7 أبريل، 2024 5:58 ص
Search
Close this search box.

منهج المرجعية الدينية .. الولي السيد الشهيد محمد الصدر .. انموذجا

Facebook
Twitter
LinkedIn

في ذكرى شهادة الولي الطاهر والمرجع الناطق بالحق السيد الشهيد محمد الصدر رضوان الله عليه ، كان لابد من ان نتطرق لجانب من منهجه المرجعي ايفاء له واحياء لامره.
ان نعماء الله على العباد لايمكن احصائها ، واهم نعمة انعمها الله الى عباده هي نعمة الاسلام والتصديق بالنبوه الحقه الخاتمة والايمان بولاية الاوصياء الامناء الائمة المعصومين سلام الله عليهم اجمعين ، ولاقتداء بالمراجع العظام .
بالعناية الالهية ولطفه الفياض انعم عليه بأن احضى بشرف التقليد لسيدي ومولاي السيد الشهيد الولي محمد الصدر اعلى الله مقامة الشريف منذ بزوغ شعاع تلك المرجعية التي قلبت وغيرت موازين المرجعية منذ صدورها الاول وليومنا هذا وستبقى مدوية وصرخة حق بوجه الطغيان.
ولست بصدد التعرض لتاريخ المرجعية والخوض بصادرها الاول ومن واجدها ، وانما مدار البحث حول (منهج المرجعية ) فاذا ارنا الخوض والبحث والتحليل لهذا المفهوم فيمكننا ان نحدد له مصاديق عده من مراجع تنطبق عليهم عائدية المفهوم مما قدموا للمذهب اذ يحتذى ويفتخر بهم عبر مر العصور وتقادم الاجيال …. واحد هذه النماذج ولي امر المسلمين السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره الشريف .
قبل الدخول في منهج الشهيد الصدر سأقدم مقدمة لتكون بابا للدخول في منهجه لانها ستكون حجيه ملازمة تفيد الاثبات في منهجه المرجعي وكما يعبرون النتائج مرهونه بمقدماتها .
رجوعا بالذاكره التي لايمكن نسيانها لاعوام خلت استحضرت اول تشرفي بلقائي مع السيد الشهيد محمد الصدر ، حين قصدت النجف الاشرف للبحث والتحقيق لتقليد مرجع اوكله شؤون اعمالي وافعالي في الحد المترتب عليه فيه ذلك ، وكان شهر رجب الخير قبل ثلاثين عاما ونيف ، تزامن دوخلي الحضرة العلوية الشريفة ومن معي من صحبه مع اذان المغرب ، وعند باب الدخول الى حرم امير المؤمنين ع قاصدا الزيارة والسلام على سيدي وامامي امير المؤمنين ع واذا اتطلع على يميني ارى سيدا جالسا متأهبا لاقامة صلاة المغرب جماعة وخلفه نفرين فقط .
نظرت له مباشرة ونظر لي ، فشدني له نور وجهه وهيبته ورهبانيته ، فلم افكر مطلقا بما قد سمعته عنه وما يقال بحقه من اقاويل وكلام ، واذا بي ومعي اخي الكبير كل منا يقول نصلي خلفه في وقت واحد ، فكانت اول صلاة لنا خلف السيد الشهيد محمد الصدر اعلى الله مقامة الشريف .
وبعد انتهاء الفريضه طلبنا من السيد ان نجلس معه للبحث والتحاور فرحب كثيرا بنا ودعانا للبراني القريب من الحضره . استمر الحوار وتبادل الحديث معه لاكثر من ثلاث ساعات ولم يدخل علينا احد رغم ان البرناني كان مفتوح لاستقبال الناس عامه ، ولست في معرض الخوض عن تفاصيل الحوار كاملا ولكن ما انا بصدد تبيانه وبيانه امرا واحد فقط يبين مكانة هذا المرجع الكبير بفكره واخلاصة وتطلعاته ونيته الصادقه قولا وفعلا .
توجه له اخي الكبير بسؤال مفاده .. سيدنا ماهي منهجية مرجعيتك ؟
اجاب السيد رضوان الله تعالى عليه دون تفكير او اخذ بعض للوقت وكان الجواب لنا اشبه بالصاعقة بل انه كذلك حيث لم نستطع ان نتحمل وقع الجواب .
قال السيد الشهيد سؤال جيد يدل على عمق فهم السائل ودرايته وفطنته . حبيبي هما مطلبين اساسيين سوف اعمل عليهما من اجل تحقيقهما بعون الله تعالى وهما .
