5 مارس، 2024 4:29 ص
Search
Close this search box.

من اجل حوار بناء بشأن الاستفتاء- بعض الاسئلة المنطقية بيني وبين اخي العربي

Facebook
Twitter
LinkedIn

يعترض بعض الاخوة العرب علی حماس الکرد للاستفتاء بالاشارة الی کل اخطاء قيادات الاحزاب الکردية و فسادهم، و يتساءلون: کيف تنطلي عليکم اکاذيب هؤلاء و تصدقون بانهم ينوون بناء دولة مستقلة لکم، ولا ترون انهم يريدون بناء مملکة لابناءهم و احفادهم؟
اعترف بأنە سؤال منطقي، ولکن دعني اسأل اخي العربي سؤالا مقابلا: و انتم کيف تتصورون انکم تدافعون عن عراق موحد، مرفە ، قوي و مستقل ، و العراق يقاد الآن من قبل زمرة هي بشهادة الجميع الافسد في العالم و وربما في التأريخ، و لماذا يکون دفاعکم عن ذلک العراق الموحد وتحت تلک القيادة الفاسدة نوعا من الوطنية، بينما يکون دفاع الکردي عن استقلال بلادە تحت قيادة قد لا تتوفر فيها کل مواصفات الامانة( اذا اردنا اختيار تعبير ديبلوماسي!) نوعا من الضلالة و الانخداع؟
سيرد اخي العربي: ولکن فاسدو العراق ليسوا قدرا لا يمکن التخلص منهم، ففي الانتخابات القادمة او بعدها سيزداد الناخب العراقي وعيا و ينتخب قيادة جديرة و سيرمي بسياسيي الصدفة الی مزبلة التأريخ.
سأقول حسنا، ولماذا تعتقد بان اللە لا يمن علی الشعب الکردي بقسط من ذلک السيناريو المتفائل ليختار قيادة مخلصة و نزيهة بعد ان يکون قد تقوی و ازداد وعيه بعيد الاستقلال؟
سيقول لي اخي العربي: الا تری بان علاقات مسعود البارزاني مع ترکيا سوف لن يدع مجالا لاستقلال حقيقي لکردستان وان کردستان ستکون حديقة خلفية لترکيا؟
سأقول بکل صراحة ان هذا الامر بالنسبة لي هي الغيمة الاکثر سوادا في سماء الاستفتاء والاستقلال المرجو، و لکن قل لي بصدق هل تعتقد بان خيار الحديقة الخلفية لايران، ليس حتی مباشرة بل وکالة من خلال فاسدي بغداد، کما هو الواقع الآن، هو خيار اکثر رونقا و جاذبية للکرد ؟
سيقول لي اخي العربي معاتبا : و لکن الم تجدوا احسن من اسرائيل ليدعم استقلالکم و انتم تعرفون حساسية العرب و المسلمين تجاه التعاون مع هذا الکيان الغاشم المحتل لارض فلسطين؟
و سأجاوبه و الحزن يملأ قلبي: لا للاسف، لم نجد و ربما لن نجد، فأنتم العرب الذين يفترض بکم ان تکونو الاقرب لنا، تضحکون تارة علی مجرد حلمنا بالاستقلال، و يدعو بعضکم ،لمجرد قولنا بأننا نريد استفتاءا، الی اجراءات تأديبية تبدو حملات الانفال مقارنة بها رحلة لکشافة المدارس الابتدائية! حتی الجامعة العربية التي تبدوا و کأنها لم تتخذ قرارا بالاجماع منذ احتلال فلسطين، صوتت بالاجماع ضد مجرد الاستفتاء. ثم انني اری بأن مسألة افتراض حساسية العرب و المسلمين من اسرائيل مبالغ فيها بعض الشيء!. فايران الاسلامية لم تتنجس من التعاون مع اسرائيل للحصول علی الاسلحة في حربها مع الجارة المسلمة العراق، و ترکيا المسلمة لم تتوان عن التعاون مع اسرائيل لالقاء القبض علی اوجلان، و ماخفي کان اعظم . بل حتی ان سيد المقاومة حسن نصراللە لم يتحرج من الدخول في اتفاقية مع الدواعش عندما تطلبت مصلحتە ذلک و برر التزامه بالاتفاق باخلاق و سجایا المسلمين في الايفاء بالعهود مع العلم بانە من اکثر الجهات تأکيدا علی ان داعش صناعة امريکية –اسرائيلية بامتياز!
