بينما انت تسير في عراق ما بعد التغيير وبعد ان تكسر كرسي الدكتاتورية وانهارت السلطات المتوحدة في شخص القائد الضرورة وظهور التعددية والتكاثرية والتولدية في الكراسي والمناصب والمسؤوليات و الامتيازات طفحت على جدران و حيطان شوارعنا ( التي تعاني من عدم وجود الحفر والطسات فيها ) ظاهرة جديدة لم يألفها العراقيون من قبل فقد جاءت متزامنة مع ظهور الجيل الجديد من السادة المسؤولين يتميزون بخدماتهم التي غرق العراقيون في بحورها المتلاطمة وأزكمت أنوفهم روائح الهدايا المسلفنة للمنجزات المتعفنة من كثرتها , ولان العراقيين لم يتعودوا على مثل هذه الخدمات التي لم تصل اليها كل البلدان المجاورة وغير المجاورة فهي خدمات عابرة للقارات وللمحيطات حتى جعلت سكان أوربا وأمريكا يحسدوننا عليها ويتمنون علينا أن نعيرهم مسؤولينا لبعض الوقت على نحو الاعارة لموسم واحد قابل للتجديد ليتذوقوا طعم النعمة التي نعيشها وننعم بظلالها, إنها ظاهرة منجزات الحيطان التي تنفرد بها حيطاننا المخبوصة بلافتات الشكر والحمد و الممنونية للسيد المسؤول الذي تفضل علينا بتقديم الخدمات فهنا شارع تبلط ( ولله الحمد ) وهناك عمود نصب !!!!! وهناك حفرة طمرت ؟؟
(حفرها مسؤول سابق ) فغزت لافتات الشكر والحمد للمسؤول والوزير والبرلماني والمدير وعضو …. كل جدران عراقنا البائسة, و رغم أن اللافتة ذيلت بتوقيع (مجموعة من المواطنين ) الا أن هناك إشاعات تقول أن من يرفع هذه اللافتات هو المسؤول (المشكور ) نفسه أو شخص تابع له و لكن طبعاً لا يجب أن نصدق كل ما يقال و خاصة الاشاعات المغرضة التي تحاول المساس بالسادة المسؤولين … ولكن بعض البطرانين كانوا يتساءلون عندما يقرأون مثل هذه اللافتات : اليس ما يقوم به هذا المسؤول هو واجبه ويتقاضى عليه رواتب ( دسمة ) وأرقام فلكية وأمتيازات كبيرة وما يقدمه السيد المسؤول ادام الله بقاءه في كرسيه ليس فضلاً منه أو منة ولكن كما قلنا هولاء من صنف البطرانين الذي يأبى الانقراض رغم عوامل البؤس المحيطة بهم , أو ربما أن العقلية العراقية تعودت تقديم الشكر لمن يقدم لهم اي شيء امتثالاً للاية الكريمة ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) فهذا الشكر هو طمع بالمزيد من الخدمات رغم أن الاية القرآنية أختصت بالله عز وجل ولكن البعض يؤمن بتعدد الارباب ووحدة الاله ,وما نخشاه ان يزداد عدد المسؤولين علينا و طبعاً ستزداد هذه الظاهرة في الايام القادمة لدخولنا معترك و حلبة الصراع الانتخابي فهناك الكثير من المشاريع أجل أفتتاحها لتتزامن مع قرب يوم الانتخابات ولتدخل في المزايدات ولافتات الشكر للمسؤولين جاهزة و مخطوطة و قابعة في الادراج تنتظر الفرج، والحيطان مهيأة تقول لها هيت لك فقد باتت جزء لا يتجزء من الحملات الانتخابية, وأخيراً أنا أنصح السادة المسؤولين في كل مكان ان يعلقوا لافتات يشكرون فيها المواطن لانه مازال يتنفس … و دمتم سالمين.