المطلب الاول :- قول الحق مهما كلف الثمن .
المطلب الثاني :- كسر قداسة المرجعية .
اصابنا ذهولا من الجواب وتحديدا المطلب الثاني وطالبنا السيد ان يوضح لنا ذلك وبدأ السيد الشهيد يبين ويوضح ويعطي امثله استدلالية لبيان المصاديق على اطلاق المفهومين لحركته المرجعية . وحينما انتهى السيد الولي عقدنا النية لتقليده واشهدنا بذلك مولانا امير المؤمنين ع على صدق نية عملنا بالتقليد والاخلاص والولاء للسيد الشهيد محمد الصدر ما حيينا .
هذه المقدمة اجدها ضرورية لما لها من اشارات قد تكون بالضمن استند عليها للخوض في تحليل الابعاد الممنهجة وتفسيرها وتوضيحها بمنهج المرجعية لدى السيد الشهيد محمد الصدر .
المطلب الاول :- قول الحق مهما كلف الثمن . ماهو المقصود منه ! وهل هنالك زيف ليكون قباله حق ! وما هو الحق الذي يسعى له السيد الصدر لكشفه ؟ وهل كان يعرف الثمن الذي سوف يكلفه بيان ذلك الحق ؟ ام انه اشبه بشعار رفعه لكسب عواطف من يقابله ؟ وهل توصل لمراده في تحقيق مطلبه ؟ وهل وحده كان يعرف هذه الحقائق ام انها معروفه عند غيره ؟ وهل ما قام به يحسب له ام عليه .
كل هذه الاستفسارات والاسئلة يمكن الاجابة عليها من خلال عده اراء ، ولكن قبل الخوض في الاراء ينبغي تقديم مقدمه يمكن ان تكون ملازمة لكل رأي مما سيذكر .
المقدمة :- ركز السيد الشهيد على مفردة الحق . ما تعني هذه المفردة ! ماهو مدلولها ! وما مصداقها ! وكم منها ظاهرا او مغيبا في عصره .
فأذا ارنا ان نعطي تعريف للحق ليكون مدخلا وبابا يفتح لنا معارف اخرى لابد من بيان ذلك لغويا واصطلاحا ، ذهب اهل اللغة الى تعريف الحق بأنه هو الثابت الذي لايمكن انكاره ، واصطلاحا عند اهل المعاني هو الحكم المطابق للواقع .
استنادا لما تقدم يمكن الاستدلال بما ورد في القرأن الكريم من ايات ناخذ منها شاهدا واحدا والاحاديث المعتبره في نفس المضمون لتحقيق المطلب كثيره جدا يكفي الاشاره لها للبيان والاستدلال والاستناد على الدليل الواحد يفي بالغرض لما للواحد من تعددات كثيره اتركها لكل لبيب هو يضع استدلالات اخرى ومصاديق مغايره ، ولايخل ذلك بالنقص فيمكن حملة محل الاستمرار ليكون استدلال كاملا .
قال الباري عزوجل في سورة الزخرف الاية 78 (لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) وقال رسول الله صل الله عليه واله الطاهرين ( علي مع الحق والحق مع علي )
لو تمعنا جيدا في منطوق كل من الاية والحديث فيما يتعلق بلفظة الحق ووضعناهما على ميزان التعريف لغه واصطلاحا نجد ان اوضح معنى يصدق لهما هو الحق المطلق المتمثل بالصادر الاول جل علاه الله سبحانه وتعالى .
ودليل ذلك الاية تصرح لقد جئناكم بالحق ، اي من الحق المطلق الخالق لاظهاره على ما انتم عابدون من باطل …. وقول رسول الله ص واله الطاهرين في الحديث في شأن الامام علي ع ، فأن مدار البحث ليس عليا في مطلب الحديث لاظهاره ! لان عليا ع موجود وظاهر واقعا امامهم يرونه ويشاهدونه ويخالطونه ، بل الاشاره للوجود الكامل المتمثل بحق الله جل جلاله ، فمن غير الصحيح اسقاط موازين العباد على المعبود ، فمقتضى الحديث يكون علي ع بما تعرفون عنه من وجود حق فأن الله موجود . وعليا ع مع الله ويدور في فلكه ، وبما ان عليا ع مع الله فمن الثابت يكون الله مع علي ع ، مصداقا لقوله تعالى (إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم ) .
هذه المقدمه اجدها مهمه تخدم الاراء التي تبين المطلب الاول للسيد الشهيد محمد الصدر اعلى الله مقامه ويمكنني ان استنتج من التحليل وابداء الرأي بان اعطي الاراء في التحليل التي ارها قريبة لفهم مطلب الاول لما تربينا على منهاجه القويم .
الرأي الاول :- نشأ السيد الشهيد الصدر منذ بداية حياته فهو وليد تلك الاسرة الجليلة التي يتفجر العلم منها فضلا لما لها من الورع والاخلاص ناهيك عن الادوار الاجتماعية والسياسية التي تمثل توجه اسره ال الصدر الكرام ويمكن تسمية هذا الراي بتاريخية الحراك اي الاعتماد على التاريخية لاستلهام خطى الحاضر لتحقيق مستقبلا يشار له .
فالنشأ الاولى لحياته ومسيرته العلمية والجهادية كانت لها الاثر في ان يكون له فاعلا مرتكزا في تحديد مساراته العلمية والاجتماعية السياسية ، لما شاهده وعاصره من الاحداث الى وقعت على اسرته من استهداف واستمكان وقله ناصر مضافا الى ذلك عدم الثبات على المواقف ممن كان يحسن الظن بهم .
فعمل على نمذجة المفهومين معا ، واقصد هنا الجانب العلمي العملي والاجتماعي السياسي ، لتكون تحركاته واقوله متلازمين لا ينفصلان عن بعضهم البعض ، وهذا ما يسمى التوئمه بين حراكه الديني وميدانية العمل الاجتماعي ، من خلال كشف ما كان مستورا بين اروقه الفضاء الحوزوي واخراجة للعلن على الجماهير كافة وجعل المعيار في القبول او الرفض هو الشعب وهذا ما جعل منه ان يكون ظاهرة لم تشهدها الحوزه العلمية من قبل ، ويمكن القول انه اسس مشروعا جديدا من داخل الحوزة العلمية المعروفه لدى الجميع بالكلاسيكية ، الى ظهور حوزة اخرى اطلق عليها اسم ( الحوزة الناطقة بالحق ) .
وبهذا استطاع الشهيد الصدر ان يترجم مطلبه الاول قولا ليكون فعلا مستندا على ذلك بتوكله المطلق على الحق المطلق في قول الحق . وهذه كانت غايته المنشوده في الاصرار والثبات في تحديد النهج وثبات المسار لما له من دراية مسبقه في حقانية اثبات المطلب واظهاره.
الرأي الثاني :- الاعتماد والتوكل على الحق في تحقيق الحق لاثبات المطلب ، اي سلوك طريق الله والعرفان الالهي والغوص في الملكوت وهيامه بمعشوقه وتغزله به واخذ يصدح ناطقا معرفا بهذا العشق الالهي ، فصار كل فعل او عمل يقوم به يربطه بالله جل جلاله الغاية هي القربى ، وهذا ما لمس منه واعطي مثالا على ذلك من خلال حديثا له شخصيا سمعته منه مباشره دون واسطة ، رضوان الله عليه مانصه ( حبيبي اذا ارت ان تشرب الماء لاتشربة بنيه العطش ، بل اشربه بنية القربه لله تعالى ليكون العمل خاصا له وبهذا انت ارتويت وكسبت رضا الله عليك )
هذا الاعتقاد يزيد بصاحبه صلابة وقوه قلب لايمكن ان يدخله او يساورة الشك او الوهن او الضعف وهذا الثبات في العقيده والاخلاص بالنية جعل التوفيق الالهي مصاحبا له بان الحق المطلق بجانبة في مسيرته المرجعية . ولهذه الملازمة بين الاخلاص بالمطلب وتجسيده فعلا وقولا تحقق مطلب ما اراده .
الراي الثالث :- في ما تقدم في المطلب الاول يمكن القول عنه انه يرتقي ليكون معادلة ، والمعادله لابد من توفر حدين لها ، ويمكننا القول ان الحد الاول لها الحق , والحد الثاني الثمن . وحسب علم الرياضيات لكل معادله هنالك نتيجة ، فما النتيجة التي حصل عليها السيد الشهيد الصدر من هذه المعادلة ؟
وبما اننا قلنا ان الحق هنا هو الله فأن السيد الشهيد سلك طريق الله ، اما الثمن ، قدم نفسه و اولاده في طريق الله فكان هذا ثمن الحد الثاني ، اذا بعد بيان واقع الحدين ما هي النتيجة المستوحاة من المعادلة التي حصل عليها السيد الشهيد رضوان الله تعالى عليه ؟ النتيجة هو اصبح مصداقا
لقوله تعالى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ﴾ التوبة 111 .
