12 أبريل، 2024 5:47 ص
Search
Close this search box.

منظمات المجتمع المدني المهني … ومسؤولية إختيار التكنوقراط

Facebook
Twitter
LinkedIn

في دستور جمهورية العراق الصادر سنة 2005 ، الكثير من الأخطاء والهفوات أو ما سمي بالألغام السياسية وغير المهنية ، بإعتراف كتبته الميامين ؟!، فقد نصت المادة (45/أولا) منه ، على أن (( تحرص الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني ، ودعمها وتطويرها وإستقلاليتها ، بما ينسجم مع الوسائل السلمية لتحقيق الأهداف المشروعة لها ، وينظم ذلك بقانون )) ، وفي ذلك خطأ كبير ، إذ لا ينبغي أن نجعل منظمات المجتمع المدني ( مؤسسات ) ، لأن المؤسسة ( هيكل إقتصادي وإجتماعي يضم فرد أو عدة أفراد يعملون بطريقة منظمة من أجل خلق منتجات أو خدمات إلى زبائن في بيئة تنافسية أو غير تنافسية ) ، وهي بذلك تخالف مفهوم المنظمة التي يقصد بها ( مجموعة من الأفراد يتبعون منطق منظم للوصول إلى هدف محدد ) ، وعليه لا بد من توفير الغطاء القانوني لعمل المنظمات على وفق معايير مهنية محددة ، تنسجم مع الوسائل السلمية لتحقيق أهدافها المشروعة ، على أن لا يكون دعم الحكومة لها منفذا للسيطرة عليها ، أو أن تكون أداة طيعة بيد سلطاتها ، بإبعادها عن جوهر أسس تكوينها ، وإذا كان إنخفاض نسبة الفعاليات والمساهمات التطوعية وضعف ومحدودية تأثيرها في المجتمع ، نابع من غياب الوعي بأهمية العمل التطوعي في المجتمعات بشكل عام وخاصة في دول العالم الثالث ومن ضمنها العراق ، فإن وجوب تفعيل وتعزيز العمل التطوعي وتوسيع آفاقه ، إنطلاقا من أن تكون النقابات والإتحادات والأحزاب والتنظيمات السياسية والمكونات العشائرية من منظمات المجتمع المدني ، وإذا كان الخوف من إحتمال وصول الأحزاب السياسية إلى السلطة والحكم أو المشاركة أو المساهمة فيها بأي شكل كان ، سعيا منها لتحقيق أهدافها السياسية من خلالها ، وأن ذلك يتناقض ويتقاطع مع مباديء وشروط وأهداف منظمات المجتمع المدني ، ولا يستقيم أو يتناغم مع الصفات الأساسية لها ، فان قطع صلات الأحزاب بمنظمات المجتمع المدني في هذه الحالة ، وعدم السماح لأي سياسي أو موظف حكومي من العمل في صفوفها بأي شكل أو أية صفة كانت ، كفيل بوضع فواصل العمل وموانعه من الإنتقال غير المتناسب أو المتجانس بينهما ، مع إعطاء الفرصة للمتطوعين في تنمية القدرات الذاتية في القيادة الإدارية وصنع القرار ، وتشجيعهم على العطاء والتميز والإبداع في التخطيط والتنفيذ ، والإستمرار في عملهم من خلال مساهماتهم في التدريب والإستشارة العلمية والعملية لدوائر الدولة والقطاع العام ، وبذلك نضمن الإفادة من كفاءة وخبرة العاملين في منظمات المجتمع المدني المهني ، في تطوير ورفع كفاءة العاملين في دوائر وأجهزة ومؤسسات الدولة ، وبذات الوقت نكون قد أعددنا قادة مهنيون أكفاء لإدارة شؤون الدولة ، يستطيع المكلف بتشكيل الوزارة من الإستعانة بهم ، بواسطة الطلب من منظمات المجتمع المدني المهني وحسب الإختصاص ، تسمية المؤهل لإشغال أي منصب في الدولة ، مع تحميلها مسؤولية الفشل والفساد الإداري والمالي إن حصل بسبب أو نتيجة إختيارها لمرشحها ، وبذلك نكون قد أمنا طريق إختيار التكنوقراط بعيدا عن أساليب ووسائل الأحزاب السياسية غير المنتجة في هذا المجال .

وكذلك الحال فيما وجدنا عليه نص المادة (45/ثانيا) من الدستور ، من أن ( تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية ، وتهتم بشؤونها بما ينسجم مع الدين والقانون ، وتعزز قيمها الإنسانية النبيلة ، بما يساهم في تطوير المجتمع ، وتمنع الأعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الإنسان ) . ولأن حرص الدولة على تفعيل كل ما تقدم ، لم يأت بالنفع العام ، لإختلاف وجهات النظر من حيث ما كان مألوفا وما يتوجب العمل به حاليا ، حين كانت أهمية العشائر في تأمين الحماية الذاتية عند غياب دور الدولة أو ضعف علاقتها التنظيمية مع الشعب ، منطلقا فاعلا ومنتجا غير معتد ولا آثم ولا ضار ، عندها كانت العشائر أقوى من الدولة ومؤسسات سلطاتها ، لغلبة أحكام أعرافها على القانون عند حل المنازعات بالعدل والإحسان ، المانعة من نفاذ سيطرة وغلبة سلطة الدولة على واقع ومجريات أحداث الحياة العامة ، ولكن ليس إلى الحد الذي تجاوزت فيه يد المطالبات العشائرية حدود اللامعقول ، خاصة عند مطالبة الأطباء بأداء دية المتوفى منهم في المستشفيات ، والتي كانت من أسباب هجرة الأطباء إلى خارج العراق ، ونتيجة حتمية لما يتعرضون له من إهانة وإبتزاز مادي يتنافى مع أبسط قيم ومبادئ الدين والقانون وحقوق الإنسان ، أو أخذ الدية في حالات الضرر اللاحق بأبنائهم وإن كانوا من المذنبين المقترفين للجنح والجنايات ، أو صناعة الحوادث والأحداث المساعدة على طلب الدية بالإحتيال ونصب الفخاخ ، ولا ندري عن أي إنسجام ذلك الذي يتحدث عنه الدستور ، فيما يتعلق بحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر العراقية والإهتمام بشؤونها ، بعدما إستخدم بعض أفرادها أو أسرها أو عوائلها ، عناصر تفريق جمعها وتقطيع أوصالها وتقسيم أجزائها ، وإذا كانت تلك الكيانات مجبولة على الفطرة منذ نشأتها ، في إصلاح ذات البين ومد يد العون وحل المشاكل والخلافات الناشئة فيما بين أبنائها ، أو تلك التي تحصل مع مثيلاتها ، فإنها اليوم بين سندان طمع بعض أفرادها ومطارق السلطات الحاكمة وأحزابها ، حتى دب فيها وبين أوصالها ما لا يرجى منها ، لتأخذ الإنتهازية السياسية والتوجهات المذهبية من جرف شواطئها رملا تذر به العيون ، التي لم تكن ترى غير فضائل الكرم والجود فخرا ، وحبا في التسامح والعفو والتضحية ، التي أضاعها ( شيوخ التسعينيات والصدفة قبل وبعد الإحتلال ) ، المتكالبين على تحقيق مآربهم الشخصية ، بدلا من السعي لأن تكون مجالس العشائر من منظمات المجتمع المدني ، التي تلد أرحامها ما تحتاج إليه الأيام في يسرها وعسرها ، من الرجال والنساء على حد سواء ، وبدلا من الصراعات الدموية التي ذاع صيتها ، أو تلك التي إرتضت التدخل في الشأن السياسي المتعارض مع نواميسها .

إن تشريع قانون المنظمات غير الحكومية رقم (12) لسنة 2010 ، لغرض تأمين تأسيسها والإنضمام إليها وتسجيلها رسميا ، وكذلك قانون الأحزاب السياسية رقم (36) في 17/9/2015 ، الذي نرى إجمالا ومن خلال خلاصة البحث والدراسة ، التوصية في دمج القانونين المذكورين في قانون واحد يعنى بنشاطاتهما تحت مسمى ( قانون منظمات المجتمع المدني المهني ) ، ليكون البديل المناسب لهما ، لثبوت فشل النقابات والإتحادات والأحزاب السياسية والمجالس العشائرية في المساهمة الفاعلة في البناء والتطور والإزدهار المهني والمجتمعي على مدى قرن من الزمن ؟!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب