12 أبريل، 2024 4:14 ص
Search
Close this search box.

من احلام ابن الخياطة

Facebook
Twitter
LinkedIn

( من القصص القريبة من الواقع العراقي )

الجزء الاول
عاش عماد في اسرة متواضعة بسيطة تتكون من اب ينحدر من الواقع الريفي ووالدته امرأة لم تدخل المدرسة يوماً.. هاجروا قريتهم واستقروا في المدينة التي تبعد عنهم عشرات الكيلومترات وهي مدينة الموصل يبحثون عن لقمة العيش لسماعهم ان فرص العمل في المدينة افضل… استقر والد عماد وعائلته في منطقه سكنية شعبية في المدينة تسمى وادي حجر كونها تضم بين ساكنيها قسم من اقاربهم ومبلغ الايجار فيها رخيص قياساً بالمناطق الاخرى.. وبما انهم من سكنة جنوب المدينة فيكون الذهاب والاياب الى قريتهم اقرب عندما يذهبون للزيارات هناك..
فكر السيد صالح والد عماد بإيجاد فرصة عمل سريعة كونه يتحمل مسؤولية اكبر خاصة مع وجود مبلغ الايجار المطلوب منه شهرياً وان المبلغ المالي الذي معه الباقي من ثمن المواشي التي باعها قبل المجيء للمدينة ربما ينفذ. ولذلك لابد من ايجاد عمل مناسب له…
وبما انهم لم يمضي على سكنهم الجديد سوى اسبوع واحد ومازال الجيران الواحد تلوا الاخر يوجهون له الدعوة لزيارتهم على وجبة غداء اوعشاء للتعارف كونه جار جديد وهذه كانت العادة المتبعة في ذلك الزمان وربما انقرضت اليوم في زماننا هذا…
وفي احد الدعوات تعارف على ابناء احد الجيران الاستاذ حسن وكان يعمل موظف في الادارة لدى المنشآة العامة للغزل والنسيج.. معمل نسيج الموصل والذي يقع قريب جدا من منزلهم واثناء تبادل الحديث وكان الاستاذ حسن موظف بدرجة وظيفية مرموقة كونه خريج كلية الادارة والاقتصاد ولديه خدمة وخبرة في مجال عمله والذي ابدى استعداده لإيجاد فرصة عمل للسيد صالح بأقرب وقت.. وبالفعل لم يمضي على حديثهم اسبوع واحد حتى ابلغهم بمراجعته الى المعمل لكي يقوم له بإجراءات تعيينه ولم يصدق السيد صالح عيناه وابلغ عائلته بذلك الخبر ليشاركوه فرحته وما ان سمع ابنه عماد حتى قال انني سوف ارافقك غدا ياوالدي حتى ارى مكان عمل جارنا الاستاذ حسن وبالفعل توجها الاب وابنه الى مقر معمل النسيج وبعد السؤال والاستفسار اجلسهما حرس الباب داخل غرفة الاستعلامات واتصلا بالأستاذ حسن الذي ابلغهما بالدخول فورا.. ويالها من مفاجأة للاب السيد صالح وابنه عماد وهم يرون كيفية الدخول الى بناية المعمل ووجود تلك الحدائق المنظمة وعطور زهورها الذي يفوح الى كل الجوانب وهو يملأ المكان برائحته العطرة..
وما ان وصلوا الاستاذ حسن الذي رحب بهم وقام لهم بخدمة الضيافة سأل جاره الجديد عن معرفته بأي مهنة وكان الجواب انه كما تعرف فلاح لا يعرف اي مهنة اخرى وهز رأسه السيد حسن وقال حسنا فلاح.. فلاح. سوف نقوم بتعيينك فلاح هنا في الشعبة المختصة بذلك.. لم يكن السيد صالح يمتلك شيء اثبات سوى دفتر النفوس ولكن الاستاذ حسن قام بتسهيل المهمة واصدر امر تعيينه وابلغه ان المباشرة من يوم غدا وانه منذ الآن يعتبر عامل رسمي على ملاك الدولة. كل هذا والابن عماد الذي تجاوز السابعة من عمره ينظر الى الموقف والى الموظفين في غرف ادارة المعمل والنظافة والخدمة المميزة لهم…
بعد ان عادوا الى بيتهم القريب وابلغوا ام عماد بالخبر قال عماد لابد لي ان اجد مدرسة قريبة واتعلم القراءة والكتابة واكون يوما مثل الاستاذ حسن لكي اخدم الناس ويكون لي قيمة في هذا المجتمع وانسى موضوع رعي الاغنام والعودة الى القرية. وافقته الرأي والدته وقالت لوالده يجب ان نشجعه على ذلك ولكن الاب كان معترضا بسبب سوء اوضاعه الاقتصادية ووعده بعد ان يستقر به الحال في عمله الجديد سوف يفكر في ذلك… مضى اسبوعان او اكثر وفي احد الايام جاء السيد صالح مبتسما الى عائلته ليبلغهم باستلامه اول راتب له وهنا ومن منطق واحد سأله الجميع عماد وامه واخته الاكبر منه بسنتين تقريبا كم الراتب فأجابهم سوف تتفاجأون بذلك انه ثمانية عشر دينار شهريا. ما شاء الله. يابركة الله.. قالت ام عماد كنا في القرية نبيع الخرفان سنويا باقل من هذا المبلغ ونعيش به سنة كاملة واليوم ارزقنا الله بالراتب والحمد لله…
قام السيد صالح بدفع ايجار البيت وكانت تسمى كروة وقدره ديناران ونصف كونهم يسكنون الطابق الثاني مع عائلة اخرى… وفي نفس اليوم شعر عماد بانه لابد للذهاب والتسجيل في المدرسة رغم انه لا يعرف عن النظام التعليمي اي شيء فذهب وبدون علم والده الى منزل الاستاذ حسن مستنجدا به لتسجيله في المدرسة فأجابه بانه سوف يذهب غدا الى المدرسة القريبة من سكنه ويحاول تسجيله لكون الدراسة بدأت منذ شهر تقريبا وبالفعل نجحت محاولة الاستاذ حسن لدى ادارة المدرسة وتم تسجيل التلميذ عماد صالح لديهم والذي سرعان ما ابلغه والده حتى يذهب معه الى اقرب محل يبيع الملابس المدرسية البسيطة ويقوم بشرائها لابنه ليباشر في اليوم الثاني بمدرسته…. فرحت ام عماد كثيرا لذلك ولكرم الله عليهم فالأب عامل في معمل النسيج والابن اصبح طالب مدرسة..والامور المستقبلية تبشر بالخير ومن خلال تعارفها مع نساء جيرانها الذين يسكنون نفس الدار في الطابق الارضي تعلمت ام عماد مهنة الخياطة وبسرعة كونها تمتلك ارادة وترغب بتطوير نفسها ولكن يبقى الاشكال الاكبر هو كيفية اقناع ابوعماد بشراء ماكنة خياطة لكي تعمل عليها وتخيط ملابس نساء المنطقة مقابل اجور خاصة وان جيرانها في الطابق الارضي ينوون زواج ابنتهم الكبيرة وهي الوحيدة التي تعمل في مجال الخياطة…

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب