22 نوفمبر، 2024 1:15 م
Search
Close this search box.

من أساليب التوجيه في الفن العراقي القديم (3000 – 1000 ق . م)

من أساليب التوجيه في الفن العراقي القديم (3000 – 1000 ق . م)

“منذ ان ظهرت الفنون , خاصة التشكيلية منها , في حياة الإنسان وحتى الوقت الحاضر فإنها كانت ولا تزال تعبر عن طموحاته وعن مشاعره ونضالاته وتتأثر كذلك بالقيم الجمالية للفترة التي انتجت فيها” , وانطلاقاً من هذه الحقيقة نحاول في هذه الدراسة وبالدليل المادي بيان ان الفن من بين الاساليب التي اعتمدها العراقي القديم لتجسيد مفهوم التوجيه سواء كان هذا التوجيه في جانبه الديني أو السياسي , ويمكننا تشخيص كلا المفهومين في النتاجات الفنية التي تسنى لنا الوقوف عليها من فترة الالفين الثالث والثاني قبل الميلاد من نحت ورسم وتمثيل.
النحت والرسم :
كان الرسم , والنحت بشقيه البارز (الناتئ) , والمجسم , من بين الأساليب التي أتبعت من قبل العراقيين القدماء لتجسيد مفهوم التوجيه , وهناك عدد من الشواهد التي يمكن الاستناد إليها لإثبات هذا المطلب.
كان الإناء النذري , الذي يعود تاريخه إلى حدود الألف الثالث قبل الميلاد , قد تضمنت مشاهده من الأسفل إلى الأعلى , خيرات الأرض , والقرابين النباتية , والحيوانية , التي تلقتها الإلهة في الحقل الخامس من الإناء , وقد جسدت مشاهد إناء الوركاء النذري ؛ تمثيلية الزواج المقدس , وما يقتضيه هذا الزواج من دلالة إعادة الخصب , محل الجدب , الذي حل نتيجة هجرة الأرض من قبل الإله المجسد لقوى الخصب في الطبيعة , ومن الدلالات التي رمز إليها هذا الإناء , عدم التقرب من تمثال لإله , ما لم تكن القرابين من بين ما يحمله إليها الشخص , وأن عملية التقرب من الآلهة كانت تتم بوساطة أمراء القوم , وفي كلا الحالتين حمل القرابين ووساطة امراء القوم دلالة إلى التوجيه , الذي يدعو في مضمونه إلى تنظيم ورسم صورة العلاقة بين الإنسان وإلهه.
وإلى العصر الشبيه بالكتابي (3100 – 2800 ق . م) , تعود ظاهرة نذر التماثيل الصغيرة إلى المعابد , وكان القلق التكويني الملازم للإنسان دفعه إلى أن ينحت التماثيل ؛ كيما تجعله دائم
الحضور في محراب الإله , وفي ذلك توجيه ديني إلى طبيعة التخلص من القلق باللجوء إلى أمر يضمن حضوراً دائماً في محراب الإله.
والتماثيل اتخذت وسيلة من وسائل التوجيه , وهذا ما نلمسه من خلال مشاهدة مجموعة تماثيل , بلغ عددها اثنتي عشر تمثال , عثر عليها في تل أسمر , وهي في وضع التعبد, وتعود بتاريخها إلى عصر فجر السلالات الثانية , ويشير شكل التماثيل إلى احتفال طقوسي, وقوته التعبيرية , تبث خطاباً روحياً , وصوفياً يتصل بالروح , ويشير الأستاذ اندريه بارو إلى أن الابتسامة الهادئة التي ظهرت عليها محيا وجوه هؤلاء المتعبدين , فيه إشارة إلى أن عصر الإحساس بالخوف المذل من الآلهة قد انتهى بالنظر ؛ لامتزاج كلا الطبقتين الاقتصاديتين العليا, والدنيا , وفي هذا توجيه ديني يوضح كيفية التقرب من الآلهة , وطبيعة ما هي عليه العلاقة بينهما.