وعليه يمكن القول ان اشارات السيد كانت واضحة مهما كلف الثمن فالمحصلة النهائية تكون نتيجة المصداق ما ورد في الاية الكريمة البشرى ببيعكم لان البائع كان محمد الصدر والمشتري هو الله الحق المطلق جل جلالة .
ليكون الثمن المقبوض نتيجة البيع هو الفوز العظيم في الدنيا بعد ان كان يصلي خلفه شخصين او ثلاثة اصبحت الملاين تتسارع لحجز مكان للصلاة قبل ساعات من موعدها .
فكل ذلك الكلام والتشكيك والتهم والبهتان والافتراءات والمؤمرات والتسقيط والحرب الشعواء العلنية والمخفيه وشتى اساليب القهر والعهر مارست ضده من اجل النيل منه ما زاده الا ايمانا في اكمال مسيرته لاظهار الحق .
فرفع الله شأنه وقدره في الفضاء الواسع الرحب حيث لم يبقى احد الا واشار له وادان له بالفضل حتى من مناوئيه ، وكل ذلك الكلام واللغط والتهم والبهتان وغيرها ذهبت مهب الريح وانتصر الحق كما وعد الحق المطلق بقوله تعالى في سوره الرعد الايه 17 (كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ) فطهر الله ثوبه وجعل صفحته ناصعة البياض كما هو كفنه يغبطه الكل حتى من اساء له ، و رغم ذلك يعلن السيد الشهيد من على منبر الجمعة في الكوفة انه يبرأ الذمه لكل شخص اساء له ، فهذا الخلق المحمدي الصدري ما هو الا خلق جده الرسول المصطفى صل الله عليه واله الطاهرين ، فزاده الله شرفا فوق شرف ، واكساه الله ثوب الوقار والهيبة حاله حال اجداده الائمة المعصومين سلام الله عليهم اجمعين ، وفي الاخره جنات عرضها السماوات الارض يرفل بالنعيم مع جده المختار محمد الرسول الامين ص واله الطاهرين .
المطلب الثاني :- كسر قداسة المرجعية ، لماذا قال السيد كسر ولم يقل هدم او تحطيم ! وما هو الفرق بين القداسة والقدسية ؟ وعن اي مرجعية يقصد ؟ وهل هذا المطلب يخص مرجعا معينا ام انه يطلب بالقصد النهج المتبع ؟
يمكن بيان هذه الاستفسارات والاسئلة من خلال اطروحتين وكلاهما ترتقي لتحقيق هدف المطلب الثاني . وقبل الولوج في ما سنذكره لابد من تقديم مقدمه في ما يخص لفظ (كسر ) .
كان السيد الشهيد دقيقا في اختياره للمفرده حيث استعمل ( كسر) هو تصدع و انفصال جزء من شيء ، وهي الادق معنى حيث يشير هذا اللفظ الى حقيقة المراد كسره وهو قداسة المرجعية ، وهل قداسه المرجعيه شيء مادي قابل للكسر ؟ حيث ان الكسر يصدق اطلاقه على الشيء المادي وتحديدا كل شيء فيه صفه اليابس والقساوه ، واما الحطام هي بقايا ما يتم تكسره ، واما الهدم هو ما يصدق عليه في ما موجود من بناء ، واعتقد انه استعمل اللفظ الدقيق في محله حيث لم يكن يوجد بناء في وقته كي يهدمه ولهذا استخدم الفعل ( كسر ) ولست بصدد التوضيح والخوض فيهما اكثر لما للتركيز على مفرده كسر .
فمن خلال استعمال اصل الفعل ( كسر ) يمكن القول اي ان السيد الشهيد اراد وطلب كسر ذلك الجمود في القداسة التي تلبست على المرجعية وافرغتها من مفهومها الحقيقي ودورها الريادي في قيادة الامة والجماهير كما اراد الله بقوله في سوره البقره في ما يتعلق بالخلافة البشرية للارض وبين ما هو الدور الحقيقي المراد من الخليفة ان يقيمه في الارض . ( إني جاعل في الأرض خليفة ) .

 

الاطروحة الاولى :-
نتيجة لعوامل داخلية وخارجية وتاثيرات وانعراجات من صراع داخلي بين بيوتات معينه لست في صدد الخوض فيها ، تحولت المرجعية شأنها شأن اي مهنة على سبيل المثال ابن الطبيب لابد من ان يكون طبيبا ، وابن الفلاح فلاحا وابن النجار نجارا وهكذا . وهذا الاعتقاد كان سائدا في الحوزة العلمية واروقتها ابن المرجع يكون مرجعا . وهذه المهنة محصورة فقط على بعض العوائل المشتغله فيها ، ولا ينبغي لاي احد ان يدخل ضمن هذا الاطار مالم يكن من بيوتات مرجعية معروفة وفي النجف الاشرف تحديدا .
هذا الاعتقاد كان موجودا وسائدا في الوسط المرجعي وقد عاش تلك الفترة السيد محمد الصدر وعانى من هذا الامر، وهو ما دعى لان يكون مطلبه الثاني لاجل تحقيق منهجية مرجعيته ( كسر قداسة المرجعية ) بانه كان يريد كسر هذا الحكر والاحتكار على فئه معينه من الناس ، وتكسير هذا الطوق الذي اسر المرجعية وحولها لمهنه لايمكن ان يمارسها الا من هو سليل لعائله اشتغلت في هذه المهنة ناهييك عن تقواه وورعه.
وفعلا نرى ان السيد الشهيد الصدر هو من اضفى القدسية على المرجعية وليست المرجعية من اعطته القداسة بلحاظ ان الانسان اكثر قدسية من الكعبة المشرفة . عمل على هذا المطلب وفتح ابواب الحوزة العلمية على مصراعيها وفتح المدارس وازدهرت الحلقات الدراسية واصبح ابن العامل والنجار والفلاح والتاجر المرجع من العراقيين وغير العراقيين كلمهم يعاملون معاملة واحده دون تفريق او تمييز . وهذا ما ميز منهج مرجعيته الحقه ، على الرغم من وجود بعض المتقولين الذين يصفونها بأنها مرجعية المعدان ، في اشاره الى ان السيد كسر قداسة المرجعية وصار يدخل الى الحوزة العلمية كل من هب ودب حسب مبانيهم الكلامية وانهم هم الصفوه من الحضر فكيف يتساوون مع العامه من الناس ، فكان هذا الفعل من قبل السيد الشهيد الصدر حقق فيه مطلبه الثاني من كسر قداسة المرجعية وجعلها عامة ولا قدسية الا للمقدس وهو الانسان بما هو انسان مؤمن ورع تقي ، وبهذا تحقق الهدف المنشود من منهجه المرجعي .
الاطروحة الثانية :-
انطلاقا من الايه الكريمة 11 في سوره الرعد( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) عمل واشتغل السيد الشهيد الصدر على نفسه اولا لتحقيق مطلبه وطبق مطلب الايه الكريمه وجعلها منهج على نفسه بأن عمل على كسر قداسه مرجعيته بعينه ونفسه اي لم يرى القداسه عليه ولم تغريه مغريات الحياة المزينه البرقاقه ، ولم تاثرعلى سلوكه ومنهجة صيحات وهتافات ملاين الناس من مقلديه والمصلين خلفه فلم يدخل العجب والغرور قبله ولم يساور الشك نفسه ، فكان صلبا قويا ذو باس شديد وصعب المراس اعترك الميدان نازلا فيه متحصن بيقينه بالله معتمد على قوه ايمانه لم يتزعزع طرفه عين ابدا في كل موقف اتخذه ولم يجامل في قول الحق وعمل على رفض سلوك كثيره وممارسات عديده من قبل العوام من التقديس والتقبيل للايدي .
كان ديدن حراكه المرجعي العمل على نفسه اولا لم يجعل من شخصه ندا لاحد ، فنلاحظ انه ادخل العلوم الحديثة في الدراسات الحوزوية واسس اول جامعة تهتم بالعلوم الحديثة مثل الرياضيات والفيزياء والكمياء والسمياء وحتى اللغة الانكليزية واشترط على الطلاب الداخلين ضمن الجامعة ان يكون حاصل على شهاده جامعية للدخول في هذه الدراسة الحوزوية ، فضلا الى منهجية حركته الميدانية من خلال التواصل مع العشائر والمحاكم الشرعية واقامة الفروض المعطله كل هذه الامور جعلت منه مرجعا مغايرا عما كان معروفا ضمن الوسط المرجعي ، اعتقد ان السيد الشهيد نحج نجاح باهر في تحقيق هدف المطلب والغاية الحقيقية منه بأن جعل القدسية على المرجعية قولا وفعلا للنهج والمنهج ، ولا قدسية وتعظيم لشخص المرجع .
