اليوم خرجت في جولة طويلة سيرا على اﻷقدام تارة ، ركوبا بالستوتة الشعبية أخرى ، صعودا بالتكتك ثالثة ، نزولا من الباص اﻷحمر ذي الطابقين بعد إستراحة قصيرة داخله دفعت ثمنها – عن الحلال والحرام – لم يتحرك خلالها سنتمترا واحدا بسبب زخم الشورجة والإختناقات المرورية الحادة اذ إعتدت أن أجلس في الطابق الثاني من الباص الجميل متسمرا أمام النافذة كطفل صغير وأرقب بصمت مطبق بغدااااااد التي أحبها لأكتب كل ما آراه وأدونه أولا بأول ولو صادفتني أثناء الرحلة عربة خشبية يجرها – حمار – مخصص لنقل الغاز والنفط البلدي والسمنت والطابوق اﻷجنبي في بلاد النفط – عااااتي فكل شيء وارد هاهنا في بلاد مابين النهرين وباﻷخص حين ينقطع ماء الوضوء كليا في الجامع الملاصق لنهر دجلة !!! – لركبتها من دون أدنى خجل وقد فعلتها مرة فكانت المعلومات التي حصلت عليها عن – عالم الحمير والإستحمار – أثناء الرحلة من الكم والنوع ما لم أكن ﻷحصل عليها حتى في كتب الجاحظ وعلي الوردي وابو قتيبة الدينوري أهمها أن سعر الحمار – 500 الف دينار – وأن تزاوجه يكون بسعر محدد وكذلك مبيته بسعر آخر يومي كفندق في الهواء الطلق قرب الإعدادية المركزية للبنات على بعد أمتار من ساحة زبيدة ، وإن نفق الحمار أو مرض وخرج على التقاعد – فكبل- الى مطاعم الباب الشرقي والميدان ليتحول الى تكة وكباب ومعلاك وتشريب أحمر وأبيض أما عن الكبة الشعبية فأقطع جازما بأنها لاتصنع إلا من لحومها وهكذا قضيت يومي رحالا من سوق مغرق في الشعبية الى آخر ﻷتابع عن كثب هل مازالت جموع الناس هناك تهتم بما يسمى بعيد الزكريا وصيامه الذي ما أنزل الله به من سلطان وإذا به أقوى من اﻷعوام السابقة ، مع علمي اليقيني ان التجار هم من يخترعون في العادة البدع في كل زمان ومكان وهم أنفسهم من يمنعون أي واعظ أو داعية أو مفكر يحاول أن يصحح تلكم المفاهيم الساذجة – ﻷن الخبزة المليارية ستطير – وأنا بصدد تأليف كتاب بإذنه تعالى سأثبت من خلاله أن 90 % من اﻷباطيل التي ظهرت بيننا قد إخترعها التجار أول مرة وألبسوها ثوبا دينيا وعقلوها برأس بسطاء الناس ثم أدخلوها في أذهانهم مقابل صمت “الصنم الحاكم ” عنها بل وتشجيعه ودعمه لها أيضا كونها واحدة من أساليب – تدجين القطيع وإستحماره – لصالح بقائه في السلطة و من دون منافسة تذكر كما أشار الى ذلك ميكافيلي في كتابه( اﻷمير ) بشأن الإكثار من الاحتفالات الابتهاجية والمناسبات الوطنية والدينية لتخدير -القطيع – وصرف أنظاره عن واقع الحال المأساوي البائس الى حد اللعنة ، وكذلك الدكتور علي شريعتي في كتابه ( التشيع العلوي والتشيع الصفوي ) ، علما أن كل بدعة تظهر بين المسلمين تلغي فرضا أو سنة حسنة وهذه قاعدة تكاد تكون ثابتة بمرور اﻷزمان ..وتعاقب الفراعين !!
