هذه وجهة نظر خاصة بي كفلها الدستور ارجو ان يتسع صدر كل من يعتقد على انني اتهم شخصية او جهة في اساءة فهمها لما جرى في العراق وأنا جزء من العراق واعيش في داخلة ولست من المنظرين الذين يسكنون الفلل نهاراً والقنوات الفضائية ليلاً ليطلقوا تفاسير ليس لها لون ولا طعم ولا رائحة .
في البداية لابد من التذكير لمن يعيش في غيبوبة مصطنعة أَن العراق بشعبه موحد لاتنقصه المحبة فيما بينه وهو شعب محب للسلم من فرط ماوقع عليه من جور الحروب المجانية عبر السنوات الماضية ماقبل الأحتلال وبعده ولا أضن ان عراقياً قد وقف بالضد من عراقي آخر بسبب القومية او الطائفة او العرق خارج العراق الذي يعد مهجراً للملايين ولم نستمع يوماً ان نزاعاً قد حصل فيما بينهم . هذا هو حال العراق ولكن لايمكن ان ننسى ان من باع نفسه للأجنبي قد شرع في تنفيذ أجندة خبيثة تهدف الى تمزيق وحدة الشعب وهؤلاء هم الأكثرية السائدة في البرلمان والحكومات المتعاقبة التي اعقبت الأحتلال مستغلين حالة التخلف التي عاشتها بعض مناطق العراق نتيجة للأهمال من قبل النظام السابق وانشغاله في الحروب وماوقع على الشعب من حصار قاسٍِ أمتد لأكثر من عشر سنوات تسبب في كوارث مجتمعية جعلت الآلاف من الشباب يتركون التعليم ويتجهو الى البحث فيما يسد جوعهم والفاقة التي حلت بهم . وبعد الأحتلال الذي قيل عنه انه تحرير كان الأمل معقوداً في قيام نظام سياسي جديد يهتم بتلك الشرائح التي أهملت وتطوير مناطقها وتنميتها لكن شيئاً من هذا لم يحدث بل على العكس ازدادت تلك الشرائح اهمالاً وتجهيلاً لأستخدامها في ايام الأنتخابات وتلك كارثة من كوارث النظام السياسي الجديد الذي أسس لطائفية نتنة أسموها اسطلاحاً بالمحاصصة وكل طرف يمارس سياسة التخويف من الطرف الآخر من اجل اذكاء الطائفية . وكان من نتاج تلك الأفعال المشينة أشاعة الفوضى وانتشار الجثث المجهولة في بغداد ومدن اخرى وزرع العبوات والمفخخات واللواصق وكل مايسبب قتل الناس .
العجيب في الأمر ان كل الحكومات التي تشكلت بعد الأحتلال انشغلت في نفسها وكيف تقسم المكاسب والغنائم فيما بينها وكانت الحكومة الأكثر فوضوية وأِضرار بالبلد هي الحكومة الثانية للسيد المالكي التي شهدت تمزيق كامل لأجهزة الدولة بعد ان مورست سياسة الحزب الواحد بشكل كارثي فكان الولاء للحاكم سمة من سمات العديد من المسؤولين وخاصة الأمنيين في الجيش والشرطة ! ومع هذه السياسة انتشرت ظواهر القمع والظلم من خلال الأعتقالات العشوائية والأساءة المتعمدة من قبل بعض الأجهزة المحسوبة على الشرطة والجيش وهو مانتج عنه حالة من الأحتقان الداخلي والنفور وعدم الثقة بالحكومة ليعيش العراق حالة من الأرباك استغلتها بعض الوزارات والأجهزة استغلالاً مادياً كالتجارة والدفاع والداخلية والكهرباء والتي انفقت من اجلها المليارات دون ان يتحقق الامن ولا الغذاء ولا الطاقة الكهربائية ومع هذه السياسة اتضحت معالم فساد في الداخلية والدفاع والتي كان عديد جنودها ارقاماً فلكية على الورق فقط ولاوجود لها على ارض الواقع ونتيجة لتلك التراكمات والحوادث التي حصلت في بعض محافظات غرب العراق وشماله نتيجة لسوء التعامل والأدارة من قبل الحكومة أزدادت المعارضة الداخلية للحكومة وتفجر معها الأرهاب مستغلاً هشاشة العلاقة بين الحكومة والمواطنين فسقطت الموصل بيوم واحد وصلاح الدين بيوم واحد ايضا واشتدت المعارك والتدخلات الأرهابية وسط حالة من الذهول نتيجة لأنهخيار المنظومة الأمنية للبلد فكان للمرجعية الرشيدة وقفة وطنية واضحة حين اعلنت الجهاد الكفائي لمواجهة خطر الأرهاب وتمدده .
