23 ديسمبر، 2024 11:30 ص

منصب رئيس الوزراء.. وبدء مرحلة ( كسر العظم ) !!

منصب رئيس الوزراء.. وبدء مرحلة ( كسر العظم ) !!

يعد إختيار رئيس الوزراء في العراق من أصعب الأمور التي تواجه الكتل السياسية مجتمعة، فهي أمام امتحان خطير، يتعلق بمصالحها هي في المقام الأول، ولن تكون مصلحة العراق هي الحاضرة أبدا، وتتصارع قوى وكتل سياسية من أطراف مختلفة ، ويكاد يصل الإصطراع بين كل هذه الكتل والقوى السياسية التي لكل منها توجهات متعارضة وتصل الى حد ( كسر العظم ) بينها، بحيث يجعل أمر إختيار رئيس الوزراء الجديد، من أكثر الأمور تعقيدا وأكثرها إحراجا للكتل ولمستقبلها السياسي.
ويروي مختصون بالشأن السياسي جملة أسباب وذرائع تحول دون قدرة الكتل السياسية على التوافق على ( مرشح مقبول ) يمكن ان تجمع عليه كل الكتل السياسيةوبخاصة الاكراد والمكون السني ، ما يتطلب الأمر من أئتلاف دولة القانون الذي يريد فرض وجهة نظره على الاخرين بالترغيب  أو بالإكراه، أن أمر اختيار رئيس الوزراء ( شبه محسوم ) من وجهة نظر أطراف داخل دولة القانون، وانه لا ( بديل ) لديها سوى رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي.
وأطراف أخرى داخل التحالف الوطني ، وبخاصة إئتلافي المواطن والاحرار ، ترى ان ائتلاف دولة القانون ليس بمقدوره ان يرغم الاطراف السياسية المختلفة على القبول بوجهة نظره، لأن هناك من الكتل السياسية من خارج التحالف الوطني ممن لديها اعتراضات على تولي المالكي للولاية الثالثة وتعده ( خطا أحمر ) لايمكن القبول منها، وهي تسرد جملة ( تبريرات ) ترى فيها بعض أطراف التحالف الوطني فرصتها لتطرح هي ( البديل ) من وجهة نظرها ، أي من داخل التحالف الوطني سواء من كتلة المواطن او من كتلة الاحرار ، وهناك أسماء مرشحة بعضها تم الإعلان عنه، وأسماء أخرى ( متداولة ) لكنها لم تطرح رسميا على مراكز القرار داخل التحالف الوطني، وما زالت مرحلة ( جس النبض )  هي الغالبة، وهناك أطراف داخل التحالف الوطني تبدو وكأنها ( تستحي ) أن تطرح ( البديل ) أو ان تتوافق مع رغبات كتلة القانون من انها هي المؤهلة للحصول على هذا المنصب، وتركز كل جهدها على تسويق نظرية ( حكم الأغلبية ) ، في حين لاترى كتلتي المواطن والتيار الصدري ان ( حكم الأغلبية ) سيمكن التحالف الوطني من اختيار رئيس الوزراء  وان حكم ( شراكة الاقوياء ) الذي طرحه رئيس المجلس الأعلى عمار الحكيم يبقى هو ( الخيار المفضل ) والذي تردد مضامينه أغلب الكتل السياسية عدا ائتلاف دولة القانون.
ويستغرب اطراف التحالف الوطني وبخاصة المجلس الأعلى وكتلة الاحرار من إستمرار تركيز ائتلاف دولة القانون على نظام ( حكم الأغلبية ) وتعده مدخلا الى تقسيم العراق والى اهمال شرائح ومكونات عراقية ينبغي إشراكها في ( سلطة القرار )، وبخاصة اطراف متحدون والوطنية والعربية ومن مكونات صغيرة تريد لها تمثيلا يعبر عن مكوناتها داخل الحكومة او البرلمان العراقي، كما ان كتلتي المواطن والأحرار ترى نفسها ( مهمشة ) هي الأخرى وانه ليس لديها ( سلطة إتخاذ القرار ) في الحكومة.
وتشير مصادر سياسية الى ان المالكي ما يزال يرى نفسه انه القادر على تحقيق النصاب القانوني في البرلمان من خلال ( تحالفات ) يسعى باتجاه توسيع نطاقها مع أطراف في ( المكون السني ) وكذلك ( الاكراد ) لاستمالتها الى جانبه وكسب ودها من خلال إغرائها بمناصب مهمة، وهناك اطراف داخل هذه الكتل من خارج التحالف الوطني بدأت باجراء ( مشاورات ) مع المالكي للسير في هذا الإتجاه وبخاصة جماعة الشيخ أبو ريشة وسعدون الدليمي وجماعة محمد الكربولي وسليم الجبوري ، المتهمة بـ ( الخروج ) على مطالب الاطراف المحسوبة على المكون ( السني ) ، وقيامها بإجراء مشاورات ( علنية ) وأخرى من خلف الكوليس للسير بهذا الاتجاه، كما ان ( الحزب الاسلامي ) بزعامة أياد السامرائي لاينكر انه ينوي تأييد حكومة الأغلبية السياسية التي يطالب بها المالكي، من اجل ان يحظى  جماعة الحزب الإسلامي  بـ ( مكاسب سلطة ) يحاول المالكي استدراجهم مع كتل صغيرة داخل مكونهم لاحداث ( انشقاقات ) داخلهم على أمل انه يكون بمقدوره اقناع اطراف التحالف الوطني بأن ( جرفهم ) بدأ يتآكل ، وانه حتى  اطراف المكون السني بدأت وقد تكونت لديها ( ارادات جديدة ) تتعارض ورغبة كتلهم السياسية ، ما ييسر على المالكي ان اتسع نطاق هذه ( الانشقاقات ) ان يسهل له الحصول على الولاية الثالثة.
ومع هذا لن يكون إختيار رئيس للوزراء مهمة سهلة، وستأخذ وقتا طويلا هذه المرة، ويجد المالكي ان بإمكانه إقامة ( حكومة وحدة وطنية ) تجمع أطراف مختلفة، شرط ان تتوافق مع رغباته بأن تتحمل مسؤولية أي ( إخفاق ) يحدث مستقبلا، وان ( مشاركتها )  سوف لن تكون على شاكلة مشاركاتها السابقة، بلا ان تتحمل مع المالكي مسؤولية ما يتعرض له العراق من مشكلات وأزمات، يرى في ( حكومة الشراكة ) علامة لايمكن أن تبشر بخير، حتى وان كان رئيسها نوري المالكي، إذ سيشعر انه سيبقى ( مكتوف الأيدي ) ليس بمقدوره ان يرسم خططه على هواه، واذا ما تعقدت الامور الى الدرجة التي يشعر فيها المالكي ان الطرق كلها ( موصدة ) بوجه قبوله للولاية الثالثة، فان احتمالات السير بالعراق الى المجهول تبقى ( واردة ) ولا يخفي الاميركان عبر صحافتهم ورود فعل مسؤوليهم من أن العراق قد يسير مرة أخرى بإتجاه ( الحرب الأهلية ) إن بقيت الأمور تأخذ شكل الإصطراع الدامي، بسسب إختلافهم على من يتولى قيادة البلد للمرحلة المقبلة.