الموضع نقد لآيديولوجية خطاب الكراهية والتعيم في مقالة الخيون.
إسم مقالتة.. (( داعش.. للثقافة الدِّينية فعلها )). نشرت في صوت العراق.
تحية.
في بداية قراءتي لمقالتك، ظننت أنني سأجد الكاتب الموضوعي المدرك لبوابات الإنحرافات في أساسات الفقه الديني للمذاهب الإسلامية، إنطلاقاُ من النصوص القرآنية، ولكن ثقافة المقال أثبتت العكس وخيبت ظني بك. والدليل هو طرحك للمماثلة الظالمة بين ثقافتان أحدهما نعرفها وهم الدواعش والأخرى لم تبوح بأسمائها فعرَّجت هرباً الى الخوارج لتنقل القاريء الى صور التماثل في التفاني والإخلاص الديني، المتقارية بين الخوارج والدواعش، فإختل ميزان المماثلة الثقافية الدينية في مقالتك!.
إن البناء على معيار المقارنة التدينية بين الفرق والجماعات المتدينة الماضية والدواعش لتبدو للقاريء وكأن كلاهما نهل من ذات الثقافة الدينية القرآنية المحمدية، ومنه ليحق التماثل التديني النظري والعملي، أي أن لافرق بينهما، فكلاهما منبعهما الدين ويقتل بإسم الدين، من أثر النصوص القرآنية، ثم تتحفز للدفاع إذا ماحل إعتراض ونقد لهذه المقارنة فتقول:(قد يُعتَرض علينا عندما نقول: إن تلك الجماعات والشَّخصيات، مِن الثَّائرين أو الحاكمين، ممَن أسرفوا في الدِّماء، كانوا متدينين يقومون اللَّيل ويقرأون القرآن، جادين في عباداتهم ومعاملاتهم. فلم يرائ الخوارج في مبالغاتهم بالنَّزاهة، مثلما ليس لأحد أن ينكر على «داعش» تدينهم وتفانيهم في الدِّين).
هل الخوارج هم كل تلكم الجماعات وهم كل الثقافة الدينية لنقارن مبالغة نزاهتهم بتدين داعش؟
أين الموضوعية في التحليل والمقارنة والتشخيص ؟ تقول: ( عندما تعلق أمر الدِّين في الخصم، وقيس الإيمان على أساس ذلك، جاؤوا بالصَّحابي عبد الله بن خباب بن الأرت (قُتل 37ه)، وكانت امرأته حُبلى مشارفة على الوضع «فأضجعوه فذبحوه وسال دمه في الماء، وأقبلوا على المرأة.. فبقروا بطنها» (الطبري، تاريخ الأمم والملوك).
فهل الإمام علي فعل مثل هذا؟ أو عمر بن عبد العزيز، أو الحسين أو الحسن أوالدين الإسلامي يأمر بهذا لطالما الثقافة الدينية المستسقات من النصوص القرآنية هي واحدة والدين واحد؟
لماذا لم يتجرأ الأمام علي على فعل مثل هذا؟ وهل سيحكم بذات الحكم لو كان هو الحاكم؟ ماهي مدرسة الإمام علي الثقافية وهل للقرآن والرسول أثر في هذا؟
الموضوعية الخيونية ومعياره، هو جدية التدين بما تجسده مظاهر الصوم والصلاة والحج والزهد وشواهد قصصية من هنا وهناك.
خلاصة مبتغاك ومنطقك، هو أن صحة الإفعال معيارها الزهد والمبالغة في التدين لآنه هو المعيار الذي يشرعن الإسراف في القتل والذي مثلَّته الشخصيات الثائرة الحاكمة المتدينة المتفانية في الدين كما هي شخصيات الدواعش اليوم المتدينة، فكان معيار مقالك، حسب قولك ( ليس لأحد أن ينكر على «داعش» تدينهم وتفانيهم في الدِّين).
الموضوعية تتطلب دعم هذه المماثلة، بذكر أسماء تلكم الشخصيات التاريخية الثائرة الزاهدة المتدينة التي أسرفت بالقتل، لآن ذكرها يكمل الصورة لمنطق الحكم بالتماثل الذي تود إبلاغنا وإقناعنا به! فمن حقنا الإطلاع عليها لتصديق المماثلة. وكما يقال وبالمثال يستقيم المقال! أليس كذلك؟
إذن دين الدواعش هو الدين الإسلامي بالعموم كما يريد أن يوصمه الخيون، وهذا ما أخل بتوازن منطق مقالة الخيون وأخرجها عن جادة التناغم في الطرح المعقول. قال: (( لا أعتقد أن هناك وقتاً كان المسلمون فيه بحاجة إلى مراجعة الثقافة الدِّينية مثل هذا الوقت، لم يصل الأمر إلى ما هو عليه لولا توظيف الدين في تبرير كل قضية مجتمعية، صغيرة كانت أو كبيرة. إنتهى)).
المسلمون كل المسلمون ؟ لماذا تخاطب كل المسلمون يا أستاذ خيون؟
لقد نسي الخيون أنه قال في بداية مقالته (لاشك فإن داعش متطرفون).
ثم تعود لتقول.. في إخراجهم من الدين…(لا نجد موضوعية في هذا التَّفسير الذي يحاول إبعادها عن كونها جماعة إسلامية. بل إنه دعائي أكثر منه واقعي). وهذا إتهام خطير وتعميم على داعشية الدين بالتمام والكمال، ولكن يا أستاذ خيون، لم وصفتهم بالمتطرفون أهو وصف دعائي أكثر منه واقعي أم أن حقيقة تفكيرك وحكمك أن كل المسلمون في الحقيقة داعشيون؟.
ماتقدمه دولة داعش أو تستعرضه هو لايرضى به المعتدلون الذين ميزتهم أنت بقولك ـ لاشك فإن داعش متطرفون ـ وبما أن ثقافتهم إسلامية وخطابك لعموم المسلمون ولثقافتهم التي هي بحاجة الى مراجعة، فالمتطرفون هم كل المسلمون . ولكن بالله عليك يا إستاذ خيون! كيف علمت واستنتجت إنهم متطرفون؟ وهل هنالك ثقافة دينية إسلامية في علمك للمعتدلون؟ لآنك أنت من وصمهم بالمتطرفون، وهذه لغة لها منطق مفهوم. ترى ما هي نسبة المعتدلون المتدينون الى الدواعش لنلمس جديتك في الطرح الموضوعي وانك تميز بين ثقافة متطرفون ومعتدلون؟
يبدو أن أيديولوجية الكراهية للدين الإسلامي بالذات طغت على الموضوعية في البحث لتصبح هي بذاتها الدين! وهذه الكراهية علاجها عندي وإسمه أنتِبايتِكْ الحكيم.