فبعد ان حدد السيد الشهيد المشكلة الموجوده في عمل المرجع وما تاثيراتها على المسمى المرجعي ، عمل على اعطاء صوره مخالفة لما كانت عليه وان دور المرجع والمرجعية ليس متوقفا على الحقوق الشرعية والاستخارة والدرس ، بل ان للمرجعية عليها واجبات والتزامات امام الله اولا وامام الناس ثانيا فهذا هو دور الخليفه في الارض ، فهذه الرؤية التي شخصها السيد الشهيد وعمل على اظهاروجودها وبيان نصاعتها .
فكان لابد من السيد الشهيد ان يحدد مطلبة للمضي قدما من خلال وسائلة المتاحة التي بين يديه او ينتهج منهاجا يمكنه من المبادره لصنع الفرص وليس انتظار الفرص وهذا ما كان يميزه بانه هو من يعمل على صناعة الفرص لا انتظارها .
فنرى ان مدار منهاج السيد الشهيد وعمله على هذا المطلب هو بعدم استهداف اي من المراجع او المرجعيات التي كانت موجوده بل اشتغل على نفسه اي انه ترجم واقع المطلب عليه شخصيا ، بأنه كسر جميع تلك الحواجز بينه وبين الناس والطلاب والمراجع وهذا واضح في سيرة عمله ولم يصغي لما يقال ولما يتقول ضده اشتغل على نفسة طالبا رضا الله اولا واخيرا ، وأن يكون فارسا يجول في الميادين وليس حبيس داره وبرانيه . من خلال زياره بعض بيوت وكلائه في المحافظات والجلوس مع عوام الناس والاختلاط معهم والسماع منهم ، وكذلك حلقة درسة التي لم تنقطع الا باستشهاده رضوان الله عليه واقامته للفرائض المعطله وتحديدا اقامته لصلاة الجمعة ليكون المرجع الوحيد الذي لبس الكفن في حياته وقام بين الناس خطيبا يجهر بالقول الحق جهارا نهارا لم تأخذه في الله لومه لائم حيث اعاد الروح ليس للمرجعية بال للدين الاسلامي الذي اصابه التعطيل فكانت صلاة الجمعة في العراق من اقصاه الى اقصاه كرنفالا للثورة بوجة الطغاة والفاسدين والظالمين ليرفع فيها لواء عزة الاسلام المحمدي العلوي والفخر بالمرجعية الناطقة بالحق الكاسره للجمود ، ولما تم ذكره وما لم يذكر من الاحداث والمواقف للسيد الشهيد الصدر جعلت منه مرجعا مغايرا عما كان مالوف ضمن الوسط المرجعي وترجم مطلبه قولا وفعلا واستطاع كسر قداسة المرجعية بعينه لتكون القدسية للعباد بعبوديتهم الحره لله تعالى ، والمرجع قائدا لهم يكون اول المستشهدين طالبا رضى الله سبحانه .
لذا نرى ان القدسية للسيد الشهيد محمد الصدر موجوده ومتاصله كونها جاءت له من القدوس الحق المطلق جل جلاله هو من اضفى عليه هذه الشرعية كونه رفض القداسه الدنيويه المزيفه ببريقها الافل التي تغدر وتفتك بمن يسعى خلفها .
وما هذا الحب والولاء من قبل عامه الناس اجمع حتى من مناوئيه ومخالفي يضفون عليه شرعية القداسة والقدسية لان الله اراد ذلك فهو ناصرا من ينصره وان الله من اضفى عليه هذه الكرامة بالقدسية .
فمن خلال ما تقدم من بيان وتبين ينبغي على كل من يريد التصدي للمرجعية ان يتخذ من منهج السيد الشهيد الصدر مسار وعنوانا كي يكون لائق للمرجعية وتكون المرجعية متشرفه به لا متشرف هو بها من اجل دنيا زائله .
وهنا لابد من الاشاره الى ماذهب اليه ولده البار الاخ السيد مقتدى الصدر بان جعل من منهج مرجعية السيد الشهيد محمد الصدر الميزان والمعيار الحقيقي الذي يقاس عليه المرجع من اجل ديمومه النهج وتاصيل الحراك العلمي نحو التمهيد لايجاد مجتمع يكون قادرا تقادميا على ادراك مطالب القيادة الحقه للامام المهدي المنتظر عج فرجه الشريف من اجل فهم اطروحة العدل الالهي لنشر واظهار الحق والعدل وهذا هو الدور الحقيقي و الغاية المنشوده من الخليفة في الارض التي ارادها الله سبحانه وتعالى .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب