لقد تحقق النصر ودم الفرح عاد ليدب في شراين الوطن ، رغم انواع الفتن و النشاطات المحمومة المتنوعة لتمزيقه بالإرهاب و الفساد الإداري و انواع المخططات التي تشارك فيها دوائر الدول الإقليمية و القوى الدولية و رغم كل محاولات المتسترين بعرقلة هذه الاهزوجة التي كان يتنغم بها الشرفاء والداعين الى وحدة الوطن واسودت وجوه من تعلق بذيول دول الشر (( فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون )) .
واغبرت قصورهم ونصبوا مجالس العزاء موشحة بكوابيس الذل والمهانة واخرست السنهم التي كانت تعوي في وسائل الاعلام الطائفية المأجورة . فقد اثبتت القوات السلحة المشتركة والحشد العراقي على عامل السرعة الخاطفة لإنهاء هذه المهمة الخطيرة ” باعتبار ان الفلوجة او الغيث وهي معقل التكفيريين على مستوى العراق ككل بل هي ـ بعيداً عن اطرافه المسالمة ـ كانت قد تحولت الى “رأس أفعى” في كل العمليات الارهابية التي يتم ضخها الى بغداد وباقي المناطق الحساسة والساخنة في البلد”.
في خضم هذا الاستبسال البطولي لكل القوى المساهمة في تحرير الفلوجة يعيد الخطاب المذهبي السياسي المتعجرف دورته الهوسية لإفساد عمليات تحرير هذه المدينة المظلومة بيد المخلصين من القوى الخيرة في محاولة منهم لحرف الانتباه عن الانتصارات المتحققة والاهتمام بالجزئيات التمناثرة هنا وهناك, وتهويل الاخطاء الميدانية اعلاميا كي تهبط من الاهمية الكبرى للتحرير وبالتالي إضعاف معنويات القوى المقاتلة وتشتيتها ومحاولة خلق حالات من الاحتراب الداخلي …التي يجب العمل من اجل ازالة الشروخات الكبيرة في نسيج المجتمع الفلوجي بأشكال مختلفة ، ينبغي التوقف عندها ودراستها استعدادا” لإدارة المدينة بعد تحريرها ، حيث ستكون احدى القضايا المعقدة والشائكة لطابعها العشائري التي لابد من التخطيط والتنسيق والاستعداد لها بالتوازي والتزامن مع التخطيط لعمليات تحرير المدينة بعد تنظيم داعش الارهابي .
النصر على داعش والبعث والارهاب من الجرذان ( الانغماسيين الشيشان والازبيكية و من جنسيات مختلفة ) على الابواب وتلوح في الافق نهايتهم وفي قبضة الرجال الاشاوس رغم الدعم الغير المحدد الذي جعل منهم اكبر سلاح لتحطيم الدول وتمزيقها وهدر ثرواتها وتحطيم البنى التحتية المجتمعية والانسجام والسلام الاهلي وتشويه الدين الاسلامي الاصيل في كل دولة يصيبها هذا الفيروس الخطير الذي لايمكن ان يكونوا مجرد رجال لادين لهم ولايعرفون الانسانية فقط انما أجتمعوا من بضع دول ومن أفاق الدنيا ليشكلوا تنظيماً يحتل دول ويسقط جيوش بلا معونة دولة او مجموعة دول او رعاية وأحتضان من أجهزة مخابراتية دولية عابرة للقارات وتصرف لها اموال ببذخ كبير وبلا حدود، فنوعية الاسلحة والاليات التي يستخدمونها والتدريب العالي ومنظومات الاتصال عالية التقنيات والاعلام الحاشد لهم في القنوات الفضائية والاعلام الالكتروني ومواقع التواصل ومنظومتهم العقائدية التي يستقطبون بها الاف الانصار في كل مكان وخاصة في دول التعاون الخليجية .
لنجعل من تحرير الفلوجة المدينة التي اختطفها الارهابيون بعد خيانة سياسيوها والبعض من شيوخها و تمادوا كثيرا للانطلاق منها وجعلوا منها رمزاً بمواصفات ارهابية خاصة ، معبراً نحقق مصالحه مجتمعية ونعالج جروح اهلها ومصائبهم التي تسبب بها ارهاب داعش …؟ وايضا نحاسب الذين تلطخت ايديهم بدماء الابرياء ونفرزهم عن غيرهم كي لا نرتكب خطأ بابقاء الجرح مفتوحاً ينزف قيحاً ونبيد ادغال هذه المجموعات التي زرعتها في حقولنا .
