ايضا

:ـ هو الاخر سياتي معه وستأتي آيات معهما

:ـ ما هذا يا اركان ،

:ـ انه جكليت سيدي لقد رزقني الله بنت يا سيدي بنت واسميتها ايآت ، كنت اتمنى ان يرزقني الله بنتا الحمد لله

:ـ تتربى في عزك اركان

:ـ شكرا سيدي

لم اكن اتوقع ان يدخل علينا مهدي بهذا الشكل البهي فهو يرتدي زيا عسكريا ويحمل على كتفيه ثلاث نجوم ..رتبة اباه ، وقف امامي

استعد ونادى

:ـ انا المقاتل النقيب مهدي اركان كاظم عبد الكريم الخالدي سيدي،

جذبته الي وانا ارد له التحية عانقته وكاني اعانق السماء كيف اجتمعت كل هذه الفضاءات في براءة طفل .. بكى اخوه محمد فنظر اليه شزرا وهو يقول كفى يا محمد ابناء الشهداء لا يبكون ، اجتمع حولنا الاقارب والجيران مرحبين قلت

:ـ انا عشت مع النقيب اركان معارك عديدة في آمرلي وجرف الصخر وفي تكريت العلم وبيجي وسامراء واخيرا في الفلوجة

كان يتوسلني لاخرجه الى مواقع المواجهة الى اخطرها

تحدث احد الضباط عن لحظة استشهاده لينقل لاهله الملحمة البطولية التي نفذها النقيب اركان

:ـ كان دائما يقول اذا لم انل الشهادة ساترك العراق لأني اخجل منه ، كان يتناول سحوره الرمضاني واذا بسيارة براد تتوجه اليهم انزل السائق ليتسحر معه ، استضاف عدوه حينها طفر الانتحارين من السيارة فتمت معالجة الامر ، قرر ان يفكك راس البراد المفخخ فصاح بالجنود

:ـ الجميع يبتعد ، لماذا الجميع يعرض نفسه للخطر ، ليذهب واحد منا يكفي ، ان استشهدت ساذهب لربي صائما وانفجر راس البراد اثناء المعالجة وراح يسمو شهيدا ،

قال الاب وهو يتحدث عن ابنه اركان

:ـ كان له احساس كبير بالشهادة فهو اكد لحظة الوداع على طلب براءة الذمة من الجميع وكانه يدري انها خاتمة حياته ، التحق بلا راس بالركب الحسيني ولقد طاف على الجميع في عالم الرؤيا يطب منهم قراءة سورة القدر ،

وحين ازف الوداع هاج وجعي وقفت امام الاب اهمس في اذنه ، :ـ استحلفك بروح ولدك اركان هل تحتاج الى شيء ؟

سكت الاب لحظة واطرق راسه وانا صممت ان اعيد السؤال

:ـ قل ما تحتاجه يا ابا اركان ، اجابني

:ـ نعم نحتاج منك شغله

: انا بالخدمة ماهي ؟

:ـ عائلة الشهيد النقيب اركان كاظم الخالدي يريدون منك النصر .