وفي مسلة صيد الأسود من الوركاء , يشاهد رجل يغرس رمحاً في خاصرة أسد , وفي أسفل المشهد وهو يطلق سهامه على أسدين جريحين , والعمل ينبأ بإجراء دفاعي ؛ لحاجة الماشية لمن يحميها , والأسد كان رمزاً للموت , والفناء , وقصد من وراء تكرار مشهد الصيد تعظيم عمل الرجل الحامي , وأن هناك تكرار لمشاهد الصراع بين حماة قطعان الماشية , والأسود , ومشاهد الرسم على الأختام الاسطوانية في عصر الوركاء حوالي (3000 ق . م) , يشاهد فيها إنسان (لعله الملك) , وهو في حالة صراع , أو انقضاض على حيوان مفترس ؛ حاول أن يهاجم قطيع من الماشية , ونرى إن أختام عصر جمدة نصر (3500 – 2800 ق . م) , تظهر على مواضيعها البطل , في صراع مع الحيوانات المفترسة , وأن الملك كان يظهر راعياً حقيقي للحيوانات , كما يشير إلى ذلك الأستاذ مورتكات في تفسيره لخاتمين من عصور فجر التاريخ بالاستناد إلى تسريحة الشعر , وعصابة الرأس , التي تؤكد كونه ملكا , وليس إنساناً عادياً.
وعلى سبيل المثال أن الملك لوكالبندا المعروف بالراعي , قد مارس مهنة الرعي فعلاً , وهو أمر لازمه في العصور التاريخية , إلا أن تقادم الأزمان , أنسى الناس أصل لفظة الراعي , لتصبح بمرور الوقت مرادفة للفظة حاكم , ولتعني السيادة , والحكم , وهذا يدل بلا ريب عن قدرة هؤلاء الناس , على الربط بين الرعي , والحكم , من حيث ممارسة السيادة , فالراعي بمعناه الأول , يدير شؤون الماشية , والحاكم يمارس الإدارة , والتحكم بشؤون البشر.
ومن المدة المحصورة ما بين فجر السلالات الأول , إلى فجر السلالات الثالث , جاءنا لوح مثقوب من الوسط , يضم ثلاثة مشاهد أفقية , كان إحداها يصور مشهداً مماثل يظهر البطل , وهو يحامي عن الحيوانات الداجنة , ومن عصر ميسلم , عُثر على لوح من النقش البارز , جاءنا من تل أجرب مثقوب من الوسط , ضم المشهد الثالث في الأسفل , مشهد لرجل يطعن أسداً , لينقذ ثوراً حاول افتراسه.
والتوجيه في جميع هذه الاعمال تركز على مفهوم واحد هو اعلاء شأن الملك والعمل الذي يؤديه متمثلاً في حماية قطعان الأغنام , والماعز , أي الماشية بصورة عامة , من أخطار الحيوانات المفترسة , وقد جسد فنانو العصور التاريخية هذا الأمر , وعلى وجه التحديد في عصر الوركاء , وهذا يؤكد حقيقة التوجيه باحترام , وتعظيم المهمة التي يقوم بها الملك , لكونه حامياً, ومدافعاً , لا يمكن ضمان سلامة ثروات المواطنين من حيوانات داجنة , بل لا يمكن العيش بدونه.
فضلاً عن النصوص المدونة وثّق البلاط الملكي في لكش النصر الذي حققه الملك اياناتم على المدينة المنافسة أُما حوالي عام (2600 ق . م) بالمشاهد الصورية كما جاء في مسلة العقبان , واستعادتهم لمنطقة كوادنا , وقد صور هذا النصر على أنه نصر لإله لكش ننكرسو , على إله أُما شارا , وقد ضمت مشاهدها عقباناً تنهش جثث أعداء لكش , ويرى الأستاذ بارو أن إلهين آخرين على أقل تقدير , هما إنانا , وبا – او , قد شاركا في هذه الواقعة , التي خلص إلى أن معناها ينصب على إيضاح مصير كل من يقف بوجه الإله ننكرسو , وقد جسد إناناتم (2454 – 2435 ق . م) فعل الأحلام في مسلته هذه , بإدعائه إن الإله ننكرسو أوحى له في نومه نتيجة حربه : (حتى كيش لن تساند اوما . فالإله اوتو سينحاز إليك!…) , والمسلة بلا شك , قد صورت الملك ممثلاً عن الإله في الأرض , حتى أن الحروب صورت على أنها حروب بين الآلهة , وهذا ما سعت المسلة إلى إظهاره , وتوجيه الناس نحو فهم وإدراك هذا المعنى.
وفي راية أور التي يعود تاريخها إلى عام (2500 ق . م) , صُوّرت لنا أحداث معركة حامية الوطيس , تنتهي بهزيمة الأعداء , ليتم بعدها استعراض الغنائم , ومن ثم الاحتفال بالنصر , من قبل الملك دون أن يظهر للآلهة , من دور في موضوع النصر , والتوجيه في ذلك يتمثل في المطلب الرئيسي من المشهد الذي يدعو إلى إعلاء شأن الملك منفرداً , لا تشاركه فيه الآلهة ,
ويبدو هذا أمراً غريباً في هذه المدة الزمنية من العصور السومرية , التي وقعت تحت تأثير الدين وسطوته.
ووثيق الصلة بمسلة العقبان كان نصب لسرجون الاكدي (2371 – 2316 ق . م) وفيه يظهر الملك سرجون الاكدي وقد هوى بمقرعته ضرباً على رؤوس الأسرى العالقين في الشبكة , وعلى الرغم من أن قرع الملك للأسرى في الشبكة , يتم تحت أنظار الإلهة المحاربة عشتار , إلا أن موطن الصلة بينهما يكمن في التوجيه بأن الملك قد أختص نفسه بلعب دور العامل المؤثر في النصر , وليس الآلهة , وهذا راجع إلى أن العصر الاكدي قد أتسم الفن فيه بالواقعية والتحرر عن التجريد , واللاواقعية , وهذا فيه إشارة على أن الاكديين اتصفوا بالحكم السياسي البعيد عن التأثيرات الدينية , وبذلك نرى إن الفن كان عاملا لتوجيه الشعوب الرازحة تحت نير الاكديين , إلى أنها محكومة بنظام يبغي الاكديون من ورائه , إلى الإقرار به كسلطة سياسية لإدارة الشأن الخارجي لهذه الأراضي, مقابل ترك حرية الدين , والمعتقد , والشأن الداخلي , لمواطني هذه المناطق ويتضح التوجيه هنا في ترك مسألة الدين ونوع الإله المعبود لكل شعب من الشعوب في حين السيادة تنحصر بالنظام السياسي القائم متمثلاً بالاكديين.
وتوثق مسلة الملك الاكدي نرام سن (2291 – 2255 ق . م) انتصار هذا الملك على قبائل اللولوبو , وقد خص الملك نرام سن , الذي ارتدى تاج الإلوهية المقرن , نفسه بالأهمية , بتصدره المشهد الذي تضمه المسلة , وهو يطأ عدواً ساقطاً على الأرض , في حين لمعت السماء بالنجوم , التي تشير إلى آلهة السماء , ولم يتوصل إلى نتيجة بشأن , ما إذا كانت النجوم الظاهرة في المسلة , ذات علاقة بالإله شمش أم لا , لكن ربما مثلت النجوم رمزاً لأربابه , التي تحميه , وهذا يدل على اعتراف الإنسان , بأن الآلهة لابد وأن تكون حاضرة لتحقيق النصر , مهما علا شأن الملك , على الرغم من المركزية التي أعطاها الملك لنفسه في المشهد الذي ضمته هذه المسلة , وبذلك هذا التوجيه امتداد لما كان عليه الحال في عهد الملك سرجون الاكدي.
وشكلت تماثيل أمير لكش كوديا (2120 ق . م) , في المعابد , بديلا سحريا , فكان أن خص الناس هذا البديل بالقرابين ؛ ليكون هذا البديل قادرا على خدمة الآلهة , وكانت سيماء الورع , والتقوى , قد أظهرها الملك كوديا على تماثيله التي نذرها إلى المعابد , إلى جانب إظهار هذا الملك مفكرا هادئا حكيما , ليكون بذلك هذا الملك قد اظهر للمتلقين ورعه وتقواه وقوة تفّكره الذي
ولابد أن بها قد حاز به رضا الآلهة ومن ترضى عنه الآلهة حري به أن يطاع , وهي ما اراد ايصاله من توجيه للمتلقين.
وأن تفضيل كوديا لحجر الديورايت الصلب , في صنع تماثيله كما يفتخر هو بذلك : (أنه تمثال ليس من معدن ثمين ولا من اللازورد ولا من النحاس ولا من البرونز وأنه لا يمكن لأحد أن يصنع مثله …) ؛ لعله يأتي أمعاناً منه في إظهار شدة تواضعه للآلهة وهو ما اراد ايصاله من رسالة للمتلقين.
ولم يخلو مشهد ديني في العصر السومري الحديث إلا وكانت الآلهة برفقة البشر , بمعنى إبراز الفن للعلاقة ما بين الآلهة والبشر , إذ يظهر الملك اورنمو في مسلته التي خلد بها بنائه زقورة وهو يمجد الإلهين ننار , وننكال , في منظر ورع , وقد ظهرت الآلهة ترفرف فوق اورنمو , ساكبةً الماء أمامه , وخلفه , وفي احد أجزاء المسلة ظهر حاملاً لأدوات البناء التي بادر أحدهم لمساعدته على تثبيتها فوق كتفه , فيما يواصل خطاه خلف إله (وسيط) أمامه , ومن كل ذلك يتضح مقدار التوجيه , الذي مارسه الملك بإظهار نفسه أسير رغبات , وأوامر , ونواهي الآلهة , وإظهار نفسه باني للمعابد للدلالة على كسبه رضى الآلهة التي توجب بدورها رضى البشر عنه.
وبما أن التماثيل السومرية عُدت خطاباً تواصلياً بين الأفراد , وهي بذلك عبارة عن رسالة يرسلها المنجز لمجموع المتلقين ضماناً للتعاطف , والمشاركة بينه وبينهم , نلاحظ أن الملك أور نمو قد جعل من سلة البناء التي يحملها رجل , أو امرأة , بديلاً عن الإله الراكع , كما كان يظهر في تماثيل الأسس.
وأكدت مسلة الملك شو سن (2038 – 2030 ق . م) , على أن يكون رئيس أركان الحرب مصاحباً للملك , ولعل في ذلك ما يشير إلى القيادة الحربية التي أنتهجها هذا الملك وتوجيه المجتمع , نحو العقيدة العسكرية التي تحكم البلاد.
وبالانتقال إلى الألف الثاني قبل الميلاد , نلحظ إن لبت عشتار ملك ايسن (1934 – 1924 ق . م) , قد ذكر إن نشره لمواد قانونه البالغ عددها (43) مادة , على نصب حجرية , جاء بتوصية من الآلهة ؛ وهذا قد صدر عنه لحث الناس , وتوجيههم , على التقيد بما جاء فيها كونها أمر إلهي مقدس.
من جهته عمِلَ حمورابي (1792 – 1750 ق . م) , على إيجاد فن بابلي جديد , يُظهر موروث العراقيين القدماء , وواقع الاموريين الحضاري , ومن الصور الفنية التي خلفها لنا حمورابي , وهي لا محالة تعزز تصورنا للفن الموجه المقصود المعاني , تمثال فريد لهذا الملك عرف بأسم المسلة ؛ لاحتواء جزئها السفلي على مواد قانونه الشهير , إذ يظهر فيه متسلما لمنصب الملوكية , والاستعداد الكلي لتنفيذ وصايا اله العدل الشمس.
ويبدو أن من أساليب التوجيه التي أتبعها الملك حمورابي , قيامه بوضع تماثيله في المعابد , ومن ذلك تمثال صنعه لنفسه , في سنة حكمه الثانية والعشرين , واضعاً إياه في معبد “الايساكيلا” في بابل وذلك لتوجيه الشعب إلى ارتباطه بالآلهة وعدم انفكاكه عنها على الرغم من السمة الدنيوية التي أطرت نظام حكمه.
وأظهرت الرسوم الجدارية التي عُرفت بـ”تنصيب زمري لم” في قصر هذا الملك في ماري , الآلية الطقوسية التي يتم بها تنصيب الملك , وقد برزت من خلال ذلك مسألة تلقي الحلقة , والعصا , أداتا الملكية من قبل إلهة الحرب عشتار, وجمع مشهد الرسوم هذا بين العقليتين السومرية , والجزرية , إلى جانب الجمع بين ما هو ديني , متمثلاً بالتقرب من الإلهة عشتار , وما هو خيالي , بجني ثمر التمر من النخيل , وبالنتيجة عّدَ الملك زمري لم نفسه منصباً من قبل الآلهة , وهو ما أراد إيصاله من توجيه لشعبه ؛ يوضح لهم إن طبيعة حكمه دينية , وأن شرعيته مستمدة من الآلهة , التي لا يمكن للبشر الخروج عن طوع إرادتها.
التمثيل :
أشارت النصوص المسمارية , إلى لفظة ممثل وأن وجود ممثلين , يستلزم وجود فعل التمثيل , وقد أقترن النشاط التمثيلي : بالأعياد , والطقوس ؛ لأن الفكر العراقي القديم , وجد بالإمكان استحداث الشيء ذاته , من خلال تقليد ذلك بوساطة الطقوس , بحسب المعتقد السائد آنذاك , ويرى الإنسان في العصور القديمة أن تاريخه من صنع قوى خارقة , وأن هؤلاء الأبطال , الذين صنعوا هذا التاريخ , آلهة , لذا تستلزم قدسية هذا التاريخ , إعادته من وقت لأخر , وفي ظل هذا
يرجح أن تكون قصيدة رثاء أور , قد تم تمثيلها , والتوجيه في ذلك أن ثبت صحة تمثيلها تكمن في الحث على عدم الإساءة إلى الآلهة أو الانتقاص من شأنها.
وفي عيد رأس السنة البابلية الاكيتو , وفي اليوم الرابع من هذا العيد , يقوم الكاهن بترتيل قصة الخليقة البابلية ؛ استذكارا لانتصار الإله مردوخ على تيامت , والذي يعتقد أن إلقاء هذه القصيدة يتم بمصاحبة مشاهد تمثيلية ؛ للتأكيد على حتمية وضرورة انتصار قوى الخير, على قوى الشر, وحتمية انتصار الخير الذي تظهره قصة الخليقة المعاد انتاجها تمثيلياً هي التوجيه الذي تم قصده من وراء إعادة إنتاجها تمثيلياً لغرض ؛ ضمان الاستقرار الروحي عند البشر المتولد عن الاعتقاد بسعي الآلهة الدائم إلى ضمان الخير وهزيمة قوى الشر.
وكانت القرابين المقدمة في هذا العيد , تقدم على حساب الملك , وهذا بحد ذاته توجيه من قبل الملك إلى نصرته ومساندته لقوى الخير , التي انتصرت بإنتصار الإله مردوخ , على قوى الشر الممثلة بتيامت , وبالنتيجة يكون الملك قد أوحى بأنه يقف ضمن معسكر الخير, مما يجّرم مناوئيه , الذين يناصبونه الكره , والعداء , في حالة خروجهم ضده.
النتائج :
1- كان الرسم والنحت (البارز والمجسم) من بين الاساليب التي عبرت عن مفهوم التوجيه في الفن العراقي القديم.
2- تضمنت المنحوتات والرسوم التي نقشت بها الاختام الاسطوانية التي عنيت بتوجيه الناس مواضيع دينية وسياسية وحربية واعلاء شأن ملك بالإضافة إلى اظهار دور البطل وهذا المطلب الاخير كان واضحاً في الاختام الاسطوانية والالواح الحجرية , إلى جانب توثيق الاحداث والتي جسدت بدورها إلى جانب توجيه الناس نحو تقدير الاعمال الخالدة التي اضطلع بها الملك وممارسة اعلامية تسجيل تاريخي ضَمِن للأجيال اللاحقة الاطلاع عليه.
3- تم من خلال المواد التي تضمنت المشاهد المنقوشة او التي تم الرسم عليها معرفة طبيعة المواد التي تم استخدامها لهذا الغرض من فخار واحجار بأنواعها.
4- مكنتنا هذه الاعمال من الحصول على مادة تاريخية مهمة للمختصين في مجال الآثار ودراسة التاريخ القديم على وجه الخصوص وللمتتبعين لأخبار العوالم السابقة من مثقفين ومتعلمين وقراء بصورة عامة.
5- تم التعرف ايضاً على طبيعة الاعراف والتقاليد العسكرية من اساليب اصطفاف الجنود في الحرب ونوع الاسلحة المستخدمة وموقف الإله في الحرب وكذلك تصدر الملك للحروب التي يتم خوضها وموقع رئيس اركان الجيش من الملك.
6- كشفت المشاهد النحتية وكذلك التي تم رسمها عن الآلية التي اتبعت لتوظيف الفكر الديني في السياسة والحرب من قبيل ابراز دور الإله في المعركة (مسلة العقبان) وابراز دور الملك (نصب سرجون).
7- وكانت طبيعة الاساليب المستخدمة في تحقيق التوجيه قد ارست الاساس الذي تمكنا من خلاله معرفة طبيعة الفنون وتطورها باختلاف العصور التاريخية.
8- كانت الاحتفالات بإقامة الزواج المقدس او برأس السنتين السومرية والبابلية قد اعلمتنا المشاهد الفنية المتضمنة لها بانها تُعد بحق اولى بوادر اقامة الكرنفالات الضخمة في تاريخ الشعوب والتي سبقت كرنفالات اليونان (الاولمبياد).
ابرز مصادر البحث :
اندريه بارو , سومر فنونها وحضارتها , تر : عيسى سلمان و سليم طه التكريتي , (بغداد : 1979).
زهير صاحب , الفنون السومرية , دار أيكال للطباعة والتصميم , (بغداد : 2005).
انطوان مورتكات , الفن في العراق القديم , تر : عيسى سلمان و سليم طه التكريتي , مطبعة الأديب البغدادية, (بغداد : 1975).
تموز عقيدة الخلود والتقمص في فن الشرق القديم , تر : توفيق سليمان , ب . مط , (دمشق : 1985).
صبحي أنور رشيد , تاريخ الفن في العراق القديم , (فن الأختام الأسطوانية) , (ب . مط), (بيروت : 1969).
الزة زايبرت , رمز الراعي في بلاد الرافدين ونشوء فكرة السلطة والملكية , تر : محمد وجيد خياطة , مكتبة الفيحاء , (دمشق : 1988).
لويد , آثار بلاد الرافدين (من العصر الحجري القديم حتى الاحتلال الفارسي) , تر : سامي سعيد الأحمد , دار الرشيد , (بغداد : 1980).
باسم الأعسم , أثر الأسطورة في النشاط التمثيلي عند العراقيين القدماء , مجلة آفاق عربية , العدد , 5 – 6.
ايفون روزنجارتن , في موضوع مسرح ديني سومري , تر : فهد عكام , مجلة سومر , المجلد 28 , 1972.

أحدث المقالات