و سيقول لي اخي العربي : و لکننا لسنا وحدنا من لا يدعمکم في مسعاکم للاستقلال فکل المجتمع الدولي ضدکم في هذا؟
سأقول لە : لقد تعلمنا منکم الثبات علی الحقوق حتی في احلک الظروف، فالمجتمع الدولي کان خلال السبعين سنة الماضية ولايزال ضد حقکم في استعادة فلسطين ولکنم لم تهنوا ولم تتخاذلوا و کان شعارکم في ذلک ” لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالکيه” فهل تسمحون لنا ان نستعير منکم ذلک النداء الرائع في مسعانا للاستقلال؟
سيقول لي اخي العربي: مسعود البرزاني يتکلم عن حدود الدم في کرکوک، فهل هذا مقبول بين شعبين يفترض بهما ان يکونا ابناء وطن واحد؟
سأقول: لا بالتأكيد، هذا لم يکن يعتبر مقبولا لو انکم لم تتسمکوا ب”حدود العشرة الاف دينار” التي سنها صدام حسين حين استقدم المستوطنين العرب( او الوافدين- اذا کانت هذە الکلمة اقل خدشا لاسماعکم) لتغيير الطابع الجغرافي لکرکوک و ضواحيها. طبعا لا يفکرالکرد في معاقبة ابناء و احفاد هؤلاء المستوطنين لجريمة ارتکبها اباؤهم طمعا بعشرة الاف دينار کان صدام يمنحها لکل عربي يسکن المنطقة حاملا بندقية يدافع بها عن الارض التي سلبها من کردي او ترکماني ، ولکن الا توافقنيبانە ليس من المنطق ان يعطی المستوطن المحتل لارض غيرە الحق نفسە الذي يعطی لمن سلبت ارضە في تحديد مصير تلک المناطق و عائديتها.
سيقول لي اخي العربي : ولکن مسعود البرزاني لا يکتفي فقط باستعادة تلک المناطق بل يطمع في الاستيلاء علی مناطق اخری لم تکن يوما ما کردية فهل هذا من الانصاف بشيء؟
فأقول لە: بالتأکيد لا ، ولکن الم تکن المادة ١٤٠ و اللجان المنبثقة عنها اطارا معقولا لحل تلک المشاکل، فلماذا قاطعتم وعرقلتم عمل تلک اللجان؟ هل تعتقدون بأن التفاوض بشأنها و احقاق کل ذي حق حقه سيکون اسهل بعد ان تراق دماء المئات ، و ربما الالاف من شباب الطرفين، لا سامح اللە؟
سيقول اخي العربي: و ماذا سنفعل بکل تلک الاواصر و الوشائج التي تکونت عبر عقود من الزمن بين الشعبين: هل نرميها في البحر و نمحيها من الذاکرة؟
سأقول لە: هذا شيء لا اتمنی وقوعه، و يعتمد وقوعە من عدمە علی مدی استعدادنا للتعامل الحضاري مع بعضنا البعض، فلو احترمت انت توقي للاستقلال و الحرية و اعتزازي بوطني، ستجد مني کل الاحترام لوطنک و شعبک و لا نحتاج ان نقيم حواجز و سيطرات اکثر من تلک التي کانت، منذ ان وعيت و کنت اسافر الی بغداد الجميلة ، ولا تزال قائمة ، علی الرغم من اننا مازلنا ابناء وطن واحد. لنکن جيرانا تشدنا ذکريات الالفة و المحبة بدلا ان نکون عائلة واحدة تفرقنا الدم المراق و الکرامة المهانة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب