شيء جميل ان يلتزم المواطن باللوائح والقوانين المعمول بها محليا والاجمل ان يكون المسؤول الحكومي قدوة في تطبيق القوانين فلا يوجد امام القانون امير وفقير فالكل سواسية فمثلما الامير ” المسؤول الحكومي ” له امتيازات يكون المواطن له حقوق وواجبات وحقوقه ان يحصل على ماتوفره الدولة من خدمات .. وواجباته احترام القانون وعدم التجاوز عليه .. وإشكالية احترام القانون ليست هي مثار الجدل وهي ليست جديدة أو غريبة ولا هي بمعقدة في وسائل التعرف إليها. فالقانون ينبع من مشرّعيه من ممثلي الشعب فهو يجسد رؤيتهم للحياة وتنظيمها وينبغي أنْ يمثّل العقد الاجتماعي لوجودهم الإنساني. والقانون موجود لتنظيم تفاصيل الحياة ومسار العلاقات وكفالة الحقوق والحريات وضمانها وحظر الاعتداءعليها وتحدي القانون يعني تحدي النظام القائم وبغية احترام القانون من قبل المواطن تفرض الدولة عقوبات رادعة بحق المخالفين من ضمنها فرض عقوبة السجن او الغرامة المالية التي تردع المسيئين .هذا بالنسبة للمواطن اما المسؤول الحكومي في العراق فيجد نفسه فوق مستوى الشبهات ويشعر بانه كائن بشري منزل من السماء لانقاذ مايمكن انقاذه من فوضى عارمة اصابت البلاد بعد عام 2003 بل للامعان في نشر وادامة الفوضى من خلال تحدي القوانين والقائمين على تطبيقها مثلما يحدث من فوضى خلال سير مواكب المسؤولين عكس السير مما يخلق فوضى مرورية في الشارع او الاعتداء على المواطنين والتجاوز على حقوقهم التي كفلها القانون او السفر دون رقابة على مايحمله المسؤول من حقائب قد يكون بعض ماتحويه من مواد خارج نطاق القانون .. ومصيبة المسؤول العراقي انه لايحمل بعد نظر ولم يقرأ اخلاق وسيَّر المسؤولين خلال حقبة عقد الخمسينيات من القرن الماضي ولو تمعن في قراءة هذه السيَّر لشعر بالتفاوت بين مايحمله المسؤول خلال تلك الحقبة وما يحمله هو من اخلاق ولشعر بالتفاوت في مستوى العقلية والتصرف لاحترام القانون والعناصر المكلفة بتطبيقه ومن الحكايات التي تدلل على احترام رئيس الوزراء في عهد النظام الملكي نوري سعيد للقوانين والانظمة ماحدث له في لبنان اثناء حضوره للمشاركة في احد المؤتمرات السياسية حيث مرَّ نوري سعيد باحد اسواق بيروت فشاهد احد الباعة يبيع ” النومي حامض”
في موسم لم تنزل فيه الحمضيات بعد في العراق وعُرِف عن الباشا حبه لاكل الفواكه فخطر بباله ان يشتري كمية من هذا ” النومي الحامض “وهو مافعله بالضبط فملآ الفكهاني سلة من الليمون ودفع ثمنها رئيس الوزراء واصطحبها معه في الطيارة في طريق عودته الى بغداد وما ان نزلت الطائرة في مطار المثنى وانزلوا امتعة رئيس الوزراء ونقلوها الى مأمور الكمارك ليفتشها كسائر امتعة المواطنين وما ان بدأ موظف الكمارك بتفتيشها حتى لاحظ سلة الليمون فقال ” ما هذا .. هذه السلة ممنوع دخولها حيث ممنوع استيراد الحمضيات الى العراق ” فاجابه احد اعضاء الوفد ان هذه السلة عائدة لرئيس الوزراء نوري سعيد … فاجابه ” و شنو يعني .. ممنوع استيراد الحمضيات من الخارج ” فنادى على احد عمال المطار قائلا له ” تعال ياولد خذ هذا النومي حامض وتلفه حالا ” اسرع اعضاء الوفد الى نوري سعيد ليخبروه بما ينوي عليه مأمور الكمرك ب “ليمونه الحامض “.. فهرع رئيس الوزراء بنفسه الى غرفة التفتيش فسأل موظف الكمارك بكل ادب قائلا ” ابني ليش اتريد تمنع دخول هذا النومي ” فاخبره موظف الكمارك قائلا بأن لديه تعليمات صارمة بمنع اي فاكهة من الحمضيات من دخول العرق ويشمل ذلك “النومي حامض ”
ثم شرح له السبب قائلا ” ان الحمضيات في سوريا والاردن ولبنان قد ابتليت بحشرة المن الدقيقي التي تؤدي الى تدمير الفواكه وحرصا على مصلحة المزارعين قررت مديرية الزراعة منع دخول اي فواكه حمضية من الخارج ” اجابه نوري سعيد قائلا ” ان ماجاء به من نومي لايتجاوز بضعة كيلو غرامات ولن تذهب الى السوق وانها ستستهلك في بيته للاكل ثم تحرق قشورها ” لكن موظف الكمارك لم يذعن لقول رئيس الوزراء واجابه قائلا ” اسف باشا التعليمات عندي صريحة والمسألة مهمة ويتوقف عليها مصير البرتقال والليمون العراقي لا استطيع ان استثني احد ” لم يستطع رئيس الوزراء غير ان يستسلم لقرار الموظف الذي كان بامكانه ان يطرده من وظيفته بشخطة قلم لكنه بدلا من ذلك شكره على حرصه في التمسك بالتعليمات بهذه الروحية من التعامل في تطبق القوانين والتعليمات وهي تشمل الامير والفقير بلا استثناء