18 ديسمبر، 2024 10:51 م

من أين “أتت”سفيرة تل أبيب في موسكو؟

من أين “أتت”سفيرة تل أبيب في موسكو؟

لا حدود لوقاحة إسرائيل!
سفيرة دولة العدوان في موسكو وقبل أن تقدم أوراق اعتمادها ؛ خاطت في التاريخ والسياسة كمن يخوض في بركة آسنة.

سيمونا هالبرين قدمت الى روسيا سفيرة قبل شهر ولم يقبل الرئيس بوتين وفقا للبروتوكول أوراق إعتمادها الى الآن.ما يعني ان الدولة الروسية قد لا توافق على اعتمادها بعد تصريحاتها الخالية من اللياقة الدبلوماسية لصحيفة
” كومرسانت” وتوصف بانها وسيلة إعلام مقربة من الكرملين يحظى مراسلوها بأفضلية طرح الاسئلة على الرئاسة، وتحصل على السبق في مختلف المناسبات.

الصحيفة المعروفة بالرصانة وانتقاء العناوين المتميزة، سارعت لإجراء حوار مع سفيرة إسرائيل التي تقول إنها ولدت في ريغا (عاصمة لاتفيا الجمهورية السوفيتية السابقة) وأنها ( عادت) مع والدتها المطلقة بعمر ست سنوات الى إسرائيل .
كلمة (عدت) توحي وكأنها ولدت في فلسطين فيما الصحيح؛ إن صدقت السفيرة، فإنها هاجرت من الاتحاد السوفيتي مع آلاف اليهود في مختلف جمهورياته ومن روسيا على وجه الخصوص لاحتلال أراضي الفلسطينيين وإلغاء كيانهم كدولة والقضاء عليهم كشعب.
وبعد ” عدت” يبداً مسلسل التزوير والأكاذيب بدءا من الادعاء بأن جدها أحد أبطال الجيش الأحمر السوفيتي دون أن تذكر اسما وتاريخا لصلته بالجيش الأحمر مرورا بزعم انه نجا بعد ان وقع بيد الألمان بفضل انه كان يتقن اللغة التترية وأقنع الألمان بانه تتري وليس يهوديا فأطلقوا سراحه، القصة التي تحتاج إلى ما يثبت صحتها على خلفية ان الناريين الألمان كما تفعل إسرائيل اليوم في غزة تحرق الزرع وتقتل الضرع دون تمييز بين طفل وأمرأة كهولا وشبابا، تمنع الماء والغذاء، تقتل الأطباء وتدمر المشافي، تهدم المنازل على ساكنيها.ولا تكترث لانهار الدماء، بل تقتل من يقع في الأسر من قواتها.

السفيرة سيمونا انتقدت بشدة سياسة روسيا ووصفتها عمليا بانها تدعم “الارهاب” لأنها تقيم علاقة مع حماس وتستقبل وفود الحركة.

وتاخذ السفيرة على الدولة الروسية أنها لم تقم بإدانة ” مجزرة” السابع من أكتوبر إلا في وقت متاخر وبشكل باهت!
ولم يكلف مراسل ( كومرسانت) نفسه بالسؤال عن ان الإعلام الإسرائيلي بالذات وليس غيره فضح حقيقة تلك المجزرة المزعومة حين نشر تقارير موثقة عن أن الطائرات والمدفعية الإسرائيلية ارتكبتها بحق من كانوا في المستوطنات والمواقع التي اقتحمتها الكتائب الفلسطينية المسلحة في غلاف غزة فجر السابع من اكتوبر.

بغطرسة وتعال، قالت السفيرة للصحيفة
” ألاحظ ان اليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة ليس يومًا رسميًا في تقويم الدولة للاتحاد الروسي. و سأتحدث عن هذا مع زملائي الروس”.
وتضيف:
” لا أفهم حقاً لماذا يقلل وزير الخارجية سيرغي لافروف من أهمية هذا الحدث الوحشي (المحرقة ). نعم، تكبدت العديد من الدول خسائر فادحة، ودفع الشعب الروسي ثمن الانتصار على النازية بملايين وملايين الأرواح. ونحن نتذكر هذا. ولكن لم يحدث من قبل في التاريخ أن شهد العالم مثل هذه الإبادة الجماعية والمنهجية للبشر على أسس عرقية. فقط الشعب اليهودي اختبر هذا. سأكرر هذا بلا كلل”.

واقع الحال فان الوزير سيرغي لافروف في حديثه مرة عن ( المحرقة) أشار الى قرار الأمم المتحدة الذي أكد على ان النازية الألمانية ارتكبت جرائم إبادة ومحارق بحق أبناء الشعوب السوفيتية والاوربية وان الاتحاد السوفيتي لوحده قدم ما يزيد على 25 مليون ضحية من المدنيين وتم إحراق وتدمير مئات ألوف المدن والقرى والبلدات ومحوها عن وجه الأرض.

ففي بيلاروسيا السوفيتية وحدها اهلك النازيون الألمان ما يزيد على 400 ألف قرية وبلدة واحرقوا أهلها ومواشيها بالكامل الأمر الذي يفسر أن سكان جمهورية بيلاروس إلى اليوم لا يتجاوز العشرة ملايين نسمة.

سفيرة إسرائيل تطالب دولة فقدت ملايين الملايين من أبنائها في مقاومة الطاعون النازي ان تنصب كل عام سرادق العزاء لتعزية إسرائيل التي أخذ يشكك بعض مؤرخيها في دقة وصدقية أرقام ضحايا الهولوكوست الذي لا يجوز نكران حقيقته ولكن لا أن يتحول على يد إسرائيل مادة لابتزاز الدول والشعوب.

بنفس روحية التعالي والتبجح، تتحدث السفيرة عن زيارتها لمعرض تريتياكوف اكبر معارض العاصمة الروسية لأعظم اللوحات والرسوم من مختلف العصور فتركز على ؛؛؛
” أقول لزوجي: انظر كم من الكنوز الثقافية العالمية متجذرة في روسيا: كاندينسكي، شاغال… إنه لأمر مدهش”

سيمونا هالبرين تركز على اسمين فقط من مئات الأسماء المتلألئة في عالم الرسومات والمنحوتات والأيقونات التاريخية؛ فقط لان شاغال وكاندينيسكي يسجلان في الوثائق على أنهما يهوديان.
السفيرة لا ترى في المعرض الرحب غير عنصريتها وتعاليها على فنون وثقافات وآداب الأمة الروسية بتلاوينها العرقية المختلفة؛ علما بأن لا احد يلحظ يهودية الفنانيين العظيمين عند الحديث عن كاندينيسكي و شاغال المنصهرين في العوالم الروسية والعالمية.

في العام 2009 التقى أفيغدور ليبرمان زعيم حزب( إسرائيل بيتنا) برئيس الدولة الروسية حينها دمتري ميدفيديف وفي الدقائق البروتوكولية الأولى للقاء قال ليبرمان المعروف بوقاحته وأنه يطلق الكلام على عواهنه من قبيل نسف سد أسوان! قال لميدفيديف
روسيا تحضر لمؤتمر ورثة بوشكين العالمي. نحن في إسرائيل نحضر بشكل اكثر نشاطا للمناسبة لأننا نعتبر بوشكين يهوديا !
لا ندري كيف تلقى ميدفيديف تلك الوقاحة. لكن كلمات ليبرمان فجرت استياءً عارما في أوساط ملايين الروس الذين يرون في الشاعر آلعظيم الكسندر بوشكين أيقونة الأمة الروسية. وكم من الدراسات والكتب والمخطوطات سطرت عن أصول اجداده لأبيه المستجلبين من إثيوبيا الى البلاط القيصري.
لم يتجرأ حتى أكثر الباحثين المهوسين بمغامرات الأفكار ان يشكك في روسية وأصالة بوشكين. ليأتي الأفّاق الفاشي ليبرمان بعد اكثر من قرنين على ميلاد الشاعر المحتفى به كل عام في روسيا والعالم؛ فينسبه إلى هوية مصطنعة كما يؤكد المؤرخون الاسرائيليون الجدد أمثال بني موريس وآفي شلايم وإيلان بابي وتوم سيغف وغيرهم.

اثر العدوان على غزة ظهر في التداول العالمي مصطلح:
to israel
كناية عن السرقة والاغتصاب .
ولعل كلمات السفيرة البعيدة عن التهذيب وأصول الدبلوماسية تنتمي الى نفس القاموس.