باشرت وزارة التعليم العالي في توزيع منحة الطلبة الجامعيين التي اقرها مجلس النواب في العام الماضي، وهي خطوة جيدة لمساعدة الطلبة في تلبية احتياجات الدراسة وإعانة أهلهم على المصاريف التي يتكبدونها جراء دراسة أبناءهم، لكن هذه العملية تم تقييدها بشمول الطلبة من ذوي الدخل المحدود حصرا ً، وهي عبارة مطاطة ويصعب تحديد معيار لفرز هؤلاء الطلبة عن غيرهم، وقد وضعت الوزارة معيارا ً لعملية الفرز وهو ان يكون الطالب المشمول منتميا ً الى عائلة لا يتجاوز دخل الفرد الواحد فيها 150,000 شهريا، أي ان العائلة ذات الخمسة أفراد لا يتجاوز دخلها 750,000 والعائلة ذات العشرة أفراد لا يتجاوز دخلها 1,500,000 وقد طلبوا ان يثبت الطالب مقدار دخل عائلته من خلال تأييد دائرة والدته او والده اذا كان احدهما او كليهما موظف وان يرفق البطاقة التموينية لاحتساب دخل الفرد بقسمة الدخل على عدد الأفراد، وهذا التقييد باعتقادي غير منصف ويربك عملية التوزيع لأكثر من سبب:
1- ان الدخل المحدد أعلاه كحد فاصل قليل ولا يمكن اعتبار من يكسبه من ذوي الدخل العالي حتى يحرم أبناءه الطلبة من هذه المنحة، فهو لا يكاد يسد الحاجات الأساسية للعائلة فضلا ً عن الحاجات الأخرى المتجددة والمتغيرة وما أكثرها في حياتنا.
2- ان هذا القيد سيطبق على من كان احد والديه أو كليهما موظف لأنه يمكن معرفة دخله الشهري من خلال مقدار الراتب الذي سيذكر في كتاب التأييد بينما لا يمكن تحديد دخل من كان والده كاسبا ً (إلا إذا أرسلت الوزارة لجنة للتقصي عن مقدار كسبه في مكان عمله!!!!!!) وهذا ما سيدفع أبناء غير الموظفين الى كتابة مقدار دخل اقل من الحد الفاصل لكي يشمل بالمنحة وهو يعلم ان الأمر لا يمكن ان يُكتشف من قبل الجهات الرسمية بينما لا يستطيع أبناء الموظفين ذلك لان لديهم كتب رسمية، وهذا عدم إنصاف خصوصا ً أذا علمنا ان بعض الكسبة قد يكونوا تجارا ً ويعادل ما يكسبونه باليوم ما يتقاضاه الموظف في شهر كامل، وعندئذ سيشمل ابن التاجر المترف بالمنحة بينما يُحرم منها ابن الموظف الذي قد يسكن بالإيجار ويستدين نهاية الشهر لسد مصاريفه.
3- ان هذا القيد سيدفع بعض الطلبة الى عدم ذكر الحقيقة في حالة الدخل الشهري لعائلته فأما انه يسجل مقدار غير صحيح لذلك الدخل او ينكر أن والده موظف أو يذكر الراتب الاسمي لوالده بدل الراتب الكلي الى غيرها من الأمور التي يحاول من خلالها الطالب أن يُشمل بالمنحة، وقد يكون الطالب معذور في ذلك وهو يرى من هو أحسن حالا ً منه يشمل في حين يحرم هو مع حاجته لها، وهذه حالة سلبية كان على الوزارة تجنب إقحام الطلبة فيها.
4- إن هذا الأمر يحتاج الى جهود إدارية مضاعفة من قبل إدارات الكلية لملأ استمارات التقديم وإرفاق المستمسكات وجلب التأييدات وتدقيق الأوليات والأرقام للتأكد من شمول الطالب وفق ذلك المعيار ومتابعة اكمالها من قبل الطلبة ومن ثم مصادقات شعب التسجيل والقانونية والإدارية ورفعها إلى رئاسة الجامعة، وهو روتين لا داعي له يرهق الكادر التدريسي والطلبة ويعقد ويؤخر عملية الصرف.
بناء على ذلك نوجه الدعوة إلى وزارة التعليم العالي وأعضاء مجلس النواب وبالخصوص لجنة التربية والتعليم للسعي لرفع هذا القيد وشمول جميع الطلبة بالمنحة من اجل تحقيق العدالة وإعانتهم على معاناة الدراسة وتخفيف الإجراءات وسرعة الصرف.
وفق الله طلبتنا الأعزاء في دراستهم ورزقهم الهمة في تحصيل الدرجات العلمية الرفيعة انه ولي التوفيق