23 ديسمبر، 2024 9:18 ص

مدينة العاهرات .. مدينة هادئة تزول فيها الأحقادنجومٌ كثيرةٌ وهاجةٌ ذلك الصيف ، حين وقفت أمام (ياني كامي) ترددت في صعود السلالم التي تؤدي الى باحة المسجد حين رف الحمام وأعتلى المأذنة ، ثم حطت أسراب أخرى على الجدران والأقواس ، كان الموقع الجغرافي لوقفتي يشير الى أن الجهة التي يشير اليها ذراعي الأيمن هو سوق (البهارات) أو مايسمى( السوق المصري) ويساري جسر غلاطة ، وخلفي مسجد رستم باشا ،ولذلك فإن مضيت الى سوق البهارات فلابد أن أتجه لمحمود باشا ومن محمود باشا سوف أتجه الى جراند بازار ،وكراند بازار من أقدم وأهم وأكبر الأسواق في إسطنبول ،وإن إتجهت الى جسر غلاطة لابد أن أقف مع الصيادين وأتطلع الى عالمهم الساحر ومهارتهم وقناعتهم في صيد الأسماك من فوق الجسر الذي يعلو مياه البحر بأكثر من 5 أمتار ،
وقطعا سأستمر بالسير وتلك عادتي مذ عرفت هذه الأمكنة ، سأستمر بالسير للوصول الى منطقة التقسيم، ولاشك أن أقف قرب نصب الإستقلال وكنت سابقا أي في السنوات التي مضت لاأصل حدود هذا النصب بل أتجه الى مجمع
(العاهرات ) لأطلعَ على مايعني هذا المجمع بل هذه المنطقة التي أقامتها الحكومة لممارسة اللذة مقابل أجور معلنة ، ومن ملاحظاتي على هذه المنطقة أنها لاتلتزم بمفهوم العمر فتجد الصبية والشابة والمسنة وكلهن عرايا خلف لوح زجاجي كبير ،وهناك من يقفن في الأبواب أبواب تلك المحال ،
واحدة تقول يسمعها المارة طالبي الجنس تقول :
هذه مدينة هادئة فيها تزول الأحقاد …
وأخرى :
ذات يوم قلبت المحبرة فوق رقعة الشطرنج كي
يظل الملك طريقه ،
وأخرى تدمدم :
مسألة شاقة أن أكون مدام بوفاري ..
أما إذا تابعت مسيري بإتجاه رستم باشا فلابد أن أصل ( ألاي كوشكو ) وعليه لابد أن أحفز ذاكرتي أحفزها كي تضع هذه الأمكنة تحت كشاف المعنى وتقدم خصوصيتها الذاتية لإستكمال شرطها البلاغي وهي تنظر الى مياه البسفور
وساحله وصخوره وقوارب صيد الأسماك ومحطة وقوف السفن ومحطة القارات في سيركجي ، وعندها أعيد تشكيل رؤيتي لسد الفراغات في حكايا الأساطير وفي منحى الرموز بعد أن يقع الماضي على السلالم وعلى الأرض وفوق أجساد الرخام ، وأنت أمام ذلك تريد أن تصنع لك شيئا ما يبقى خالدا هناك خلود (سانتا ماريا ) خلود المسجد الأزرق فتجد نفسك وبصوت لايسمعه أحد ، تجد نفسك تقول :
ماذا أرمي في نافورة السلطان أحمد ….
وأي من الهدايا أختار من الــ جراند بازار …
وكم من الشموع أضع عند قدم رسول الله وسيف الحمزة بن عبد المطلب ،
ربما بعد ذلك أكون على معرفة بالتكوين الدقيق لكل الأزلية التي تصبح أحيانا قابلة للإستخدام حين تتجرد الدلالات المعتادة ويبزغ فجر معنى المعنى للوصول الى ماخلف الأمكنة ومن هناك يمكن قطع تذاكر الزمن لإختراق الوقائع والعبث مع حيطان المدن القديمة ومع المزركشات من الأبسطة والقناني والتيجان المتوجة بالحسنى بعد أن ترتوي من الغيوم المتبقية عند رؤوس الجبال وترتوي من الأحلام المتدلية مع أغصان التين وترتوي من أطياف الشوارع والساحات ، وأنت تريد ، وبك رغبة لذلك تريد أن يبتسم الجميع بلحظة واحدة إبتسامة واحدة كي تكون هي الطريق نحو تبادل المحبة والسلام بين شعوب الأرض ،
[email protected]