في اللهجة العامية المصرية يطلقون عليه منهج ( إدّيلو ) أي إدّيلو اذنك الطرشة , والحقيقة إنّ منهج التطنيش مفيد وضروري إذا كان الهدف منه العفو عن مسيئ أو عدم الرد على كلمات نابية أو نسيان ماض أليم أو حظ عاثر , لكن عندما يكون التطنيش منهجا لسياسة عامة تتعلق بإدارة الدولة ومصالح شعبها , فتلك مسألة ينبغي التوقف عندها والبحث في أسبابها ومسبباتها .
والمتابع لإدارة دولة رئيس الوزراء منذ اعتلائه رئاسة الوزارة وحتى هذه اللحظة سيجد دولته خير من طبّق هذا المنهج , فدولته قد أدار ظهره وطنّش لمعظم القضايا الهامة التي تتعلق بهيكلية بناء الدولة ومؤسساتها الديمقراطية , فها هو الدستور الذي تمّ الاتفاق على تعديله قبل التصويت عليه لم يعدّل حتى الآن ولن يعدّل , والقوانين الهامة التي تنظم عمل هذا الدستور هي الأخرى لم تشرّع حتى الآن , كقانون النفط والغاز وقانون المحكمة الاتحادية وقانون الأحزاب السياسية وغيرها من القوانين الهامة .
وحتى أكون منصفا وواقعيا فدولته لا يتحمل لوحده مسؤولية هذه الاخفاقات والتطنيش عليها , بل يشاطره في هذا التطنيش كل الأحزاب والقوى السياسية التي تساهم بالحكومة والبرلمان , لكنّ التطنيش الذي ينفرد به دولة الرئيس هو التطنيش المتعلق بإدارة الملف الأمني وملف الخدمات وملف الفساد المالي والإداري الذي ينخر مؤسسات الدولة ووزاراتها , فدولة رئيس الوزراء قد قطع عهدا على نفسه ألا يستمع للاصوات المخلصة والشريفة , وكأنّ لسان حاله يقول موتوا بغيضكم واصرخوا بأعلى اصواتكم فلن التفت إليكم ولن استمع لما تقولونه ولن أغير أحد من طاقمي الذي أعتمد عليه في رسم وتنفيذ السياسات العامة للدولة .
وليس خاف على أحد قدرة دولة رئيس الوزراء على تطنيش أي قضية مهما كانت خطيرة وتمييعها أمام الرأي العام , وذلك من خلال تشكيل اللجان التحقيقية للنظر في هذه القضايا , فلم يطلع الشعب العراقي يوما على نتيجة أي من التحقيقات التي تقوم بها هذه اللجان , وعلى سبيل المثال وليس الحصر اللجنة التحقيقية التي أمر بها دولته لكشف ملابسات أجهزة كشف المتفجرات المزيّفة والتي شغلت الرأي العام العراقي ولا زالت تفاعلاتها جارية حتى هذه اللحظة , فقد تمّ اسدال الستار على هذه القضية الخطيرة التي أودت بحياة الآلاف من أبناء الشعب الأبرياء .
واليوم يتعرض أبناء القومية الشبكية في الموصل إلى هجمة إرهابية شرسة تستهدف وجودهم , وحكومة دولة رئيس الوزراء تقف متفرجة على ما يتعرض له الشبك في العراق , وكأن الأمر في دولة أخرى غير الدولة العراقية , ولا أدري إن كانت هذه القضية الهامة والخطيرة ستدخل في منهج رئيس الوزراء القائم على التطنيش واللامبالاة , أم أنّ نداءات الأخوة الشبك واستغاثاتهم ستجد إذنا غير الإذن الطرشة لدولة رئيس الوزراء التي اعتدنا عليها .