الزكريا بإختصار هي عيد شعبي إخترعه العراقيون وتفردوا به في أول يوم أحد من شهر شعبان في كل عام ووضعوا له طقوسا ومراسم أطلقها التجار بداية تتضمن شراء الصواني ، اﻷباريق ، الدنابك ، الكرزات ، اﻵس ، التنك ، الحلويات القديمة – يعني مو كيك ونستلة وكريم باف ونزاكة وماشاكل – كلا ، وإنما حلاوة ساهون ، زردة وحليب ، سمسم بالسكر أو مايعرف باللهوم ، زبيب ، خضروات ، مصقول ، شموع مزينة بكل اﻷحجام واﻷلوان ثم تبدأ النذور وأبرزها طلب الذرية للنساء العقيمات وماهي إلا نذور مزيفة لاتصل الى – البنكة السقفية – فيما اﻷطفال يقلبون المحلة عاليها واطيها بصخبهم – طقطقط طااااق طقطقط طااق – من بعد المغرب حيث تبدأ الطقوس وحتى ساعة متأخرة من الليل ليضيف لها التجار الصعادات واﻷلعاب النارية فأصبحت عرفا ﻻ يجرؤ أحد على شطبها من قاموس اﻷعراف والتقاليد البالية التي يحلو لبعض الباحثين تسميتها فلكلورا – عمي بلا فلكلور بلا بطيخ – أرأيتم لو أنهم عبدوا كبني اسرائيل عجلا من دون الله تعالى جل في علاه هل ستعدونها من التراث ، أم من خوارم الدين والمروءة ؟ – والكل يهتف” يا زكريا عودي عليه ، كل سنة وكل عام، أنصب صينية ” وبعضهم يصوم هذا اليوم – تصووووور – مع إنه بشحمه ولحمه لايصوم رمضان وﻻ بقية الصيام التطوعي كالإثنين والخميس ، اﻷيام البيض من كل شهر قمري ، ستة شوال ، يوم عرفة ، العاشر والتاسع من المحرم مع عظم أجرها وجزيل عطائها وبركتها تشبها بصيام زكريا – على حد زعمه – مع إن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا ومع إن القضية كلها ليست شرعا أساسا ، اﻷمر اﻵخر أن صيام زكريا كان عن الكلام فيما الغيبة والنميمة والشتم واللعن أثناء صوم الناذر العراقي بهذا اليوم فحدث ولا حرج ، عمي بطلوا سوالفكم التعبانة ..هو دين لو طين ؟!
وأقول لجميع المحتفلين بالمناسبة الوهمية التي إخترعها التجااااااار أن ماستنفقونه من أمول هائلة بهذا اليوم باطل ، وان أحتفالكم باطل ، وأن نذركم باطل وأن صيامكم باطل باطل باطل ..وزواج عتريس من فؤادة أيضا …باطل !!
سيقول بعضهم أو بعضهن دعوهم يفرحون – انتوووو ليش معقدين ؟! – وأقول فدوة أروحلج خاله وووو يا خاله لاتصيرين فقيهة براسي – فلو أنكم ذهبتم بملايين ما تنفقون على الباطل الى دور اﻷيتام ، دور المسنين ، ذوي الإحتياجات الخاصة ، الى خيام النازحين ، الى سكنة العشوائيات ، الى المهجرين ، الى المشردين وتصدقتم بملايينكم حسبة لله تعالى وشعاركم ” إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منك جزاءا ولاشكورا ” لتحققت أمانيكن واستيجيبت دعواتكم بدلا من – خريط – أول يوم أحد من كل شعبان بكل مفرقعاته التجارية التي أصبحت بنظر العوام دينا وماهي بدين …وﻻ طين حتى ..وووبس لا المرشحين احتفلوا بالمناسبة ايضا ونذروا لغرض الفوز والظفر بالمناصب ذات المنافع فوق الخيالية ..حتى تكمل السبحة ..ولو بيتكم قريب كان جبنالكم ..دنبك وصورة مرشح تعبان تصلح كفرشة لتناول الطعام ووووزبيب !! اودعناكم اغاتي