إنه ليس خطأً فحسب , بل أنه خطأٌ ستراتيجي وتأريخي , وهو ايضا خطأٌ في الوطنية والسيادة , وله ثمنٌ باهض لا تعوّضه المليارات ولا كميات النفط مهما بلغت .لا بدَّ أنَّ الكثيرَ من القرّاء قد استنتجوا من العنوان ” اعلاه ” ماهيّة هذا الخطأ وأبعاده , واظنُّ أنّ هؤلاء السادة القرّاء قد اعربوا عن تأييدهم النفسي والعاطفي مع هذا العنوان ومنْ قبل قراءةِ التفاصيل .! , كما ارى أنّ هذا التأييد المفترض ليس وليد لحظاته , وإنما مؤدّاه يعود لسنواتٍ شهدت ممارساتٍ عرقيّة وعنصرية منْ قِبَلَ بعض القيادات الكردية , وليس هنالك من دواعٍ للأسترسال في ما غدا معروفا وملموسا من الجميع .
أمّا ما هو مُستنتَج و مُستَخرج في تشخيصِ هذا الطرح , فهو بلا ادنى شك أنّه لا ضماناتٍ لأنسحابِ قوات البيش مركه من ايةِ مناطقٍ قد تنتزعها او تحررها من الدواعش , كما أنّ هذا الأفتراض الواقعي لا يأتي من العدم , < فعلى الأقل > كان السيد مسعود البرزاني قد صرّحَ منذ نحو شهرٍ ونصف بأنَّ : < الحدود بين الدول وداخل الدول إنما تُرسم بالدم > !! فما هي الغاية من ذلك التصريح .؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات الذي تجري فيه الأستعدادات للبدء بعمليات التحرير .! البرزاني كان صريحاً في حديثه فهل كان يبتغي وضع الجميع أمام الأمر الواقع ! وبمعنىً آخر فهل اذا ما قامت وحدات البيشمركه بتحرير اية مناطقٍ من سيطرة داعش فأنها ستبقى فيها ولا تعيدها الى سيادة الدولة بذريعة بذلها دماء لأنتزاعها .!
ثمَّ , إنَّ حكومة اقليم كردستان تضمُّ في كابينتها وزارة خاصة تعني ” بشؤون المناطق التي يقطنوها الكرد خارج حدود الأقليم ” , وحيث أنّ مدينة الموصل تضمّ في تركيبتها السكانية نسبة ضئيلة من المواطنين الأكراد , فهل سيغدو ذلك مسوّغاً مفترضاً لفرض ” سيادة كردية جديدة ” على المناطق التي ستحررها البيشمركة من داعش .!!
إنَّ الجميع ” داخل العراق وفي الوطن العربي ” على دراية كاملة بأنَّ طموحات وآفاق السيد البرزاني لاحدود لها بالتوسّع خارج منطقة كردستان , وهذا ما كان ملموساً بشكلٍ عمليَ منذ بدء الأحتلال وسيطرة او احتلال البيشمركة لمدينة خانقين والمناطق والبلدات الأخرى , كما أنّ ” أهمّ ” ما يعزز الشكوك في ذلك هو إنقضاض قوات البيش مركة على مدينة كركوك في السويعات الأولى لدخول داعش الى الموصل والذي يرافقه ويتزامن معه الأنسحاب المفاجئ والغامض والمثير للريبةِ لوحدات الجيش العراقي من الموصل وكركوك < وكأنَّ الأمر كان مرتّباً مسبقاً .! > وبدا أنّ وجود ضباط اكراد يتولّون قيادة بعض وحدات الجيش العراقي في تلك المنطقة ” والذي تردّدَ انهم اصدروا اوامر الأنسحاب قد كان الدور الأكبر في احتلال كركوك , كما بدا جليّاً أنّ سيناريوهات تحركات واعادة انتشار الدواعش في تلك المنطقة في ذلك الحين , قد كان مخططا ومرسوما وفق ما حددته مخابراتٌ دولية هي التي تحرّك بوصلة داعش , وكانت وما برحت ال MI 6 – جهاز المخابرات البريطانية هي التي تلعب الدور الرئيسي ” وبصمت ” مع اجهزةٍ اخرى معروفة .
وبعيداً عن ايّ استرسالٍ لم تعد تفاصيله خافية , وبقدرِ تعلّق الأمر بالوضع الراهن , فينبغي عدم التعجّل في الشروع بالبدء في معركة تحرير نينوى قبل الحصول على ضماناتٍ مكتوبة وموثّقة وغير قابلة للمساومة من رئيس اقليم كردستان تضمن الأنسحاب الكامل لوحدات البيشمركة الى مواقعها بعد الأنتهاء من معركة التحرير , وفي هذا الصددِ ايضا فعلى رئيس الجمهورية السيد فؤاد معصوم أن يُظهِر ويمارس دوره كرئيسٍ لكلّ العراق ” في هذا الشأن ” < ولعلَّ الحكومة المركزية في بغداد لم تسائل رئيس الدولة عن صمته المُطبق تجاه انقضاض البيشمركه على كركوك واستيلائهم عليها ” آنذاك ” قد كان تحت الذريعة المسوّغة عن تهديدات داعش , لكنه في الحقيقة فأنّ صمت الحكومة ورئيس الجمهورية لم يكن مقبولاً وقد استفادا كلاهما من توالي زخم الأحداث > .
والى ذلك , فموضوعُ إشراكِ او عدمِ اشراكِ البيش مركة في المساهمة في تحرير الموصل هو موضوعٌ شائك ومحاط بأسلاكٍ منْ علامات الإبهام الشائكة , ولذلك ينبغي الشروع الفوري بتجنيدِ اكبرِ عددٍ ممكن من ابناء المحافظات القريبة من نينوى وإخضاعهم الى التدريب المكثّف لمختلف اصناف الأسلحة وذلك كتحسّبٍ مسبق لأية مضاعفاتٍ سياسيةٍ محتملة , وكذلك لمضاعفة الكثافة النارية لحسم المعركة بالأضافةِ الى تهيئتهم كأحتياطٍ ستراتيجي لمفاجآت الحرب المحتملة , وهذا الأمر يتطلّبُ من الكتل والأحزاب السياسية عدم إبداء ايّ اعتراضاتٍ على مسألة تجنيد المقاتلين الجدد , وعليهم تجاوز الحساسيات والشعور بالمسؤولية الوطنية …