في ذلك الوقت كنت في مدينة الناصرية وشاهدت مسيرات عفوية نظمتها الجماهير تأييداً لتلك الفتوى وفرحت كثيرا حينها كونها فتوى تبتعد تماماً عن الطائفية وهي لاتشمل طائفة بعينها بل ان الدعوة جائت لكل العراقيين بغض النظر عن القومية والعرق والدين فهي تهدف بالأساس الى حماية العراق من الهجمة الشرسة التي جائت على خلفية أدارة فاشلة على مدى اكثر من 8 سنوات .
في الأيام والأسابيع الأولى للفتوى كان الكثير من الملبين لها يتوجهون الى مديريات الشرطة واجهزة الجيش فتستقبلهم وتزجهم في دورات تدريبية في معسكرات معدة لذلك وكان الجميع يشعر انه جزء من منظومة الدولة واستمر الحال في البداية رغم الأهمال الحكومي في تأمين التجهيزات والأعاشة .
هذه هي حقيقة الفتوى التي طالبت ان يكون المتطوعين ضمن اجهزة الدولة من الجيش والشرطة . وهنا استمر الغباء الحكومي اذ لم تستفد الحكومة من هذه العملية لترميم هيكل الجيش المنهار فأهملت المتطوعين وكان لمناشداتهم اعلامياً ومعها مطالبات المرجعية بضرورة تأمين احتياجات المتطوعين واضحة وأثار الأهمال الحكومي السخرية في الشارع . الى هنا الأمر طبيعي ولاوجود لأي تأويلات على الأقل في الشارع العراقي . لكن الذي حصل فيما بعد ان بعض الجهات الحزبية والحكومية أرادت تجيير موضوعة الحشد لها فخرجت أعلام ورايات لتزج نفسها في الحشد رغم ان المرجعية طالبت ان تكون راية العراق هي فوق الجميع . وشيئاً فشيأً انحسر التوجه الى مديريات الشرطة والجيش للتطوع واصبح التطوع من خلال الأحزاب وهو ماولد اشكاليات وتفاسير مختلفة زادها تعقيداً الحالات الغير مقبولة من قبل جهات محسوبة على الحشد لتمارس اعمال النهب والسلب والقتل والحرق في تكريت وهو ما أساء فعلاً لجهود الحشد الشعبي الوطني . وبرغم من كل الجهود التي بذلها العديد من الأبطال في الحشد وهم من اعضاء البرلمان وغيره من الأحزاب لكن كان عليهم ان يرتبطوا بشكل مباشر بالجيش ويكونوا ضمن هيكليته ويرتدون الرتب العسكرية الخاصة به لكي نبتعد عن التأويلات . ولذا فانا اعتقد ان اجراءات تلك الأحزاب كانت ليست صحيحة وزادت من مخاوف المواطنين في المناطق الواقعة تحت الأرهاب على انهم مستهدفون وهو امر محزن استفاد منه بعض السياسيين الذين كان لهم دور في تدمير العراق وانهيار جيشه وكان على المرجعية الرشيدة مع احترامنا الشديد لها ان تشخص بالأسماء من الذين دمروا العراق وان لاتكون محايدة وأِلا كيف يمكن لبلد ينفق اكثر من 1000 مليار دولار ولايجد مايسد حاجة حشده الشعبي فنلجأ الى جمع تبرعات من المواطنين ؟ حمى الله العراق بكل طوائفه واتمنى على السياسيين ان يكفوا عن سياسة التدمير والأستغلال وان يتركوا المجال والفرصة للعراقيين الأصلاء لكي يبنوا بلدهم بعيداً عن القتل والتهجير والأقصاء . والله من وراء القصد