كانت هناك مؤشرات تدل على تقدم العراق الواضح في مجال صناعة الكهرباء، على صعيد المنطقة، بل على مستوى العالم، وذلك بعد إنجاز العديد من محطات توليد الطاقة الكهربائية بأنواعها حيث كانت تعد من المشروعات الاستراتيجية المهمة، آنذاك، على سبيل المثال تشغيل محطة بيجي البخارية بسعة تصميمية ١٣٢٠ ميكاواط ومحطة المسيب بسعة ١٢٠٠ ميكاواط بالإضافة إلى ما تم إنجازه لعديد من المحطات الغازية الموزعة على مساحات العراق، كما أضيفت إلى المنظومة الوطنية محطات سد صدام الكهرومائية الثلاث الرئيسية والسد التنظيمي ومحطة الخزن بالضخ حيث تعد الأخيرة (الخزن بالضخ) من أنواع المحطات المتطورة وتنفرد بمواصفات تتيح لها العمل كمضخة أو مولدة وبقدرة ٢٠٠ ميكاواط، وكذلك محطة القادسية التي انشئت على سد حديثة.
أما عن حالة المنظومة الكهربائية في العراق اليوم فهي تعاني من العجز الكبير في كمية إنتاجها الوطني وتعتمد في سد جزء من هذا العجز على استيرادها للطاقة الكهربائية من إيران (عن طريق اتفاقيات هزيلة) لتغطية ما يمكن من متطلبات الأحمال، كما تعاني هذه المنظومة من حالات الضعف والاختناقات للكثير من حلقات النقل والتحويل، فهي منظومة مشوهة لا يمكنها تحقيق خدمة تجهيز مستقرة للتيار الكهربائي.
يتفق الجميع على أن الظروف الاستثنائية التي عانى من تبعاتها العراق مع بداية ثمانينيات القرن الماضي ألقت بتأثيراتها الكبيرة على إمكانات توافر متطلبات تطوير المؤسسات المختلفة حيث كانت الخسائر فادحة للكثير من المرافق العامة نتيجة حرب الثمان سنوات (الحرب التي فرضتها ايران على العراق) وما تبعها من حرب طاحنة شنت سنة ١٩٩١ التي أطلق عليها (العدوان الثلاثيني)، كما أطلق عليها اسم حرب الخليج الثانية، عندما قادت الولايات المتحدة الامريكية تحالفاً دولياً بمشاركة ثلاثين دولة كان الهدف المخفي لها هو تدمير إمكانات العراق المادية والبشرية، كانت هذه ليست بحرب المعارك الخاطفة، بل كانت حرباً مستمرة لأكثر من اثني عشر عاماً عندما فرض على العراقيين حصار خانق حرم فيها العراقيين من تأمين حاجاتهم الضرورية في الحياة، تلت هذه السنوات (سنوات الحصار الاقتصادي) أحداث المأساة الكبرى والتي بدأت منذ العشرين من مارس سنة ٢٠٠٣ عندما شنت اميركا وبمباركة بريطانية عدوانها لاحتلال العراق (خارج التوافق الدولي) والذي أحدث تراجعاً كبيراً ومستمراً الى يومنا هذا شمل جوانب الحياة المختلفة.