لقد كانت المعركة متميزة بالتلاحم والتكاتف بين العراقيين جميعا، وتميزت بهزيمة وانكسار اعداء الحرية وعادت لنا الامل والثقة من جديد، فعلينا استثمار هذا المكسب فربما تكون هذه اللحظة الفارقة “بارقة الامل الاخيرة في ان نعيش في خارطة واحدة وتحت سماء واحدة وخيمتنا تحوي الجميع “.
الانتصارات التي تحققت هي ما تُعزز الوحدة الوطنية وتُساعد في تحقيق تحرير كل شبر من الاراضي العراقية من دنس البغاة المجرمين ومن حماهم سياسياً في الداخل .انتصار الفلوجة لم يكن انتصارا على التنظيمات الإرهابية فحسب، بل وجه صفعة قوية لمثيري الفتن والبغضاء الساعين الى تقسيم البلاد وتجزئة شعبه خدمة للقوى الخارجية. أن الأرهاب في منطقة الشرق الاوسط يطرح أهدافاً وبرامج لاتتفق ولاتتطابق مع واقع الحياة وتطور الأنسان في المنطقة ، ويتعارض كلياً مع حقوق الأنسان ، بالأضافة الى مساهماته غير المباشرة في توطيد وتثبيت مصالح الشركــات الدولية والدول الكبرى في المنطقة ، لابل يكون سبباً غير مباشر في مجيء القوات الأجنبية التي لاهم لها إلا تمزيق بلدانها والاستفراد بخيرات شعوبها.
اذاً الانتصار يعني بقاء الشعب اكثر تعاطفاً وتماسكاً بكل محبة واخوة التي ترسخت في اعماق وجدانه الطاهرة وهو يعيش بكل وجوده للمحافظة على تربته ويدافع للحفاظ على كيانه المهداة من الله سبحانه وتعالى . التنوع نقطة فريدة وقوة للمجتمعات التي تجمعها اواصر الثقة مثل مجتمعنا بتاريخ عريق لاينفك اواصره ولكن حولها بعض السياسييون الى نقطة ضعف اخذ يتناغم معها وحسب مصالحهم و يشهرونه كسلاح يتخاطبون به وببرامج يحاولون اختراق وحدة العراق به وتهديم جسور العاطفة بينهم وهذا ماكنا نتخوف منه بعد ان اصبحت سياسية المحاصصة المقيتة تسود على ادارة الحكومة . يجب العمل من اجل صياغة دولة على اساس ان يقودها شرفاء الوطن والحريصين على وحدته ، لا ان تزرع روح العداء بين مكوناته ويباح حرمات المواطنة ويضعف كل زوايا تماسكة ، وتشكل الانتكاسة والمأساة ومعوق مميت وسيف يشهر بوجه كرامة وعزة وارادة ومستقبل وسيادة وهيبت افراده لانها لاتمثل رغبته انما المعنى في قلب السياسيين علينا تقويم المسار والعودة الى ارادة الامة .
الانتصارات يمكن ان تؤسس لمرحلة جديدة حقيقية للتغيير و البناء بعيداً عن المحاصصة الطائفية التي ولىّ زمانها كأداة واصبحت معول للهدم ، و يمكن ان نجعل منها ( اي الانتصارات ) الوسيلة لتحقيق المطالب الجماهيرية و التناغم مع التوازن الإقليمي و الدولي على اساس المنافع المتبادلة . ومرحلة ترسخ دور العراق وتوثيق هويته الهامة في المجتمع الدولي تحت ظروف شيوع الإرهاب و هو يحقق الانتصارات عليه في جبهته الأمامية، و لمواجهة انخفاض اسعار النفط و الضغوط المتنوعة للقروض الدولية. لقد ان الاوان في ضرورة زرع الحب والسلام والوئام بين مكونات الشعب العراقي و تثقيف المجتمع على الالتزام بالأعراف ومعايير الخلق الاسلامية النبيلة السمحاء لبناء مستقبل مزدهر و جميل للعراق والمنطقة بعيداً عن اهداف الفرقة لهم والتناحر المذهبي التي ساهم البعض لتأجيجها وأتخاذها ستاراً وبرقعاً للتغطية على أعمالهم وأهدافهم الرعناء والمنبطحة لاسيادهم.