23 ديسمبر، 2024 4:43 ص

من أجل العبور إلى بر الأمان… مصر تمد يد العون الى سورية

من أجل العبور إلى بر الأمان… مصر تمد يد العون الى سورية

تمتلك مصر من القوة والمكانة والدور التاريخي ما يمكنها من لعب دور رئيسي تجاه الأزمة السورية، كون العلاقات السورية المصرية ترتكز على أسس راسخة وقوية تعمقت أواصرها من خلال الاهتمام المشترك بين الجانبين لإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة. فالتساؤل الذي يتبادر في أذهاننا هنا هو: هل ستنجح الجولات والمباحثات المصرية في إيجاد حل قريب ينهي الأزمة في سورية ؟

 

لاشك أن الموقف المصري تجاه الأزمة السورية قد اختلف بشكل جذري ما بين عهد الرئيس السابق محمد مرسي والرئيس عبد الفتاح السيسي، فالرئيس مرسي قطع العلاقات الدبلوماسية مع سورية، بل ودعم بكافة الأشكال جميع التحركات التي من شأنها إسقاط الدولة السورية، بينما كانت أهم تصريحات الرئيس السيسي هي دعم الجيش العربي السوري ضد الجماعات الإسلامية المسلحة ضماناً لوحدة الأراضي السورية. بمعنى أخر إن سقوط سورية يعني انهيار المنظومة كلها بالشرق الأوسط من الكويت إلى العراق إلى السعودية إلى لبنان، وهذا ليس بمصلحة العرب وفق وجهة نظر السيسي، وهو المخطط الذي تتصدي له القاهرة باستمرار.

 

من هنا يأتي التحرك المصري الأخير تجاه الراغبين بالحل السياسي، كون المصلحة المصرية تقتضي حل المشكلة التي اصطنعت في سورية، لذلك تبنت مصر سياسة جديدة في التعامل مع الملف السوري، حيث أصدرت بياناً مع وزراء خارجية قبرص واليونان، طالبوا فيه بضرورة استقلال وسيادة سورية، وسحب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد، وقال البيان: “جددنا التزامنا بوحدة واستقلال وسيادة سورية وسلامة أراضيها، معربين عن دعمنا الحثيث لتسوية سياسية دائمة للأزمة السورية بالاتساق التام مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وأعدنا التشديد على الضرورة الملحة لانسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد”.

 

هذا البيان يحمل في طياته رسائل إلى من يهمه الأمر بأن علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين مصر وسورية قوية وخارج المساومات والصفقات، وأن الملف السوري مهم جداً بالنسبة لمصر، والقضية السورية حاسمة في مستقبل العالم العربي، وإنطلاقاً من ذلك رصد المراقبون العديد من المؤشرات التي تشير إلى دور بارز لمصر في التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية يجنب المنطقة من حرب إقليمية ممتدة، فالقاهرة تملك من الرصيد الاستراتيجي ما يؤهلها للقيام بمبادرة دبلوماسية خلاًقة لحل الأزمة السورية في ضوء المعطيات التالية:

 

– إن مصر هي دوماً الأقرب إلى سورية، والأقدر على فهم ما يجري فيها، إنطلاقاً من تجربتها التاريخية في النضال من أجل التحرر وحماية واستقلالية القرار السياسي والوطني فيها.

– الدور المصري في الأزمة السورية نابع من التزامها التاريخي بسلامة الأمن القومي العربي، فالأمن القومي المصري واستقراره يبدأ من سورية.

– إن مصر تتبع دائما سياسة مرنة في علاقاتها الدولية والإقليمية، تجسد ترجمة فعلية لمبادئها في السياسة الخارجية تتفق مع ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة.

 

وهنا أرى بأن هناك رؤية استراتيجية موجودة في كل الأوساط المصرية وعلى أعلى المستويات، مفادها أن مصر المؤثرة في الإقليم، هي مصر التي يمكن ان تسهم في عودة الاستقرار مرة اخرى الى منطقة الشرق الاوسط المضطربة كما ان هناك رؤية استراتيجية ثابتة وهي دعم سورية في كل الاوقات.

 

وإنطلاقاً من ذلك، فإن التطورات والمشهد المعروض يشير إلى أن الأيام القادمة ستشهد تبدلاً كبيراً على الساحة السورية، خاصة ان الطرح المصري لحل الملف السوري يدعمه التوافق الإيراني الروسي والدول الصديقة، لذلك لا بد للسوريين من إقتناص الفرصة المناسبة لإنقاذ سورية وإنهاء أزمتها الشائكة المستمرة منذ عام 2011.

 

وأختم مقالي بالقول: إن دمشق والقاهرة هما رأس الحربة في مواجهة الإرهاب والمؤامرات الغربية، اللتان تنطلقان من رؤية واحدة وهي ضرورة مواجهة أي أطماع إقليمية أو دولية، وخاصة بعد نجاح كل منهما في ضرب المخطط الغربي لتقسيمهما عبر خلق الأزمات والفوضى والفتن والإقتتال بين أبناء الشعب الواحد، ومن هذه النقطة يجب على الدول العربية العمل المشترك لدحر قوى الإرهاب وهزيمة التيار المتطرف ورد هجمته عن منطقتنا ومجتمعاتنا وأهلنا.