23 نوفمبر، 2024 10:28 ص
Search
Close this search box.

منفى للمجرمين ، صار دولة أسمها (أمريكا)

منفى للمجرمين ، صار دولة أسمها (أمريكا)

قبل أكثر من أربعمائة عام ، أكتشف (كولومبس) ، قارة أمريكا ، وقد أعتقد أنه ضل الطريق ، وأن اليابسة التي وصل اليها هي الهند ، وقد أطلق عليهم خطأ تسمية (الهنود) ، التي لا تزال قائمة ليومنا هذا .
بعد ذلك توالت موجات الأستعمار الأسباني خصوصا على قارة أمريكا الجنوبية ، ويحدّثنا التاريخ عن مجازر لا يمكن تصورها ضد السكان الأصليين ، ونقلوا اليهم الأمراض العديدة التي لم تكن معروفة بين السكان ، وقاموا بنشر تعاليم الديانة المسيحية بالقوة ، ومسحوا معالمهم وهويتهم الأصلية ، ومنها اللغة ، ولهذا فمعظم سكان أمريكا الجنوبية ، يتحدّثون الأسبانية ، ولم يكن حال أمريكا الشمالية أفضل حالا ، بعد أن استعمرتها بريطانيا ، ومارست ضد سكانها حرب ابادة .
وحدث التنافس الغير شريف ، بين أكبر دولتين استعماريتين بحريتين ﺁنذاك ،بريطانيا وأسبانيا ، لأجل بسط النفوذ على تلك القارتين ، وقد وصف المؤرخون سكان هاتين القارتين بكل سلبية ، بدائيون ، برابرة ، دمويون ، عنيفون ، وحوش .. الخ ، بينما نعلم أن حضارة (الانكا) و(المايا) ، من أعظم الحضارات على وجه الأرض ، ولا تزال تدهشنا بأنجازاتها ، هكذا جعلت بريطانيا أمريكا الشمالية حديقة خلفية لنفاياتها ، من المجرمين الذين لا يُرجى أصلاحهم ، فجعلتها منفى لهم .
ومرت مئات السنوات ، كان قانون الغاب هو السائد ، في البداية تحولت الى (كانتونات) وتجمعات استيطانية ، كان الأقتتال والعنف والسلب هو العرف السائد  ، وما أفلام الغرب الأمريكي (الكاوبوي) ، الا حقيقة تعكس العنف ، واستسهال القتل ، وضياع الأمن ، ومنطق الغاب والقوة الغاشمة .
لقد هاجر اليها الكثير من الباحثين عن فرصة جديدة للحياة ، وقد اصطدموا بنمط الحياة العنيف السائد هناك ، وأضطروا الى تبني نفس النمط  والا سحقتهم طريقة العيش هناك ، فاذا لم تكن ذئبا ، أكلتكَ الذئاب .
هكذا تأسست (أمريكا) ، بعد حرب الأستقلال عن (بريطانيا) ، وبقيتْ (جينات) الأجرام لدى أسلافهم لحد يومنا هذا ، بكل ما فيها من بلطجة وعجرفة وأستصغار واستعلاء وعربدة ، نجدها تتبنى مبدأ القوة قبل الحوار ، يستخدمون مطرقة كبيرة ، لدقّ مسمار صغير ، يدمرون المكان بهراوة كبيرة ، بحجة القضاء على فأر.
لا أحد يذكر الدمار والابادة التي سببتها القنبلة الذرية التي ألقتها أمريكا على اليابان عام 1945 ، بينما أقامت محارق النازية (الهولوكوست) الدنيا ولم تقعد ولا تزال تملأ الارجاء ، لم يذكر أحد (العامل البرتقالي) الكيمياوي الذي ذرّته أمريكا على أراضي (فييتنام) ، فصارت عقيمة  ولا تزال جدباء حتى يومنا هذا ، لا أحد يذكر ، أن أمريكا مسؤولة مباشرة عن زرع ابشع الدكتاتوريات في العالم ، ابتداءً من (بينوشيه) في (تشيلي) ، و(ماركوس) في (الفلبين) ، مرورا بـ(بوكوسا) في (نيكاراغوا) ، و(موبوتو) في (زائير) ، انتهاءً بشاه (أيران) ، أما العالم العربي ، فحدّث ولا حرج .
كيف ننسى ما فعلته (أمريكا) في بلادنا عام 1991 ، لقد دمروا البلد تدميرا تاما ، بحجة القضاء على النظام ، وعندما تزعزع النظام ، أوقفوا الحرب ، وفرضوا حصارا مجرما على بلادنا ، ومناطق حظر الطيران ،ذلك الحصار الذي يرقى الى جرائم الأبادة ، وهم يعلمون ، أن بحصارهم هذا ، سيضعفون الشعب ، ويقوون النظام ، هكذا أطلقوا الضوء الأخضر للنظام ، فأستعاد قوته ، وأطلق يده في البطش والتنكيل .
الجميع يعلم ، أن (الأرهاب) ، صنيعة أمريكية مباشرة وبأمتياز ، بحجة محاربة النفوذ السوفييتي في (أفغانستان) ، والارهاب هو عدو في العلن ، ولكنه (بزنس) مزدهر في السر ، هو البديل عن الحرب الباردة التي انتهت ، وكسدت معها تجارة السلاح والتصنيع الحربي  ، الأرهاب لا تعريف له ، فهو مطاط فضفاض ، أطلق يد (أمريكا) ، لتستعيد تجارة السلاح ، وتعيث في العالم فساداً وعربدة ، دون حسيب أو رقيب .
ما أتت أمريكا على بلد ، الا جعلته كالرميم ، بلدي مثلا ، أجتاحته أمريكا ، وأتت بطراز عجيب غريب من سياسيي (الصدفة) القصيري النظر ، غرباء متعددو الجنسيات ، هم أقرب للصوصية والعمالة منها الى السياسة ، ومنذ تشكيلها لمجلس الحكم ولحد الان ، يسير البلد من سيء الى أسوأ ، فالجميع يعلم ، أن اللاعب الأساسي في مـآسينا هي أمريكا ، والذي يتشدق بهراء السيادة الوطنية يستحق أن نلقمه بحجر ، ويبدو أن الوضع المزري والمأساوي الذي نعيشه  قد (رضت) به أمريكا ، بل تحرص على أبقاءه ، هكذا يقول المنطق .
كان لي صديق مسيحي ، هاجر الى أمريكا ، وقد اتصل بي هاتفيا ، فسألته عن أوضاعه وأحواله فأجابني جوابا بليغا  (هم يحترمون الكلاب أكثر من البشر) ! ، وها أنذا أرى شبابنا يتهافتون بأستماتة على الهجرة لأمريكا بأعتبارها أرض الفرص والأحلام ، وأنا أعلم ، وانتم تعلمون ، أن المسألة أكبر من ذلك ، فلم تبقِ قنوات الـ(mbc) وإعلام (الستلايت) ، وأفلام (الموبايل) الجهنمية أي صغيرة أو كبيرة عن طبيعة هذا المجتمع المنحل ، الا أظهرته ، وكل ممنوع مرغوب ، فأنقاد لها شبابنا كالاعمى أو المنوّم مغناطيسيا ، الى حيث الجواري الحسان الرخيصات ، وفنتازيا ألف ليلة وليلة ، وعلى حد قول أحد فتياتنا (الحاجة بربع)! ، ونفس الشيء مع الكفاأت التي فرغ بلدي منها ، لتنعم بها أمريكا .
قبل أيام ، حصل شقيقي على (الفيزا) للسفر الى أمريكا لزيارة ابنه الوحيد ، وبعد 13 ساعة من الطيران المتعب ، وصل الى (شيكاغو) ، وبعد ختم الجواز وتوجهه الى بوابة الخروج ، استوقفه موظف المطار لكونه يحمل ملامح شرق أوسطية(بالنظر فقط) ، ودقق جوازه ، وقال له بأنه ممنوع من السفر بسبب تشابه أسمه مع  قاضي عراقي ! ، وبعد أخذ و رد استمر لساعتين ، أقتنع الموظف فطلب منه رفع يده للقسم ، وطلب أن يردد معه (أحلف بالله ، أني فلان أبن فلان ، لم ولن أرتكب أي فعل يتعارض مع قوانين الولايات المتحدة … الخ ) ، وختم الجواز ، واذا بالختم يعني (ممنوع) ! ، ولم يكتف بذلك ، بل أعاده الى الطيارة مع شرطيين ، وكأنه مجرم !.
أي استخفاف هذا بالبشر ، وأي أهانة تلك بالضيف ، وعلى كل حال ، هنّأتُ أخي عند عودته من أن قد يحدث الاكبر من ذلك ، فليس من البعيد أن يحبسوه في (غوانتانامو) ، وعندها لن يحرّك السيد وزير الخارجية ساكنا ، فنحن أرخص الرعايا على وجه الأرض، ممن يحملون أسوأ الجوازات ، بفضل سياسيونا!.
قبل حوالي العامين ، أرسل لي شقيقي الأخر المقيم في (فرنسا) ، مبلغ 100 يورو لشراء حاجة من الانترنيت  ، ومر شهر دون أي نتيجة ، بعدها استلم شقيقي رسالة من وزارة الخزانة الأمريكية بالتحفّظ على المال ، بسبب الشك في تشابه اسم في القائمة السوداء ! ، 100 يورو فقط ، تُرى كم تحصل أمريكا بابتزازها هذا ؟، تتصرف وكأنها وحدها فقط تمتلك الكوكب ، نصّبت نفسها شرطية على العالم وراعية للديمقراطية وحقوق الأنسان ، دون تفويض من أي طرف ، وبفضل أمريكا ، انتكست مبادئ الحرية حقوق الأنسان ، وها هي تمرفي نفق مظلم  .

أحدث المقالات

أحدث المقالات