18 ديسمبر، 2024 9:57 م

من أغرب حالات الوفاء التي لاتخطر على البال

من أغرب حالات الوفاء التي لاتخطر على البال

في حياة البشر جرت العادة يكون الوفاء في العلاقات الإجتماعية فيما بينهم ، وكذلك يضرب المثل بوفاء الكلب وبعض الطيور ، لكن ان يكون الوفاء ما بين الإنسان والتعامل مع أحد البنوك كما لو كان البنك صديقا قدم لك خدمة وعليك واجب أخلاقي رد الجميل له فهذا أمر عجيب ونادر ولاخطر على بال .

الصديق خالد مروان كان يرفض سحب كامل راتب الضمان الإجتماعي الذي يأتيه عن طريق البنك في لندن ، والسبب يقول ان البنك لا يتقاضى منه أجور خدمة ويقدم خدمات مجانية له مما جعل خالد يشعر بالشكر والإمتنان وأراد رد الجميل بأن قرر سحب راتبه على شكل دفعات قليلة وليس كله كي يتيح للبنك الإستفادة من المبلغ الموجود في حسابه المصرفي ان يستفيد البنك منه في تعاملاته المصرفية مع باقي الأموال الموجودة لديه وتحقيق ربح معين لذلك البنك .

سألت خالد مروان :

– مادام البنك هو موافق على تقديم خدماته مجانا .. لماذا تشعر أنك مطالب برد الجميل ؟

– أنا أتعامل مع المؤسسات على انها شخصيات معنوية حالها حال البشر ، والقيم الأخلاقية عندي لا تتجزأ يجب تشمل كل ما يصادفنا في الحياة .

– لكن البنك لا يطالبك بشيء .

– أنا أطالب نفسي بالوفاء كي أشعر براحة الضمير ، وأحارب في داخلي نزعة الإستحواذ والأنانية الإمتناع الخروج من الذات وتأدية واجب العطاء .

– ماقيمة المبلغ البسيط الذي تؤخر سحبه من البنك كي يستفيد منه ؟

– قيمته أخلاقية تتمثل في الشعور بفرح رد الجميل وإحترام الذات في إختيار السلوك الأفضل لها .

كان خالد مروان سقفه عاليا في الجانب الأخلاقي ، ولا أدري هل يصح وصفه بالمثالي .. أم الصارم مع نفسه والآخرين وسائر شؤون الحياة .. أم أنه إنسان استطاع الوصول الى مرتبة الرقي والتحضر والسيطرة على نوازع الأنانية والشر في نفسه ؟ .. لقد كان يجبر الطرف الآخر على الحذر والإستنفار كي لا يخطيء أمامه رغم أنه لا ينتقد أصدقائه ، لكن رقيه الأخلاقي يدفع من يعاشره الى الشعور بالتقصير والذنب والإحساس انه تحت مجهر المراقبة والنقد.

لقد تناقشنا طويلا حول ان قدرات البشر أضعف من ان تصل الى مستوى المباديء الأخلاقية ، وان تكوين الإنسان مشوه مليء بالعيوب الأصيلة التي لاتنسجم مع صفات طيبة القلب والكرم والتسامح والعدالة … وان ما نشاهده من حالات إيجابية لأشخاص يتصفون بهذه الصفات هي ليست قاعدة عامة ، وكذلك ليست دائمة متوفر في سلوكهم بحكم التبدلات المزاجية وتذبذب وإنخفاض وإرتفاع مستوى الإلتزام بالقيم ، وهناك خلط ما بين القيم الإنسانية كأفكار ومبادئ .. ومابين الإنسان الذي يمشي على الأرض والذي فشل في ان يطبق العدالة والمساواة على الأرض !

من أوجد الصراعات ، ونشر الظلم والقهر ، وصنع الأسلحة ، وأشعل الحروب وسفك الدماء أليس الإنسان !