23 ديسمبر، 2024 9:32 ص

من اجل مستوى تمثيل في مجالس المحافظات يليق بالوجود التركماني

من اجل مستوى تمثيل في مجالس المحافظات يليق بالوجود التركماني

بدأت الاحزاب والكتل السياسية العراقية بتسريع وتيرة عملها المتواصل منذ فترة، لرفع سقف حظوظها من أجل حصد اكبر عدد من المقاعد في انتخابات مجالس المحافظات القادمة. القوى السياسية العربية والكردية تتحاور فيما بينها وتطرق باب من ترى أن لديها مصالح مشتركة معها حتى وإن كانت تختلف معها في بعض النقاط الجوهرية، فالوضع السياسي في العراق مؤهل للوصول الى مراحل حرجة، الأمر الذي يدفع بالجميع لخفض سقف شروطها لقبول التحالف مع جهة معينة.
العرب والأكراد ومنذ سنوات يطبقون المثل الشعبي ((آني وخوي على بن عمي، آني وبن عمي عالغريب))، وهذا ما نلمسه بشكل واضح لدى الأكراد والعرب الشيعة، هناك خلافات عميقة في داخل كل تحالف، الأتحاد الوطني الكردستاني وقائمة التغيير مثال على الخلافات داخل التحالف الكردي، حزب الدعوة والتيار الصدري مثال على الخلافات داخل التحالف الشيعي، ولكنهم في كل مرة يتجاوزون خلافاتهم ويوحدون صفوفهم عندما يدق جرس الإنتخابات، فالفوز في الإنتخابات العراقية ليس فقط من أجل تعزيز الوضع السياسي لحزب أو تيار معين، إنه ضمانة من أجل الحفاظ على حقوق ومكتسبات الطيف الذي تمثله تلك الإحزاب أو الكتل.
انتخابات مجالس المحافظات هذه المرة تختلف عن سابقاتها، اذا اخذنا بنظر الاعتبار المتغيرات التي قد تطرأ على آلية الانتخابات من جهة، وعدد المقاعد في مجالس المحافظات التي قد تتقلص الى الثلث مقارنة بالعدد الحالي من جهة اخرى. لذا فمن البديهي القول بأن مشاركة حزب أو كتلة من أحزاب صغيرة لوحدها أو ضمن كتلة لا علاقة مباشرة لها مع تطلعات الطيف الذي يمثله ذلك الحزب، ستكون بمثابة انتحار سياسي، وسيجد ذلك الحزاب نفسه خارج اللعبة السياسية بلا أدنى شك.
اين نحن التركمان عما يجري في الساحة العراقية من استعدادات قياسا بالمكونات الاخرى؟ أسئلة كثيرة تطرح في الشارع التركماني، كلام كثير يدور على مختلف المستويات بين المواطنين التركمان، والأنظار متوجهة من جديد نحو الأحزاب التركمانية، ماذا ستفعل، وكيف ستشارك في الإنتخابات، مع من ستتحالف، ومالذي ستحصل عليه هذه المرة؟  البعض يرون أنه من الأفضل للتركمان أن يتحالفوا مع الاكراد، آخرون يفضلونها مع العرب، القسم الثالث والذي يمثل الأغلبية بطبيعة الحال يطالبون الأحزاب التركمانية المشاركة بقائمة تركمانية موحدة  تجمع الاحزاب والحركات السياسية التركمانية.
من المؤكد ان القياديين التركمان لديهم آرائهم الخاصة والتي قد تتفق أو لا تتفق مع ما أدرجناه، ولكن الغريب في الأمر أن الناخب التركماني يجهل تماما ما يدور في عقول السياسيين التركمان، حتى المثقفين والمتابعين للوضع التركماني يشكون من نفس الشيء، وكأن هناك غموض ما يحيط بالاحزاب التركمانية وقياداتها التي تبدو حائرة بين ما تراه هي مناسبا للمرحلة وبين ما يسوق لها تحت يافطات متنوعة بات يعرفها القاصي والداني.
الكل يتذكر المقاعد التي خسرناها في انتخابات مجلس النواب العراقي في عام 2010، والتي كانت مضمونة في عدة مناطق، وكانت طوزخورماتو من اكبر الخاسرين في تلك الإنتخابات، والسبب كما هو معروف دخول التركمان تلك الإنتخابات بشكل غير مدروس ضمن كتل سياسية مختلفة، بل ومتناقضة إن لم نقل متعادية! فبدلا من إيصال ثلاثة نواب تركمان من طوزخورماتو، لم نستطع  ايصال نائب واحد، على الرغم من ان مجموع الاصوات كان كافيا في ايصال نائبين على اقل تقدير لوكانت القائمة موحدة! لسنا هنا في صدد تحليل وتحديد الاسباب والمسببين على الرغم من علمنا  بتفاصيل الكثير من الحوارات التي جرت انذاك وشخصياتها، ولكننا في صدد امر اهم وهو الاستفادة من أخطاء الماضي من اجل مشاركة مدروسة بشكل دقيق في إنتخابات مجالس المحافظات هذه المرة. فالهدف يجب أن يكون هذه المرة حصد أكبر عدد من المقاعد، وهذا لن يحصل بدون قائمة تركمانية موحدة.
المواطن التركماني كأي فرد عراقي اخر مشتت الافكار، لا يمتلك القناعة التامة التي تجعله يحدد لمن سيمنح صوته، مالم تكن هناك خطوات أو إشارات مشجعة أو مفاجآت من النوع الذي يستطيع تغيير موقف المواطن من الشك والتردد الى اليقين والثبات، وبالتالي اتخاذ القرار النهائي بالتصويت لصالح حزب أو كتلة معينة. والكثير من المثقفين التركمان يرون بأن الخطوة أو الإشارة المشجعة على مستوى الساحة السياسية التركمانية إنما تكمن في شجاعة السياسيين التركمان في إتخاذ قرار تاريخي للدخول في هذه الإنتخابات بقائمة واحدة. فهذا من شأنه أن يحدد مسار الناخب التركماني ويعطيه جرعة قوية من الأمل في تغيير وضعه المعاشي ووضع المناطق ذات الأغلبية التركمانية والتي هي الهاجس الاكبر للناخب التركماني. القائمة التركمانية الموحدة هي ما نراه التعويذة التي يمكنها إدخال الطمأنينة الى قلب الناخب التركماني، حتى في ابسط حسابات الفوز والخسارة فإن جمع أصوات كل التركمان بمختلف توجهاتهم السياسية في سلة واحدة تعطينا نتائج مدهشة ومشجعة على إتخاذ هذه الخطوة التي أسميها بلا تردد بالتاريخية.
قد يقول البعض بأن العمل بقائمة واحدة في كل مناطق تركماني ايلي ( المناطق التركمانية) سيكون صعبا بعض الشئ لأسباب تختلف بإختلاف ديموغرافية كل منطقة وتوجهات الناخبين فيها، قد يكون هذا الرأي منطقيان ولكنه ليس سببا كافيا لإلغاء فكرة القائمة الموحدة. هناك بدائل لهذه المشكلة منها على سبيل المثال إعتماد كل منطقة تركمانية الية تنسجم مع واقعها السياسي والديموغرافي وحسب ماتقتضيه المصلحة  التركمانية العليا. ففي مدينة طوزخورماتو نرى بأنه لا خيار للتركمان غير المشاركة بقائمة واحدة تضم كل الاحزاب والحركات التركمانية، لتفادي تكرار التجربة الكارثية في إنتخابات مجلس النواب الأخير. علما بأن التطورات السياسية على المستوى العراقي في الفترة القليلة الماضية أثبتت بأن طوزخورماتو أصبحت نقطة مواجهة بين الفرقاء العراقيين، وقد تكون هي بالذات المفتاح لأي حلول مستقبلية. لذا اصبح واجبا ابراز القوة التركمانية الحقيقية فيها في هذه المرحلة بالذات، الأمر الذي يتطلب لنجاحه تكاتفا جماهيريا كبيرا على مستوى الأفراد والأحزاب، فلم يعد هناك الكثير من الوقت للمساومات، الإنشقاقات، والطروحات الغير المنطقية، فالوجود الملحوظ للجبهة التركمانية والأحزاب الإسلامية في المدينة سيكون له الاثر الفاعل في نجاح التركمان لاخذ موقعهم الصحيح  في الخارطة السياسية في محافظة صلاح الدين وبما يوازي  الكثافة السكانية  للتركمان ضمن الحدود الادارية لهذه للمحافظة.
تمنياتنا من القياديين التركمان أن يضعوا هذه المقترحات على طاولة النقاش، للخروج بمسار طريق يكفل يضمن لشعبنا نتائج ترضي تطلعاته، وتجعله أكثر ثقة بمستقبلهم والأهم أن يعيد للمواطن التركماني الثقة بالأحزاب السياسية التركمانية وقدرتها على تبني أهدافه الوطنية والقومية. أمنية تركمانية نتمنى أن تحققوها ولو لمرة.