19 ديسمبر، 2024 12:57 ص

منظمة وطن الباسك والحرية (إيتا)

منظمة وطن الباسك والحرية (إيتا)

اقليم بلاد الباسك باللغة الباسكية Euskadi  يقع بشقيه في شمال شرق اسبانيا وجنوب غرب فرنسا،يبلغ تعداد سكان شقه الاسباني نحو مليونين و123 الفا وتبلغ مساحته7234 كيلومترا ، فيما يبلغ تعداد شقه الفرنسي نحو 250 الف نسمة . واقليم الباسك هو احد الاقاليم السبعة عشرالتي تتمتع بالحكم الذاتي في اسبانيا بينها  اثنتين من مدن الحكم الذاتي في شمال افريقيا هما سبته ومليلية المطلتين على مضيق جبل طارق وتعتبرهما المغرب جزءا من آراضيها . وعاصمة اقليم الباسك هي فيتوريا- غاستيز، وينقسم الاقليم الى ثلاث مقاطعات هي آلافا،وغيبوثكو وبيسكاي .

يمتازاقليم الباسك المتمتع بالحكم الذاتي منذ1979،بطبيعة خلابة عالية الجودة، وبمعاييرجيدة لنمط الحياة سواءمن الناحية التعليمية والصحية اومن ناحية الاسكان والرفاهية. وهو من اكثرالاقاليم الاسبانية السبعة عشر، تطورا اقتصاديا وسياحيا وصناعيا واجتماعيا،وفيه عدد من المعاهد العليا الذائعة الصيت عالمياّ. فهواحد اغنى الاقاليم في اسبانيا،إذ يبلغ معدل دخل الفرد السنوي فيه 30,680  دولارامريكي وهو معدل يفوق معدلات الدخل السنوي في العديد من الدول في الاتحاد الاوربي .

إيتا ETA ،الحروف الاولى لإسم المنظمة،وطن الباسك والحرية باللغة الباسكية ( ايسكادي تا آسكتاسونا (Euskadi Ta Askatasuna، أسسها مجموعة من الطلبة الباسكيين القوميين في جامعة مدريد بدعم من   بعض رجال الدين الكاثوليك في31 تموزعام 1959 ضد ركود الحزب القومي الباسكي وهو الحزب الحاكم اليوم في اقليم الباسك في مواجهة السياسات غيرالديمقراطية للجنرال فرانكو في الباسك  وممارسات التهميش  التي اتبعها ضد الهوية القومية للشعب الباسكي .

اتخذت المنظمة من الفاس وحوله الثعبان رمزا لها ،وتحولت الى حركة مسلحة تخوض الحرب ضد الهيمنة الاسبانية اعتبارا من عام 1968مطالبة الاستقلال لمنطقة الباسك من اسبانيا وفرنسا بالرغم من ان الشق الاسباني للمنطقة تتمتع بحكم ذاتي اوسع منذ عام 1979.وأقوى ضربة وجهتها منظمة ايتا للحكومة الاسبانية كانت اغتيالها رئيس الوزراء الاسباني لويس كاريرو بلانكو فى وسط مدريد عام 1973 .

مؤرخون معاصرون يرجعون الحركة القومية الباسكية الى مؤسس الحزب القومي الباسكي وباني الحركة القومية الباسكية الكاتب المفكرسابينو آرانا عام 1865 الذي يعتبرالاب الروحي للقومية الباسكية، فقدكان أرانا ساعيا لتوحيد الشعب الباسكي في دولة واحدة وتحت راية واحدة،ومدافعا عن استخدام اللغة الباسكية في جميع مجالات المجتمع في بلاد الباسك، واقترح كلمات جديدة لتحل محل الكلمات الاسبانية،وكان يقول أن العرق الباسكي النقي تلوث بفعل الاتصال بالعرق الاسباني،ويؤكد دائما ان العرق واللغه هما من اهم مقومات الشعب . اتهمت إسبانيا، سابينو آرانا بالخيانة لمناشدته الرئيس الامريكي تيودور روزفلت بمساعدة كوبا في الحصول على استقلالها من إسبانيا .

 

حزب بتاسونا الجناح السياسي لمنظمة وطن الباسك والحرية – ايتا – كان قبل حظر نشاطه وادراجه على اللائحة الاوربية والامريكية  ألإهابية،يحصل في الانتخابات ما بين عشرة الى عشرين في المائة من اصوات الناخبين الباسكيين .

اللغة الباسكية الاصعب والاقدم بين اللغات الاوربية بالرغم من انها واللغة الاسبانية هما اللغتان الرسميتان في اقليم الباسك ،فإن احصائية اجريت عام 1984 كشفت ان27 في المائة  فقط من الباسكيين يتكلمون بلغتهم الباسكية ، و23 في المائة منهم يفهمونها، و21 بالمائة يقراونها و10 بالمائة يجيدون كتابتها ، وهو ما يعني ان 73 من الباسكيين يتكلمون باللغة الاسبانية رغم انهم يكرهون اللغة  الاسبانية وكل ما هوإسباني  .

اقامت منظمة وطن الباسك والحرية – ايتا – علاقات تعاون وثيقة مع منظمة ايرا iRA الايرلندية الشمالية، فقد وقعت المنظمتين المتعاونتين ،اتفاقية للتعاون السياسي مع جبهة تحرير بريتون في فرنسا ، تهدف الى توحيد الخطاب السياسي للمنظمات الثلاث في اوربا وغيرها .

أبان حقبة الحرب الباردة تلقت منظمة ايتا التي تحملها الحكومة الاسبانية المسؤولية في مقتل 825 شخص مند بدءعملياتهاالمسلحة في 1968، مختلف انواع الدعم من بعض الدول كاليمن الجنوبية سابقا،والجزائر،وليبيا، ونيكاراغوا،كما انها دخلت في علاقات وثيقة مع منظمة الالوية الحمراء الايطالية والمنظمات الفلسطينية ،وتلقت الدعم ايضا من النظام السوري .وفي السبعينات من القرن الماضي تلقى عناصر منظمة وطن الباسك والحرية – ايتا – تدريبات مشتركة مع عناصر في منظمات ماركسية وشيوعية تركيةمحظورة في معسكرات منظمة الفتح الفلسطينية.

هناك من يرون وقوف فرنسا خلف منظمة ايتا وتقديمها الدعم لها منذ خمسين عاما بهدف إضعف اسبانيا وارباكها ، ويعتبرون اقامة قادة منظمة ايتا في فرنسا والدعم المالي الكبير الذي يقدمه اغنياء منطقة الباسك الفرنسية الى المنظمة في اسبانيا دليلا على وجود ندعم تقدم فرنسا  لهذه المنظمة.

 لقد حاولت قدرالامكان من خلال هذه الأسطر تقديم نبذة للقارئ التركماني الكريم عن حركة التحرر الباسكية ، وعن جغرافية وتاريخ بلاد الباسك ولغة اهلها والكفاح الذي تخوضه باسمهم منظمته ايتا ضد الهيمنة الاسبانية منذ ما يقرب من خمسة عقود.

ويتضح مما سبق ان الشعب الباسكي يخوض الكفاح في سبيل المزيد من الحرية والسيادة والانفصال من اسبانيا واقامة دولته ، وانه يساند منظمته ايتا المتعاونة مع مختلف المنظمات اليسارية وغير اليسارية في الشرق والغرب والساعية لتحقيق اماني شعب الباسك  وكسب الدعم لاستقلاله بكل الوسائل ،على الرغم من انه بحكم ذاتي واسع منذ عام 1979،وينعم بالحرية والديقراطية وحقوق الانسان ،فلا خطر يهدد لغته وتاريخه وجغرافيته ، فضلا عن ان بلاد الباسك هي الأغنى اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياحيا بين الاقاليم الاسبانية السبعة عشر.

 عندما يقارن القارئ التركماني بين وضع الشعب التركماني في العراق وبين وضع الشعب الباسكي في اقليم الباسك الاسباني، مما لاشك انه يرى فرقا شاسعا بينهما لا يقبل المقارنة ،حيث انه يرى ان شعب الباسك يعيش بفضل تمسكه بقضيته القوميه وبفضل منظمته ايتا رغد العيش معززا مكرما في بلاده ، ويتاكد ان ما آل اليه وضع الشعب التركماني منذ نشوء الدولة العراقية يرجع لافتقاره الى حركة سياسية قومية حكيمة تدافع عنه وعن قضيته وتقوده للحرية وتحقق له مطالبه وحقوقه .

 في العراق تعرض التركمان الى مجازر مروعة في كركوك عام 1959 وفي آلتون كوبري عام 1991  ومجازرعديدة بعد عام 2003 في تلعفروداقوق وآمرلي وطوزخورماتو وتازة خورماتووقرةتبة وغيرها . في العراق الاراضي والمدن التركمانية محتلة وقد يتم الحاقها في المستقبل القريب بالاقليم الكردي او بالدولة العربية السنية المرتقبة التي غدت وشيكة بعد الاحداث الاخيرة.في العراق تفتك البطالة بابناء الشعب التركماني وبالاخص خريجو الجامعات حيث ان ابواب المؤسسات والدوائر الحكومية موصدة بوجههم لكونهم غيرمنتمين لاي من الاحزاب الحاكمة او المتنفذة في بغداد او في الاقليم الكردي. في العراق التركمان لا ارض لهم تحفظ لهم كرامتهم وهويتهم القومية وتحميهم من خطرالذوبان في بوتقة القوميتين العربية والكردية. وفي العراق لا يزال التركمان يواجهون التمييز العنصري في جميع مفاصل الدولة ،وفي الانتساب الى معاهد الجيش والامن والاستخبارات .

نتائج انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة تكشف بوضوح فشل السياسات التركمانية الراهنة ومدى انزلاقها نحوالهاوية ،هذه النتيجة المخزية يجب لها ان تكون حافزا قويا يدفع التركمان وخصوصا الشباب التركماني الحريص على مستقبل قوميته ، نحو التامل والتعمق السريع في دراسة تاريخ المنظات والحركات  التحررية  في المنطقة والعالم واستننباط ما يتلاءم منها القضية التركمانية، لأن الاهداف القومية والسياسية لم يعد تحقيقها ممكنا بالاساليب القديمة وبالتمني والاستنجاد وإنما تتحقق بالنضال السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبالقوة والايمان بالقضية.

 فالمنظمات المسلحة التي كانت تعتبرارهابية بالامس،توصف اليوم بانها منظمات تحررية ،ويوصف القائمون عليها بانهم ناشطون.الم يكن الرئيس العراقي الطالباني ورئيس الاقليم الكردي البرزاني ارهابيان في نظرالنظام العراقي السابق ؟ والم يكن مانديللا ارهابيا في نظربريطانيا ومن ثم اصبح بطلا قوميا واول رئيس اسود لجمهورية جنوب افريقيا، والم يكن ياسرعرفات ارهابيا في نظر اسرائيل و اصبح فيما بعد بطلا للسلم وحائزا على جائزة نوبل للسلام ؟ وألم يكن عبدالله اوجالان ارهابيا قاتلا للاطفال في نظر حكومة حزب العدالة والتنمية التركية التي تتفاوض معه الان في نطاق مساعيها الرامية لحل المسالة الكردية؟