تناقلت مواقع التواصل الإجتماعي صورة غريبة لشخص أوربي يحمل رأسين مقطوعين عن جثتيهما على أفتراض أنهما (كافرين) , وطبقت عليهم الجهة التي ينتمي اليها هذا المقاتل العقوبة ( الإسلامية ) لأنهما وفي وقت آخر طلعت علينا صورة شاب أمريكي نفذ هو الآخر عملية (جهادية) وراح ضحيتها , هذا الشاب والذي أطلق على نفسه أبو هريرة الأمريكي ليس وحده يُمعن بالقتل والمثلة ,أنه واحد من مئات وربما الآلاف من الشباب الغربي الذي دار ظهر للحياة المرفهة وجاء للنضال وسط أجواء قاسية من حيث السكن والنوم والاغتسال وما الى ذلك . هؤلاء الشباب كانوا من العطف والرعاية للحيوان على درجة كبيرة , لأنهم جزء من منظومة الأحترام والتقدير للإنسان بغض النظر عن معتقده ودينه وطريقة تفكيره , شأنهم شأن التعامل القائم في أغلب الدول الاوربية , بل كل الدول التي نجحت في فصل الدين عن السياسة , بلا شك ان الآباء والأمهات والأصدقاء وكل معارفهم سيصابون بالصدمة والذهول للمستوى الذي وصلوا اليه وأستساغوه .
كيف أستطاع التنظيم الذي انخرطوا فيه أن يقلب تفكيرهم السليم إلى تفكير عدواني وجعلهم لا يتورعون عن القتل والنظر بوجوه ضحاياهم الذين زهقت أرواحهم بطريقة عبثية لدرجة التصوير مع إنسان قطع رأسه وهم يتباركون بالتصوير معه .
المتطوعون يتناقلون الرأسين بلذة ومتعة السؤال المطلوب جوابه : كيف تحولوا من أناس على مستوى من الوعي والادراك بحق الآخرين الى جزارين , بل سفاحين يتلذذون بالدم والقتل , ويرسلون صورهم إلى أهلهم وأصدقائهم ومحبيهم ,وربما إلى عشيقاتهم أو زوجاتهم !؟.
حتما وببساطة سيقولون هو الدين الاسلامي .ولكن هل في الدين الاسلامي او الديانات الآخرى هكذا فهم لكيفية التعامل مع الآخر سواء كان على تفكيرك أو على غير ذلك . مجتمع مكة والمدينة بل كل الجزيرة العربية شملتها نعمة الإسلام بالعيش والتألف والمودة , دعنا نسمع تعريف الإسلام من قبل جعفر إبن أبي طالب لنجاشي الحبشة عندما أراد المشركون منه أن ينبذ المهاجرين الأوائل , بأعتبار أنهم يُرّجون لدين عدواني . قال النجاشي لجعفر : ماذا يقول نبيكم عن دينه ؟ رد جعفر بثقة الرجل المطمئن من حقيقة ما يعتقد : – قال يقرأ علينا كتاب الله , ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر , ويأمرنا بحسن الجوار , وصلة الرحم , وبّر اليتيم , ويأمرنا بأن نعبد الله وحده لا شريك له .
هذا هو دين محمد . لقد وجد النصارى واليهود حريتهم عندما سادت دولة الإسلام , وهذا هو حال المسلمين عندما عبروا البحر ليأسسوا لدولة الاندلس . كيف لا والله يصف نبي الإسلام ( وأنك لعلى خلق عظيم )
أذاً كيف حول الدين المتاسلم اخلاق الناس ومباديء الدين الى هذه الدرجة من القسوة التي يأنف أشرس الحيوانات الولوغ فيها ؟
ماذا يقول أبو هريرة الذي ترك قريته وأهله وجاء الى حيث الرسول خادما في المسجد , لذلك تهيء له حفظ الكثير من الاحاديث , وماذا يقول عمار بن ياسر الذي غادر موطنه غفار بحثا عن الدين الجديد , وماذا يقول بلال مؤذن المسلمين وهو يغادر الحبشة وحلم الدين الجديد أماه , وسلمان الفارسي . ماذا يقول المهاجرون الأولون , والأنصار في المدينة وهم يستقبلون الدين الجديد ؟ هل أولائك جاؤا ليعلموا الناس كيفية القتل وكيفية التنكيل . !؟. لا , لقد جاء بهم دين يقول بصريح العبارة : لكم دينكم ولي دين . جاءت بهم قيم سماوية في غاية النبل , لهذا طهَّر الدين النفوس وزرع المحبة , وخلق الألفة والود .
ثم ماذا يقول أهل الغرب عنا ونحن ما زلنا نتغنى بالسماحة والمحبة ونقدم أنفسنا أصحاب حضارة وتاريخ مجيد . ربما القليل من الناس عربا او أجانبا يرون أن هذا ليس الدين بل هي حركات هدامة مغطاة باسم الدين , زرعتها دول لغايات واضحة هي مسخ الدين الحقيقي وتزيفه , وبقدر ما نجحت في ذلك ستحصد هي الأخرى عملها مضاعفاً .