23 ديسمبر، 2024 6:04 ص

خرجت حكومة الدكتور حيدر العبادي بورقة اجراءات كردة فعل لتظاهرات جماهيرية عارمة في عموم العراق وبعد ان توجهت تلك الجموع المحتجة على الفساد السياسي والاداري والمالي المستشري في جميع مفاصل الدولة العراقية لمقر المرجعية الدينية في النجف وهي تندد بتجاهل الحكومة والحكومات السابقة لصيحات واستغاثات المحرومين من العراقيين في ردع الفساد والمفسدين . وتعد تلك الاجراءات – حسب تعبير العديد من المهتمين- بمثابة مسكنات الالم التي لا تعالج اصل المشكلة ، وانما الغاية منها هو لتهدئة الغضب الجماهيري المنتفض بعفوية ومحاولة الالتفاف عليه واحتوائه .

فالذي يريد الاصلاح في العراق عليه ان يبدأ به في بيته وبالتدريج يدفع عنه شبهات الفساد ليعالج بعدها اسس النظام السياسي الفاشل ، سواءا كان البيت يمثل مؤسسة السياسي الحزبية او الحكومية ، لأن الاصلاحات ليست كما يفهما بعض من يدعي السياسة ، بأنها دمج للوزارات أو الغاء مناصب غير دستورية أو تشكيل لجان تبحث مجموعة اجراءات كاذبة .أن الاصلاحات الحقيقية في واقع العراق تتمثل في اتخاذ جملة من الاجراءات الحاسمة والجوهرية والجذرية لاصلاح اسس النظام السياسي المعوج وابعاد جميع الوجوه البائسة التي امتطت جياد المناصب الحكومية مستندة على المحاصصة الحزبية والطائفية السياسية والعرقية من المشهد السياسي في العراق والتي عاثت فسادا كبيرا في تدهور الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلد منذ عام 2003 ولحد الآن . من هذه الاجراءات ، كان الاجدر برئيس مجلس الوزراء أن يقوم بألغاء جميع الهيئات التي عملت بصورة غير مستقلة وانصاعت لتدخلات الحكومة وتأثيراتها واستبدال موظفيها بآخرين أكفاء من ذوي الخبرة والنزاهة والمستقلين أو المتضررين من تعسف الحكومة السابقة ظلما وعدوانا . ومن هذه المؤسسات تأتي بالمرتبة الاولى مفوضية الانتخابات لما لها من ثقل في طريق الاصلاحات المستقبلية والمعول عليها في تصحيح الانحرافات السابقة واجراء تعديلات قادمة تؤسس لمرحلة جديدة من الحياة السياسية الخالية من الفساد والمفسدين . وما الابقاء على نفس كادر تلك المفوضية وغيرها من مؤسسات مثل هيئة النزاهة وهيئة الاستثمار وغيرها من الهيئات الا دليلا على عدم جدية الطبقة السياسية والمتمثلة بالحكومة والبرلمان في ايجاد آلية للتغيير والاصلاح الحقيقي في مجمل مفاصل الحياة السياسية في العراق . أن الاصلاح الحقيقي يتطلب اجتثاث جميع عناصر الفساد في جميع مؤسسات الدولة والتي اسست لدمار العراق عبر اعتلاء مناصب اكبر من حجمها الطبيعي واضحى المنصب يباع ويشترى في عالم المساومات والصفقات المشبوهة ، والتي همشت العديد من كفاءات البلد وطاقاته العلمية وابعدتهم عن المساهمة في بناء البلد وعمدت الى تهجيرهم او أبقاءهم في بلاد المهجر . فلا حرمة لقضاء فاسد ورأس المؤسسة القضائية يخضع لرغبات واملاءات الحاكم الفاسد ، ولا تقديس لشخصية سياسية تعدت حدودها وتسببت في انهيار ماهو اقدس منها وهو استقلال العراق سياسيا واقتصاديا ، ولا كرامة لمن هدر كرامة المواطن العراقي في الداخل والخارج .

نقل لي احد الاخوة العاملين في مجال الترجمة التتابعية مع شركة سامسونك الكورية والتي قامت مؤخرا بانجاز مشروع بناء وحدات سكنية مجهزة لصالح شركة لوك اويل الروسية في جنوب العراق قصة النقاش الذي احتدم بين مدير الشركة الروسية وحسين الشهرستاني وهو كان شاهدا وبحضوره حول المقترح الذي تقدم به مدير الشركة الروسية بتزويد المناطق المجاورة لتلك الوحدات السكنية بالكهرباء ولمدة 24 ساعة باليوم من نفس المحطة التي تزود مجمع الشركة فواجهه حسين الشهرستاني بالرفض الشديد وبالحرف الواحد قال له ( لاتفتح علينا اي باب فالمناطق الاخرى ستطالبنا بالمثل ) أي بالتجهيز الكهربائي طوال ساعات اليوم !!! ولم يستسلم المدير الروسي بمواجهة لؤم الشهرستاني واخذ يحاول معه فرد عليه بأن الاحمال الكهربائية التي ستقطع من تجهيزات تلك المناطق التي ستجهزها محطة الشركة الروسية يمكنكم تزويد المناطق الاخرى بها . فما كان من حسين الشهرستاني الا الرفض القاطع وبشدة ليسد الباب على تجهيز اهل الاحياء النائية في البصرة بالكهرباء التي ليس له هو فضل فيها ، ولكن اللؤم والحقارة ابت ان تعمل الخير ووقفت حاجزا بين تجهيز الناس المحرومين من خيرات بلدهم وبين الانتفاع بالخدمة التي اسداها شخصا اجنبيا لثلة من الشعب العراقي المغلوب على امره . هذا اللؤم لاتجده عند حسين الشهرستاني وحده ، بل ستجده في داخل كل نفس مريضة من امثال الطبقة الحاقدة التي حكمت العراق بأسم المحاصصة الطائفية والتوافقية السياسية ولدى الكثيرين من عرب وكرد وسنة وشيعة وطارق الهاشمي ليس ببعيد عندما وقف متجبرا بعناده وخبثه ليمنع المنحة اليابانية من ان تجد طريقها للبصرة . هل سيجد العراقي في اي واحد من هؤلاء ، تجار الفساد والخراب والدمار ، شخصية معتدلة تريد الاصلاح حقا ؟! الجواب سيكون من ذات الطبقة حتما تبا للاصلاح اذا ما حاول نسف صروحنا ومناصبنا وامتيازاتنا الشخصية والحزبية .!!